فقدت بلادنا منذ أيام عَلَماً من أعلامها، وقطباً من أقطاب الحركة الوطنية، وابناً باراً من أبناء السودان، طيب الذكر الصحافي والسياسي والاقتصادي المغفور له الأستاذ صالح محمد اسماعيل، رفيق درب أبي الوطنية الزعيم المعلم اسماعيل الأزهري، وأحد خلصاء الاتحاديين، ورئيس تحرير جريدة (العلم) الناطقة باسم الحزب الوطني الاتحادي، في أزهى أيام الكفاح الوطني، من أجل الحرية والانعتاق، ثم لسان حال الحزب الاتحادي الديمقراطي، عقب التحام الحزبين الاتحاديين في كيان واحد، وكان هو والراحل السيد علي الأزهري شقيق الرئيس الخاص، ومحمد حسين الرفاعي سكرتير الرئيس الخاص، وأمين سره، يكونون الركيزة الإعلامية الواعية المثقفة، الصداحة بأفكار الرئيس وتوجيهاته، وخطه السياسي العام، الذي تعبرعنه العلم أبلغ تعبير، والتي يقود سفينتها السياسي المحنك صالح محمد اسماعيل خير قيادة، وبمهارة تكشف عن مقدراته العالية، وحسه الوطني العميق، وفكره المتفرد، وبعد نظره، كقائد لرعيل إعلامي في حزب كبير متعدد المشارب، بل متعدد المصادر والفروع في تكوينه الأول من جماع الأحزاب الاتحادية، الناشطة في الساحة السياسية قبل توحيدها في فبراير 1953م. وصالح محمد اسماعيل والذي تعرفه الجماهير العريضة، والتي تحبه ب(صالح سكر)، لنشاطه الاقتصادي المثابر، والصبور والشريف بعد سنوات الكفاح.. هو السياسي الوحيد الذي لم تلن له قناة، ولم يهادن، أو يساوم أياً من الأنظمة الشمولية، التي اكتسحت البلاد وحرياتها ومقدراتها بعد الاستقلال، ولم يغير مواقفه عبر العصور والأجيال، وظل ثابتاً كالطود الأشم، يحتمل كل ألوان الأذى، والاضطهاد، والسجون، والمعتقلات، فلم يمر نظام من هذه الأنظمة إلا وكان صالح رهين معتقلاته، ورهين سجونه وقيوده، فقد عرف(كوبر)صالح محمد اسماعيل في كل هذه العهود، وظل على ثباته هذا، وعلى مبادئ زعيمه الأزهري، الى أن لقي ربه راضياً مرضياً، ألا رحم الله صالح محمد اسماعيل، وقد افتقدت الحركة الوطنية والحركة الاتحادية وأم درمان أحد رموزها، وأحد الأبرار من أبنائها.. فإلى جنات الخلد أيها المناضل الشريف.. سائلين الله جلت قدرته أن يجزيك عن أمتك ومبادئك الجزاء الأوفى أنه سميع مجيب.