فيلو ثاوس فرج إنطلاقة المهرجان: في أمسية الجمعة 8 يونيو 2012م وفي النادي النوبي، كانت إنطلاقة المهرجان النوبي الثقافي الأول، وكانت ليلة جميلة التقيت بكثير من أحبائي أبناء النوبة الذين أحببتهم، وكتبت عنهم ما لا يقل عن ألف مقال، وجاءت لي عدة كتب عن النوبة من بينها «النوبة ملوكاً وشعباً»، «أطروحات سودانية»، «النوبة وطن الذهب»، وأغلب مؤلفاتي لا يخل من حديث عن النوبة، ولي أيضاً كتاب كامل تحت الطبع عنوانه «ولاية حلفا العتيقة»، خاطبت فيه السيد رئيس الجمهورية عمر حسن أحمد البشير، أن يصدر قراراً برفع معتمدية حلفا القديمة إلى ولاية كاملة، ويسندها إلى رجل قوي أمين يحلم بتأسيس ولاية حلفا العتيقة، التي تقدم كل تاريخها القديم في أسلوب جديد، وتكون موقعاً مميزاً سياحياً، وتبني فيها أبراج عالية تطل على نهر النيل العظيم، وتجمع ما بين حضارة مصر العتيقة، وحضارة حلفا العتيقة، ويشتم كل زائر رائحة التاريخ القديم، ويؤسس فيها لولاية حضارية تزرع أكثر من مليون فدان قائمة في الإنتظار، وتستفيد بأطنان الأسماك، ويعتبر السمك غذاء رئيسياً وشعبياً لكل المواطنين ولكل القادمين للسياحة فيها، وما زال الحلم قائماً وليس هناك أحد قادر على تنفيذه سوى رئيسنا عمر البشير، صاحب التطلعات الوطنية العظيمة. ومهرجان النوبة مهرجان ثقافي يهدف إلى توجيه الأنظار نحو هذا الموقع القديم الخطير، الذي طمرتهُ مياه النيل في أعظم تضحية من السودان لأبناء مصر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، الذي كان يملك ناصية الإقناع الجماهيري، ولقد نفذ له الفريق عبود أمل حياته في بناء السد العالي. والمهرجان أيضاً يهدف إلى تنشيط السياحة في ذلك الموقع، تذكيراً بتاريخ قديم مجيد، كانت فيه ممالك النوبة الثلاث تحيا المسيحية ديناً تعمقت فيه، حتى أن بعض الملوك تركوا عرش السلطة، ولبسوا مسوح الرهبان، وازدادت تقوى أهل النوبة، وتنامت روحانياتهم فصاروا مثلاً في النسك والزهد والتقشف، وعندما جاء بعض الحكام العرب هاربين من أهلهم في مصر وأتجهوا إلى بلاد النوبة، جاء الملك للحوار إليهم في موقعهم، وكان زاهداً في مظاهر الملكية وفخامتها، وعندما سأله الحاكم العربي عن نسكه ومحياه، قال إن الملك ينبغي أن يكون متواضعاً، وبدأ الملك في معاتبة العربي على ابتعاده عن الإسلام الطاهر النظيف. وأرجو من القائمين على المهرجان أن يقيموا نماذج جميلة، ومسرحيات هادفة عن بعنخي، والملك كيرياكوس، والملك زكريا، والملك جورج، وعن الكنداكات والملكة الأم التي كانت ذات موقع بجوار الملك، لكي تحقق توازنا بين العقلانية الملكية، وتضفي على قرارات الرجال جانباً عاطفياً ناعماً، وقد حظيت المرأة النوبية بمكانة محترمة في المجتمع النوبي لم تكن تحلم بها أي امرأة أخرى في بلاد العالم الأخرى. شركة دال: وفي حماس شديد أعلن السيد عبد المجيد محمد عبد المجيد رئيس اللجنة العليا للمهرجان أن شركة دال والتي يملكها أصحاب الحضارة النوبية الفخمة قد قرروا أن يهتموا ويغطوا كل تكاليف المهرجان. وأعلن عبد المجيد أن الإحتفالات التي بدأت في 8 يونيو سوف لا تنتهي إلا في شهر أكتوبر في مدينة دنقلا، ثم كرمة ثم دلقو، وسوف تختتم في وادي حلفا العتيقة بموكب زفة نوبية بكل الطقوس والأزياء المستخدمة في تلك الحقبة التاريخية، مع أوبريت يحكي قصة تتويج ملوك النوبة بنفس ملابسهم القديمة، وأرجو أن يحمل الملك صلباناً كما كانوا يحملون، وأن تظهر الصور القديمة، ملك النوبة في حماية السيد المسيح، أو في حماية الملاك ميخائيل، وملكة النوبة في حماية مريم العذراء، أو حنة أم مريم العذراء، ومتحف السودان مليء بهذه اللوحات الجميلة التي تحكي قصة العصر المسيحي في بلاد النوبة الرائعة. وسوف يهتم المهرجان بالفنانين النوبيين الذين رحلوا عن العالم مثل العندليب النوبي وردي، والذين يعيشون بيننا ويتحفوننا بإغانيهم النوبية في صوت قوي وآداء موفق ومتميز، وسوف يتألق الفنان النوبي المصري محمد منير في ليالي المهرجان المضيئة بفكر روحي يهتمم بالقديم عندنا والعتيق في حضارتنا. وأريد أن أشكر كل أعضاء اللجنة التمهيدية للمهرجان بدءاً بالرئيس عبد المجيد، مروراً بالمفكر النوبي المحترم أيوب إسماعيل، والحلفاوي الأصيل فكري أبو القاسم، والإداري الحازم المهندس السيد عكاشة، ومحاسن دهب، ونادية صبار، وهيام وشفوقة مصطفى إبراهيم، والبروفيسور سمير شاهين، ومدير الأراضي بالخرطوم مولانا عصام الدين عبد القادر، الذي كان لي معه لقاء جميل حول تغلغل اللغة النوبية في مفرداتنا السودانية، وليكن مهرجان النوبة الثقافي الأول إطلالة على الماضي السعيد بأسلوب حضاري مجيد، وليكن رصيداً ثقافياً لثقافة سودان التنوع وليحقق الله أمنياتي بتأسيس ولاية حلفا العتيقة، نتيجة طيبة لهذا المهرجان النوبي الثقافي الأول.