وقف وزير الدفاع متحدثاً وتحدث رؤساء الصحف والكتاب جلوساً وهذا أدبٌ ما كان سائداً قبل عقدين من الزمان. أجاد حسين خوجلي في مداخلته وتساؤله كما اجاد آخرون كُثر ولكن قليلاً قليلاً جداً من أهل الصحافة كان ضحلاً فكراً ولغة. ليس هذا هو المهم ولكن السؤال هو هل أهل الجنوب -بل ساسته- يجيدون التخطيط الاستراتيجي أكثر منا ام ان حسن النوايا هي مصيبتنا؟ لقد هللنا وكبرنا لمؤتمر جوبا 1947 الذي قرر ان السودان دولة واحدة ولم ندر إننا سندفع ثمن هذا التهليل وهذا التكبير بعد ثمان سنوات فقط في تمرد توريت 1955 هللنا وكبرنا لنيفاشا 2005 ولم ندر إننا سندفع ثمن ذلك بعد خمس سنوات بانفصال الجنوب. وهلل بعضنا وكبر للانفصال ولم يدر ان الحرب ستتحول من حربٍ أهلية الى حرب دولية «اي بين دولتين» إحداهما يسندها معسكر هو الوحيد الذي بقى من معسكري القرن الماضي. الخلاصة نحن لا نخطط استراتيجياً وهم لا يخططون ولكن يسوقهم حقد لا يتناهى تجاهنا وتسندهم قوة تتوهم اننا أعداءها فلا استطعنا ان نزيل حقدهم ولا سعينا لابطال العداء الموهوم. ولحق ذلك حاجتهم لقضية محورية تجمع شتات قبائلهم المتناحرة كما ذكرت ذلك قبل بضعة اسابيع في مقالٍ سابقٍ وأيده مذهب الاستاذ حسين خوجلي في مداخلته أثناء المؤتمر الصحفي لوزير الدفاع. ولا توجد لديهم الآن قضية محورية سوى معاداة دولة السودان. رجعوا من اديس يخططون لالحاق القول بالعمل في المناطق التي ادعوها ورجعنا نتغزل في المساحة السياسية التي اكتسبها السيد وزير الدفاع بطرحه المفصح الشفاف كما تتغزل في حِنكة وفصاحة رؤساء الصحف والكتاب لنقول غداً -لا سمح الله- أكلنا يوم أكلت «السهل» بجنوب كردفان.