في الحلقات الماضية ذكرنا بعض الجوانب المشرقة في العلاقات الحميمة بين بلدينا وشعبينا، ولعل من أكثر تلك الجوانب إشراقاً سفارتنا في العاصمة الأردنية (عمان)، فهي على صعيد الدبلوماسية الرسمية، تعد من أنشط البعثات الدبلوماسية هناك، ولعل هذا ناجم عن طبيعة العلاقات بين البلدين الشقيقين نفسها، وربما تكون طبيعة تلك العلاقات هي الناجمة عن نشاط سفارتنا هناك، واستجابات قيادات الأردن الشقيقة معها ، وأياً كان الأمر، فإن لنا أن نؤكد تأكيداً قاطعاً على أن سفارتنا في عمان لها أثرها الواضح، وتأثيرها الفعال في ترسيخ حميمية العلاقات بين بلدينا الشقيقين. ولعل من أسباب وعوامل فاعلية سفارتنا هناك، وعلى الرغم من أنها أشبه بخلية لا يهدأ لها نشاط، إلا أن المراقب الحصيف يلاحظ بوضوح ذلك الإنسجام العميق والملموس بين أفراد طاقم هذه السفارة على وجه الخصوص، وذلك على الرغم من التراتبية المعروفة في كل السفارات، وعلى الرغم من إختلاف الوظائف، فهم يعملون بروح الفريق المتامسك بقيادة سعادة السفيرعثمان نافع، الذي رضع من ثدي الدبلوماسية الدولية عشرات السنين ثم تولى رئاسة المراسم وبعدها رئاسة الإدارة السياسية بالقصر الرئاسي، وفي هذه الفترة كانت علاقتي معه حيث اكتسشفت أنه كان بالنسبة لي الكنز المفقود خُلقاً وأخلاقاً ومهنيةً ودبلوماسيةً، حيث تزامنا في كثير من الرحلات الخارجية التى رافقتُ فيها فخامة رئيس الجمهورية، ولي مع السفير نافع ذكريات طيبة وجميلة ستجد طريقها ضمن مذكراتي، في بلاط صاحبة الجلالة. وفي هذا المقام كان لابد لي أن أقدم التحية والتقدير لكل أركان السفارة الآخرين ، وفي مقدمتهم الأخ الوزير المفوض ياسر صديق، والأخ الإعلامي النابه ، والقدير عادل عبد الرحمن والأخ اللواء محمد الطيب أبو قرون، والملحق العسكري الأخ العميد إبراهيم عمر البطحاني ، والأخ العزيز زكريا محمد يوسف ، وبقية الاخوة الذين يمثلون القوى المساندة للإدارة والمال بالسفارة والذين أحاطونا بكامل رعايتهم، وهم يزوروننا بالمستشفى ويقدمون لنا المساعدات. ومن جانب آخر نجد أن علاقات السفارة (البينية) إن جاز التعبير، ونعني علاقاتها بالبعثات الدبلوماسية الاخرى لدى الاردن، وخاصة بعثات البلدان الشقيقة والصديقة، حيث نجد أن لسفارتنا هناك شبكة واسعة في هذا الإطار، ولذلك فهي تحظى بالإحترام والتقدير من جانب مكونات الساحة الدبلوماسية في عمان. وعلى الرغم من الصفة الرسمية لسفارة السودان في الاردن الشقيقة، إلا أنها تقوم أيضاً بدورٍ كبيرٍ في إطار الدبلوماسية الشعبية، حيث نجد أنها تمثل حضوراً قوياً، في مجمل الحراك الاردني الشعبي في كل نواحيه ومناحيه، حيث يمتد هذا الحضور إلى المناسبات الدينية والوطنية والاجتماعية والفكرية والثقافية والفنية والرياضية.. الخ، ولا غرو فإن المجتمعين السوداني والاردني يتماثلان في الكثير من جوانب الحياة المختلفة، خاصةً في ظل القواسم المشتركة المتمثلة في الدين الاسلامي، واللغة العربية، والثقافة المستمدة من نفس القيم والمثل، بالإضافة إلى تشابه العادات والتقاليد. أما بالنسبة للسودانيين المقيمين بالاردن لسبب العمل أو الدراسة، كما بالنسبة للسودانيين الزائرين للاردن لسبب التطبيب أو السياحة أو المشاركة في أية فعاليات مشتركة يقيمها الشعبان، فإن نشاط السفارة الديناميكي يتجلى بوضوحٍ في رعاية المقيم والزائر، ولا يقتصر الأمر هنا على مجرد السلاسة في تقديم الخدمات القنصلية، وإنما يمتد الأمر إلى التوجيه والنصح والإرشاد وما يرتبط بذلك من عون عملى، ومساعدة فعالة وخدمات لا يرجون منها أجراً ولا شكورًا، وفي هذا الإطار تجد من جانبهم معاملة في غاية الرقي حتى لكأنك أنت الذي تتفضل عليهم بذلك. وفي ذات الإطار يولي طاقم السفارة إهتماماً عظيماً لمشاكل السودانيين هناك، ويعملون على حلها بهمةٍ عاليةٍ وصدق لا يُدانيه صدق، بل ويتولون حل هذه المشاكل، وكأنما هي مشاكلهم هم، وهذا ما يُفَسِّر حبل الود الوثيق الذي يربط ما بين السوداني، وسفارته في الاردن، وفي ختام هذا الحديث عن العلاقات السودانية الاردنية نزجي أعظم التحايا، وأكبر التقدير، وأمثل الاحترام لطاقم سفارتنا في عمان، وعلى رأسه سعادة السفير عثمان نافع، وأركان السفارة وكل العاملين بها، فقد أثلجوا صدورنا وجعلوا ألسنتنا رطبةً بالثناء الواجب لهم.