ولأن وطني علمني أن حروف التاريخ مزورة حين تكون بدون دماء.. ولا أجد حرجاً أن أكتب اليوم بأطراف أسنة وخناجر.. بل أعواد نيران ومشاعل.. ولأننا في وطن واحد.. ولأننا في مركب واحد يحتم عليّ واجبي الوطني.. وانتمائي إلى هذا البلد العظيم.. أن أنصح الحكومة بمنعرج اللوى.. آملاً أن لا يستبينوا النصح ضحى الغد.. وأقول متى كان الظل مستقيماً والعود أعوج.. وأزيد أن الذي نعيشه الآن وسط عاصفة المشكل الاقتصادي والوضع المالي الراهن.. وقلة المال ونقص أنفس وثمرات.. ليس هو نتيجة عاصفة مالية هائلة ضربت العالم بأسره.. أقول ليس هو السبب الوحيد.. بل هناك أخطاء جسام قد ارتكبتها الحكومة نفسها ولابد أن تبدأ فوراً وحالاً وتواً بالتصحيح.. وأقول ملء فمي.. إذا أردتم من هذا الشعب أن يساهم بتقبل بعض الوجع في إصلاح الحال.. عليكم أن تصبحوا له القدوة والمثال حتى يتقبل راضياً الإسهام معكم في عبور هذه المحنة.. لن نجلد الذات ولا نود البكاء والنواح على اللبن المسكوب.. فما حصل قد حصل كما إننا لن نقول إن هناك أخطاء فادحة قد تمت على يد الحكومة نفسها ساهمت في تلك العاصفة.. ولكننا نقول إن على الحكومة «من هنا ولي قدام».. أن تغير نهجها تماماً وتبدأ بوجه جديد حتى يطمئن المواطن أن هناك تغييراً جوهرياً قد بدأ يأخذ طريقه في تلك المسالك الوعرة والمعابر الخطرة.. إن أول جسر أو ردم للهوة بين شك المواطن واليقين هو إيقاف تلك الفوضى العارمة التي كانت تجتاح سماء دواليب الحكم في المرحلة السابقة.. ودعونا نضرب أمثلة تعكس أهوال تلك الفوضى.. لن تكون كلماتنا غير أسئلة.. هي ليست صعبة ولكنها قد تكون جارحة أو حتى صادمة.. ولكنه الدواء المر.. أو الجراحة القاسية أو حتى الكي بالنار إذا كنا ننشد العلاج.. وأول هذه الفوضى.. نقول.. بالله عليكم ماذا تقولون في وزير تكتب الصحف أنه قد صدق بملايين الجنيهات لكريمته.. ويتواصل عطاء ذاك الهارون الرشيد.. ليغدق على صهره مائة مليون من الجنيهات.. هل هذا يمكن أن يحدث في دولة ملكية تحكمها أسرة؟؟ وبالله عليكم ماذا تفعلون في وزير اتحادي بالاسم والصورة والصوت.. يتحدث عن أحد مرؤوسيه أيضاً بالاسم والصورة والصوت.. محدداً راتبه الشهري بستين ألف ريال سعودي.. عفواً.. هنا لا نحضر الدهشة.. تأتي الدهشة ومعها خروج عيوننا من محاجرها.. يتدلى فكنا وينعقد لساننا عندما يقول مولانا ذاك الذي تحدث عنه الوزير وعندما سئل عن حقيقة راتبه يقول.. إن هذا سر بيني والوزير السابق.. بالله عليكم هل يمكن أن يحدث هذا حتى في عهد شاوثيسكو.. ذاك الذي شطر البلاد إلى شطرين.. نصف وبكل ثرواته له.. والنصف الآخر وبكل ثرواته إلى ابنيه.. ثم «إيه حكاية» كل وزير يأتي إلى كرسي الوزارة.. يأتي مصطحباً زوجته.. ووزيرة تأتي بشقيقها.. وهل سمعت الحكومة بكل ذاك العبث.. وإذا سمعت ماذا فعلت.. وإذا لم تفعل نسألها هل ترضيها كل هذه الفوضى أو ذاك العبث؟ ولأيام خلت صدرت الصحف وفي قلبها خبر يشيب له الولدان يقول.. بل قال.. إن وكيلاً لإحدى الوزارات الاتحادية قد وضعت تحت تصرفه أو تصرف «مكتبه».. «لا يهم».. ولا «يفرق» مائة خمسة وستين مليون جنيه «بالقديم».. ونسأل.. أليست هذه الفوضى ما ساعدت العاصفة.. عاصفة الموازنة في الاشتداد والهياج؟ بكرة نلتقي