(مسكاقرو)...عندما ابتسم النوبيون.! وادي حلفا: أحمد دندش نسائم باردة جزئياً ترتطم بالاجساد فتعود اكثر دفئاً وحرارة، وعيون ترسل شارات الترقب لخشبة ذلك المسرح الانيق والذي تم استجلابه خصيصاً ليتناسب مع الحدث، بينما مالت إحدى النساء على رفقتها وهي تهمس لها وتقول: (اولادك إتأخروا بعد دا ما بلقوا ليهم مكان)، لنلتفت بعد عبارتها تلك خلفنا مباشرة ونتفاجأ بتلك الكميات المهولة من المواطنين الذيت تدافعوا لمنتزه حلفا ليشهدوا على انطلاق المهرجان النوبي السياحي الثقافي الاول، والذى يأتي برعاية مجموعة دال للصناعات الغذائية، والذى استكانت فعاليات ختامه بتلك الارض الطيبة والتاريخية ضاربة الجذور (وادي حلفا) أو حلفا القديمة أو (الجنة) كما يحلو لبعض اهلها إطلاق ذلك الاسم عليها. ترحاب كبير: المهرجان منذ إعلان إختتام فعاليته بمدينة حلفا القديمة، بدأت اخباره تتناقل بين الصحف ووسائل الاعلام، خصوصاً وهو الاول من نوعه، بينما استعد اهالي المدينة منذ وقت مبكر لاستقبال الضيوف الوافدين من ولاية الخرطوم وبقية الولايات الاخرى، والذين حطوا الرحال وسط ابتسامات اولئك الناس الطيبين والذين يستقبلك بعضهم بعبارة ترحيب واحدة لكنها كافية تماماً للتعبير وهي: (مسكاقرو). فقرات شيقة: المهرجان حظي بفقرات شيقة واستثنائية تماماً، ومنح الفرصة لعدد كبير من الفرق النوبية والمحلية لتقديم عروضها في اطار تحقيق اهدافه الرامية لحفظ الموروث التاريخي النوبي والذي تمتد جذوره إلى اكثر من سبعة آلاف وخمسمائة سنة، فظهرت فرق عديدة قدمت الكثير وابدعت منها (الخليل) و(جمعية دنقلا) وثنائيات متفرقة وغناء فردي تألق فيه المبدع غازي سعيد من جنوبالوادي وتسلطنت فيه الفنانة ذكريات صالح ولولي، بجانب مشاركات متعددة وجميلة جداً. خواجة (رطاني): المؤرخ والباحث في علوم النوبة (الخواجة) هيرمان بيل كان حاضراً كذلك وقدم عدداً من المحاضرات القيمة في تاريخ النوبيين، كما قام بتقديم المغنية الامريكية (ري) والتى تغنت بعدد من الاغنيات النوبية ادهشت الحضور وجعلتهم يصفقون طويلاً، الطريف في الامر أن بيل عندما صعد للمسرح رحب بالحضور بلغة نوبية سليمة بل وتجاذب معهم اطراف الونسة بذات اللهجة مما أوجد جواً مريحاً لدى كل الناس. البلابل..رجعنالك: مجموعة البلابل الغنائية كانت حاضرة كذلك خلال الاحتفالية، وابتدرت البلبلة (هادية طلسم) الحديث قبيل وصلتها الغنائية مهنئة اهالي حلفا بهذا العرس البهيج، ومشيرة الى انها المرة الاولى التى يتغنين فيها في وطنهن الام، قبل أن يقدمن فاصلاً رائعاً من الاغنيات النوبية والعربية، تدافع معها كل الحضور للمسرح متفاعلين معهن. شعبية اسامة: المدير العام لمجموعة شركات دال رجل الاعمال المعروف (اسامة داؤود) كان حريصاً على الحضور للاحتفال بصحبة والدته السيدة (فتحية محمد العمدة) والتي تم تتويجها خلال المهرجان بلقب (ملكة النوبة) وبرفقة شقيقه الاصغر ايهاب داؤود وبقية افراد الاسرة، والذين كانوا في غاية الغبطة والسرور بالزيارة والجلوس مع اهلهم هناك، بينما كانت شعبية (اسامة) طاغية جداً، حيث ظل الكثيرون يهتفون باسمه ويتغنون له باعتباره ابناً باراً من ابناء المدينة العريقة. تاريخنا هو المهم: الاستاذ عبد المجيد محمد عبد المجيد رئيس اللجنة العليا للمهرجان و(الدينمو المحرك) لكل الانشطة، تحدث ل(السوداني) وقال بأن السعادة التي غمرته بتحقيق حلم المهرجان لا توصف، وزاد: (انا اسعد الناس اليوم وأكثرهم فرحاً وسروراً)، وأشار عبد المجيد الى أن للمهرجان أهدافا عديدة نهض من أجلها أبرزها المحافظة على التاريخ النوبي ومنعه من الاندثار وقال: (لن نسمح ابداً أن يندثر تاريخنا النوبي وسنحافظ عليه بكل ما أوتينا من قوة)، واشاد مجيد بتفاعل اهل حلفا وتنظيمهم واستقبالهم للضيوف وقال إن هذا ليس بمستغرب عليهم لانهم اهل واجب، واكد مجيد استمرارية المهرجان في السنوات المقبلة.