لا ترضى الديموقراطية والحرية وقمع الديكتاتورية مهراً سوى الدماء وأرواح الشهداء، وحتى الأبرياء قرابين «قد تقبلهم أو ترفضهم ليروحوا شمار في مرقة أحلام التغيير..» علت الأصوات في مصر وزُلزلت أركان الحكم.. وسُلمت فلول النظام لمحاكمة فريدة في تاريخ الحكومات، لازالت فصولها جارية... وتضامن الجيش مع الشعب.. ومال حيث تميل الدفة.. وركب الموجة خوفاً من الغرق بعد الهدير الصاخب لحلوق جفت من الشقاء والتعب، وفساد أزكمت رائحته الأنوف، وامبراطوريات عظيمة نهضت على أشلاء البسطاء والفلاحين والعمال والمهمشين الحرافيش..! قال الشعب المصري كلمته ورمى بياضه، وبدأت ثمار غضبته تؤتي أكلها، لولا أنه تمادى في مطالبه، فضاعت هويته وطمست أهدافه، فما عاد يفرق بين «ما يريد ومالايريد».. لقد اغتر الشعب المصري بنجاح «ثورته»، ولم يستثمر هذا النجاح بحكمة وعقل... بعد أن وجد كثيراً من «الدهماء» فرصتهم لتمرير أجندتهم الخفية تحت ستار الديموقراطية...«والحكم للشعب»...!! وكثر الطبل والزمر «فلا راعي مسئول عن الرعية» ولو بصورة مؤقتة حتى تجمع الصفوف وتجرى الانتخابات... حرة ونزيهة...!!! إن الشعوب أحياناً تسعى إلى حتفها بالفرقة والشتات، وصوت السلاح والبلطجة، وشهوة السلطة.. عندها يسكت العقل والمنطق، ويغيب الوطن والغيرة عليه في أتون المعارك الشخصية... فيجد المتربصون الفرصة للإنقضاض على المائدة العامرة بالتنافر والتضاد... الأحزاب في مصر تعيش الآن صراع السلطة، واعتلاء المناصب والحصول على الامتيازات... والوطن آخر الاهتمامات... زاوية أخيرة: وماذا بعد يا مصر.. يا أخت بلادي ياشقيقة... يا رياضاً عذبة النبع وريقة؟ننتظر ما تسفر عنه الأيام عسى أن تنهض حضارة الاهرامات من كبوتها!!!