بدأ العلماء أخيراً يفهمون كيف يستجيب الدماغ البشري للنكات والدعابات. وبينت صور مسح للدماغ، نشرت ضمن بحث علمي في مجلة نيتشر نيورو سيانس - وهي مجلة متخصصة بالأعصاب - تنوع مناطق الدماغ التي تستجيب للنكات، مثل تلك التي تعتمد علي التلاعب اللفظي أو التلاعب اللغوي. وقد قام فريق من العلماء من جامعة بورك في تورنتو في كندا وفريق آخر من معهد الأمراض العصبية في لندن بمسح شامل لأدمغة أربعة عشر متطوعاً أثناء إصغائهم لنكات متنوعة من أجل تحديد وفهم الأسباب البيولوجية لروح الدعابة عند بعض البشر، ويأمل العلماء أن تساعد نتائج البحث على تفسير سبب إنعدام روح النكتة عند بعض الأشخاص عقب تلف جزء معين من دماغهم. وإختار العلماء نوعين من النكات، تلك التي تدعي باللفظية مثل النكتة الغربية التي تسأل ما هي طرق منع الحمل التي يستخدمها المهندسون؟ والإجابة المضحكة هي شخصيتهم. أو تلك التي تعتمد علي التلاعب اللغوي مثل ما هو الفرق بين الليمون والزيتون ؟ والإجابة المضحكة هي أنه يمكن عمل ليمونادة من الليمون ولكن لا يمكن عمل زيتونادة من الزيتون. وروح الدعابة هي مقدرة ومهارة يختص بها بعض الناس لإثارة الضحك ومشاعر التسلية والفرح لدى الغير، ويتصف البعض بروح الدعابة فيقال شخص (خفيف دم، أو إبن نكتة)، أو يقال فلان لديه حس فكاهي. والحس الفكاهي والدعابة تتطلب شخص يبث وأشخاص يتلقون وأحيانا لا تتطلب بث من أي طرف، بل يأتي بها موقف معين. ووفقا لذلك يختلف فهم الأشخاص للدعابة والضحك منها تبعاً لعوامل تتعلق بالذكاء وما هو متعارف عليه في محيط الفرد إذ أن كل محيط ووسط يتواجد فيه بشر لهم خصوصية نكاتهم ونوادرهم. والفكاهة أنوع منها التلاعب اللفظي ويتميز به بعض الأشخاص ذوي الذكاء اللغوي فيقومون بالتلاعب بالكلمات والعبارات فيغيرون صورتها بطريقة تجعلها تشبه اللفظ القديم لكنها تعطي مدلولاً آخر ساخر يثير الضحك. وهناك فكاهة الموقف وهي لا تطلب إلقاء من أحد بل يفرضها حدوث أمر خارج عن السيطرة أو غير مألوف يخالف طبيعة الموقف ومتطلباته. ونوعية آخرى هو السخرية والتلميحات الساخرة وهو أن يقوم شخص ما بالتعليق والسخرية من أحداث أو اشخاص بطريقة مباشرة، أما التلميح الساخر فهو قيام أحد المتحدثين بالسخرية بطريقة غير مباشرة تجنباً للإحراج وإثارة المشاكل فيقوم بالتعريض والتلميح مركزاً على جزئية تخص الشخص أو الأشخاص المعنيين ولا يفهم هذا النوع من التلميحات إلا من كان يعرف طبيعة الموقف. العلماء الذين أجروا التجربة منعوا المشاركين من الضحك أثناء التجربة حتي لا تؤدي إهتزازاته إلي خلخلة الجهاز الذي إستعملوه لقياس الضحك. وسجل المشاركون فيما بعد شدة الفكاهة في النكتة علي مقياس من واحد إلي خمسة. وبينت التجربة أن مناطق الدماغ المتخصصة في معالجة اللغة قد إستجابت للنكات اللغوية، بينما نشطت مناطق أخري في الدماغ مسؤولة عن لفظ الكلمات عند سماع المشاركين لنكات تعتمد علي تلاعب لفظي. ووجد الباحثون أن جميع أنواع النكات تثير منطقة في الدماغ تتحكم عادة في سلوك البشر الذي له علاقة بالمكافأة أو الجزاء وكلما إزداد نشاط هذه المنطقة إزدادت معها قوة النكتة حسب مقياس المشاركين. وإستنتج الباحثون أن أجزاء الدماغ التي تستحيب للنكات تتنوع حسب النكتة ولكن أدمغة البشر جميعاً تشترك في إمتلاك جزء واحد مسؤول عن فهم النكتة أو الدعابة، وعند تلف هذا الجزء يفقد المرء روح النكتة. ويسلط البحث الأضواء علي الأسباب البيولوجية لروح الفكاهة. وتلعب روح الفكاهة دوراً معقداً في عملية التفكير والتواصل بين البشر، وكذلك في عملية التفاعل الإجتماعي. ويعتقد العلماء أنه من المحتمل أن تكون روح الفكاهة ميزة فريدة يتمتع بها الإنسان فقط دون سائر المخلوقات الأخرى.