تعود قضية معتقلي غوانتنامو من السودانيين المشتبه فيهم بالإرهاب والانتماء لتنظيم القاعدة، ممن تحتجزهم السلطات الأمريكية في السجن العسكري السيئ الصيت «غوانتنامو»، الواقع في خليج كوبا.. تعود إلى واجهة الأحداث والمشهد السياسي السوداني- على الأقل هذه الأيام- بعد أن حمل متن بعض الصحف خبر إطلاق سراح المعتقل السوداني إبراهيم القوصي، والمتوقع وصوله في الأيام القادمة، وهو واحد من ثلاثة عشر سوداني، تم اعتقالهم اثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، وحملة أمريكا على كل المنتمين إلى تنظيم القاعدة ومن لهم صلة بأسامة بن لادن، ومنهم إبراهيم القوصي الذي حُوكم سابقاً من قبل هيئة عسكرية أمريكية بالسجن بتهم التآمر والتعاون مع العدو ضد المصالح الأمريكية.. والجديد بالذكر أن القوصي كان يعمل سائقاً وطباخاً لاسامة بن لادن.. الشاهد على مجريات الأحداث يرى أن الحادي عشر من سبتمبر 2001م قلبت موازين السياسة الأمريكية.. حيث قال بوش الأب «من ليس منا فهو ضدنا» في إعلان حالة حرب على كل من اتهمته بالتآمر ضدها ابتداءً من دول افغانستان، وباكستان، وكل المنظمات الإسلامية العاملة هناك، واحتجزت العاملين بها بتهمة التعاون مع العدو.. واحتجزت المئات منهم في سجنها سيئ الصيت «بغنوانتنامو» حيث تم تجاوز كل القوانين والأعراف الدولية في حقوق الإنسان.. السودانيون كانوا ضمن المعتقلين في هذا السجن العسكري منذ 2002م، ويرى المحلل السياسي جمال رستم أن أثر أحداث ما بعد الحادي من سبتمبر كان قوياً في التحرك الإستراتيجي للولايات المتحدة في العالم، وتحفظها على كل من تشك في أن لديه علاقة بتنظيم القاعدة، سواء أكان من الدول أو الأفراد، وكل من كان له اتصال مباشر أو غير مباشر بأسامة بن لادن، ومن ضمنهم إبراهيم القوصي، وذلك في سياسة استخلاص المعلومات والتي تمت عبر إجراءات طويلة ومعقدة وُصفت بالقاسية، وكذلك تمت عمليات إعادة تأهيل وإعداد برامج فيما يعرف بغسل الأدمغة والخضوع لأفكار جديدة مع استمرار الضربات العسكرية لكل القوى المعارضة عسكرياً. وقال إ ن هناك مؤثرين في عملية اطلاق سجناء غوانتنامو- ومنهم القوصي- في هذه الأيام وما قبلها وما بعدها.. المؤثرالأول هو أن قرار الرئيس أوباما وتعهده في يناير 2009م باغلاق غوانتنامو.. وجاء ذلك في برنامج انتخابه باعتبارها قضية اخلاقية وتتعلق بحقوق الإنسان خاصة وسط ضغوط المنظمات المعنية بحقوق الإنسان، والناشطين المنادين بحل قضية هؤلاء المعتقلين.. والمؤثر الثاني هو نتائج ثورات الربيع العربي وبزوغ شمس الإسلاميين مرة أخرى ولكن هؤلاء هم المعتدلون، والذين سيمثلون الدول المهمة مثل مصر وليبيا وتونس، والآن سوريا على الطريق في المنطقة، والتي تهم أمريكا في مصالحها، بالتالي هي تسارع في حلحلة القضايا المتعلقة بالإسلام والمعتقلين، خاصة بعد أن استنفذت كل التحقيقات منذ القبض عليهم وعملية اغتيال بن لادن السنة الماضية.. ففي هذين الاتجاهين تتشكل سياسية أمريكا داخلياً وخارجياً، واستبعد وجود صفقات مع الحكومات لاطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، وهكذا يبدو أن للربيع العربي أثراً على غوانتنامو ليفسح ويسارع في اطلاق سراح بعض سجنائه العرب.