لم تسعَ أجهزة الإعلام الرسمية لمولانا السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) وزعيم طائفة الختمية ذات الثقل والوزن والتأثير، لاستنطاقه حول الأحداث التي تشهدها بلادنا بدءاً من انفصال الجنوب وآثاره على الاستقرار العام في السودان، مروراً بالتوترات في ولايات جنوب كردفان والنيل الأزرق، وبعض المناطق في دارفور، وقوفاً عند المواجهات العسكرية بين السودان ودولة جنوب السودان، ثم جولات التفاوض بين البلدين سعياً ووصولاً إلى غايات مرضية تضمن ما طالبنا ونادينا به من قبل، أي السلام الدائم والحوار الآمن، انتهاء بمستقبل الشراكة السياسية في السلطة تحت مظلة حكومة القاعدة العريضة. الإعلام الخاص من صحافة وفضائيات ظل يجري دون توقف في مضمار السياسة السودانية، ويبذل العاملون فيه قصارى جهدهم لاستجلاء الحقائق والمواقف (حول) و(من) الأحداث، بينما إعلام الدولة الرسمي منشغل بما يرى أنه ترضية للسلطان بنشر أخبار الافتتاحات والتغطيات وتزيين الواقع، وبيع الأحلام الوردية لمن يحلم ب(العيش). بالأمس احتفت كل الصحف السودانية- تقريباً - بالحوار الجريء الذي أجراه أستاذنا الكبير محمد سعيد محمد الحسن، مع مولانا السيد محمد عثمان الميرغني، ونشرته صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية صباح أمس الأول، لتعيده صحف الخرطوم يوم أمس. الحوار لم يكن جريئاً فحسب، بل جاء عقلانياً متزناً وشجاعاً يشبه السيد محمد عثمان الميرغني، وتضمن مطالبة بوضع دستور جديد تشرك فيه كل القوى السياسية تمهيداً لانتخابات عامة، وهذا أمر بحت أصواتنا وكادت أقلامنا أن تجف ونحن نطالب به، ثم تضمن الحوار رؤية واضحة وجلية حول ضرورة المعالجات الفورية للأزمة الاقتصادية التي يواجهها المواطن، إضافة إلى آراء وطنية شجاعة اقتربت من حد إدانة دولة جنوب السودان في مفاجآتها المستمرة لإرباك التفاوض بين الدولتين في أديس أبابا.. ووصل حد الإدانة عندما قال مولانا الميرغني إن الخريطة الجديدة التي طرحتها دولة الجنوب هي «إعلان حرب». التحية لمولانا الميرغني، وهو يستشعر مسؤولياته ودوره الوطني في هذه المرحلة الحرجة والحساسة من تاريخ بلادنا، ولا يلتزم الصمت أو يرضى بدور (المتفرج) أو يقبل أن يكون مطية لغيره يبحث عن (شلية) من بيت أبيه الذي يعمل الآخرون على تخريبه. وما التوفيق إلا من عند الله