ذكرت في الحلقة الماضية ان تحول البحرين التاريخي من امارة الى مملكة دستورية كان مكسباً كبيراً للشعب البحريني، الذي انحاز باغلبية ساحقة من الاصوات الى جانب الميثاق الذي كان مطلباً شعبياً استجابت له القيادة التى رأت ان الوقت قد حان لاعادة الحياة الدستورية في البحرين والتى كانت قد بدأت عام 1972م الا انها تعثرت بسبب الاوضاع التى كانت تعيشها المنطقة. والميثاق المذكور اعدته لجنة شعبية، واستهدت في عملها بالعديد من التجارب الدولية من بينها البريطانية والفرنسية والكندية الى جانب التجربتين المغربية والاردنية، الا انها اختارت ما يناسب الخصوصية البحرينية. وبعد التصويت على الميثاق جرت متغيرات كثيرة من اجل التمهيد لمرحلة ما بعد الميثاق مثل إلغاء قانون أمن الدولة، وتأسيس محكمة دستورية، واصدار عفو شامل لجميع المعتقلين السياسيين، ودعوة الذين كانوا يعيشون في الخارج، وكفلت حرية التعبير عن الرأى حيث انتظمت الندوات والمحاضرات في المنتديات السياسية التى شاركت فيها جميع التيارات السياسية والمذهبية. وجاءت التعديلات الدستورية داعمة لمساعي التطوير والتجديد وفقاً للتطلعات الوطنية، فقد اقرت تلك التعديلات تكوين سلطة تشريعية من مجلسين (الشورى، والنواب) تحت مسمى المجلس الوطني، كما اقرت التعديلات انشاء ديوان للرقابة المالية على مؤسسات الدولة. ولابد هنا ان نقف لنشيد بالمكاسب التى منحها الميثاق للمرأة البحرينية وعلى راسها نيلها لحقوقها السياسية ومنها حق المشاركة في الانتخابات النيابية، على ان تتكفل الدولة بالتوفيق بين واجبات المرأة نحو الاسرة وعملها في المجتمع ومساواتها بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون اخلال بأحكام الشريعة الاسلامية. وعلى الرغم من بعد المسافة الجغرافية بين السودان والبحرين فان للبلدين الشقيقين علاقات وثيقة على المستوى الثنائي وعلى المستويين العربي والاسلامي، وفي البحرين سفارة سودانية نشطة على قصر عمرها، وهنالك يراس بعثتها الصديق السفير الدبلوماسي النشط والمميز عبد الله عثمان وهناك جالية سودانية مقدرة تعكس الوجه المشرق لبلادها وتشارك في بناء النهضة البحرينية في العديد من المجالات. وقد اشرت في الحلقة الماضية الى ان هنالك اختلافات مذهبية ما بين السنة والشيعة، وعلى هذه الخلفية اعتقد كثير من المراقبين ان الاحداث التى جرت مؤخراً في مملكة البحرين على هامش احداث الربيع العربي هى صدام عنيف بين السنة والشيعة، وهو اعتقاد خاطئ اذ لا يلمس المرء اى عصبية طائفية دينية في البحرين، فالدين واحد مهما اختلفت المذاهب، والاحداث المشار اليها هى مطلبية في المقام الاول، ولعل لبعض الاصابع المحلية والخارجية دور في محاولة توجيه دفة الاحداث نحو فتنة طائفية الا ان ما تم من توعية واصلاحات قامت به القيادة السياسية في هذا البلد الشقيق وضع حداً للفتنة النائمة. واخيراً، هدفت بالحلقتين هاتين حول مملكة البحرين لاشير الى خصوصية الاحداث الاخيرة في المملكة الشقيقة، والنابعة من الخصوصية البحرينية، فهى أحداث ليست في قلب الربيع العربي وانما على هامشه وستظل مملكة البحرين مظلة للاستقرار والأمن والطمأنينة للاشقاء واخيراً اقول حفظ الله البحرين مليكاً وشعباً وارضاً من كل مكروه.