الاضراب عن الطعام حتى النصر: ومضى اسبوع ولم تستجب الحكومة لمطالبنا فدخلنا المعسكران في الاضراب عن الطعام موحداً باليوم والساعة فاجتمع الرائد سجون بمعسكرنا ب وتحدث معنا حديثا أخوياً وقال مثلما تعانون انتم من البرد نعاني نحن مثلكم ومن مصلحتنا جميعا ان نرحل إلى أي مكان آخر فاضراب معسكركم وحده عن الطعام لا يأتي بالنتائج المرجوة لان اخوانكم المعتقلين في المعسكر لا يعلمون عن اضرابكم شيئاً!!(طبعاً سعادتو لا يعلم كيف اتفقنا في التوقيت). ومن رأيي ان ترفعوا اضرابكم وتنسقوا معهم لاضراب موحد في يوم واحد ولما يئس من اقناعنا بالتراجع عن الإضراب ذهب إلى المعسكر الأول وحاول اقناعهم بنفس الاسلوب الذي حاولنا به مؤكدا لهم ان المعسكر الثاني لم يسمع بالاضراب ولم يدخل فيه فكان ردهم نفس ردنا ماعلينا بالمعسكر الثاني مطلبنا انزالنا من قمة الجبل والا الاستمرار في الاضراب حتى انزالنا من الجبل او الموت!!. الرائد محمد عوض الله راسو ضرب: لما شعر الرائد سجون محمد عوض الله بان المعسكرين دخلوا في إضراب موحد في يوم واحد في ساعة واحدة أحس بأنه فشل في المهمة الاساسية التي اختير من اجلها وهي الفصل في حراسة البيتين عن بعضهما البعض الشئ الذي حذرته منه رئاسته عند اختياره للقيام بهذه المهمة فماذا يفعل غير أن يبلغ رئاسته بلاغات كاذبة باللاسلكي بان المعسكر ب قد دخل في اضراب ويؤكد لرئاسته عدم علم المعسكر الاخر باضرابهم أو مشاركتهم فيه من خلال الراديو نسترق سماع التقارير السرية عنا : ربما يسأل سائل كيف علمنا ذلك ؟ زميلنا الاستاذ مصطفى ابو حسنين صاحب فكرة الاتصال بالمعسكر الأخر عن طريق الصحف ومكنة الحلاقة رجل عبقري يلم بكثير من علوم الاتصالات. فعن طريق الراديو الذي أمدونا به استطاع ان يسمعنا كل يوم التقارير الكاذبة التي كان يرسلها الرائد / محمد عوض الله عن طريق R.T" اللاسلكي لرئاسته عن اضراب المعتقلين في المعسكر(ب) بجوبا ليبرهن على كفاءته في تنفيذ الخطة التي زود بها من رئاسته في فصل المعسكريين فصلاً تاماً حتي لايقدم المعتقلون علي موقف موحد!.لما دخل اضرابنا يومه الثالث أو الرابع زارنا فجأة مسؤولون من رئاسة السجون وبعض الاطباء متفقدين احوالنا فاكتشفوا أن المعتقلين في البيتين قد دخلوا الإضراب في يوم واحد وساعة واحدة ولمسوا خطورة ما آلت اليه حالة المعتقلين الصحية من الاضراب عن الطعام في ذلك البرد القارس وانفضح كذب البلاغات التي كان يرسلها الرائد فاجتمعوا بمعتقلي كل معسكر على حدة وبعد ان ناقشونا في فك الاضراب للنظر في مطلبنا كان رفضنا جماعياً واننا لن نتراجع عن الاضراب حتى الموت الا اذا تم ترحيلنا من قمة هذا الجبل إلى أي مكان آخر. لمسنا من هذا الوفد تعاطفه معنا فودعنا وكلنا فأل باننا منتصرون. احمد سليمان يتوعد بحرق المعتقل: نسيت ان اذكر اننا قبل ان ندخل في الاضراب عن الطعام استثنينا بقرار حزبي بعض المرضى اذكر منهم الاستاذ أحمد سليمان فقد قبض عليه بعد اجراء عملية قرحة ومازال في طور النقاهة ولكنه اصر بعنف الا ان يشارك في الاضراب وبعد الحاح شديد قبل وهو كاره هذا القرار فاحمد سليمان مشهود له داخل الحزب وخارجه بالشجاعة والكرم يرتاد الصعاب ولا يبالي وحكاية استثنائه من الاضراب ماراكبه راسه لكن نفذ القرار على مضض. ولما دخل الاضراب يومه الرابع أو الخامس ولم تستجب الحكومة وبلغت حالة زملائه الصحية درجة الخطورة اغتنم فرصة مرور الرائد سجون محمد عوض الله الصباحية التي يتفقد فيها احوال المعتقلين ليرسل تقريره اليومي للرئاسة. فاجأه الأستاذ أحمد سليمان اثناء مروره بلهجة غاضبة رافعا اصبعه السبابة واقسم وشرفي الماركسي إذا ما تستجيب الحكومة لمطالبنا من هنا لغاية بكرة إلا أحرق المعتقل ، وامن على وعده الرفاق التجاني الطيب ، جوزيف قرنق، الجنيد على عمر وبالطريقة اياها سمعنا في المعتقل ب « بالتهديد والوعيد» وطلبوا منا عند حضور الرائد ان نكرر له التهديد ونؤكد له حرق المعتقل وبالفعل تم ذلك. متابعة رد الفعل: اخذنا نرقب جميعا رد الفعل وماذا سيفعل الرائد سجون هل سيبلغ رئاسته بما أعلنا ام يكتم ذلك؟ وكما ذكرت لكم انفا ان زميلنا مصفطى ابو حسين عن طريق الراديو استطاع ان يكتشف الموجة التي يرسل بها الرائد رسالته اللاسلكية عن احوالنا فنسمعها يوميا وحارسنا وفارسنا ما جايب خبر!! المهم بعد انذارنا بحرق المعتقل تجمعنا حول الراديو لنتابع رد الفعل اولنسمع رسالة الرائد فكانت بحق رسالة امينة صادقة شرح لهم اثر الاضراب عن الطعام وما وصلت اليه حالة المعتقلين الصحية من خطورة وتهديدهم بحرق المعتقل واعطاهم اسماء من هددوا بذلك. هتافات بسقوط الدكتاتورية العسكرية لم تمض 24 ساعة حتى وصلت عربات جيش مدججة بالسلاح فاخذوا منا احمد سليمان والتجاني الطيب وجوزيف قرنق والجنيد عمر وتعالت هتافاتنا بسقوط الدكتاتورية العسكرية وذهبوا بهم إلى اين لا ندري!. بعد ساعات من مغادرتهم طلبوا من جميع المعتقلين المتبقين ان يأخذوا حاجاتهم ويركبوا العربة المقفلة التي تشبه عربة البريد أو عربة الشرطة المقفلة التي تستعملها في حالة تفريق المظاهرات وكنا في حالة يرثى لها ودخل اضرابنا عن الطعام يومه السادس وتحرك الكونفوي عربات جيش امامنا ومن خلفنا مدججة بالسلاح إلى أين لا ندري وفي أي اتجاه تسير لا ندري إلى ان وجدنا انفسنا في جوبا امام باب السجن . من معتقل ناقيشوط لفندق جوبا: فحمدنا الله على السلامة الذي انزلنا من ذلك البرد القاتل وبينما نحن فرحين اذا بمدير السجن يزف إلينا بشرى إطلاق سراحنا فعانقنا بعضنا واعلن لنا انتم من الآن في ضيافتنا بفندق جوبا ليومين أو ثلاثة ففكوا اضرابكم عن الطعام وتناولوا وجباتكم بالفندق وتجولوا بالمدينة دون حراسة وشاهدوا معالمها إلى ان تصل الطائرة التي تقلكم للخرطوم. وفعلا اطلق سراحنا ونزلنا بفندق جوبا وتجولنا في شوارعها وتمنينا أن يطول بنا المقام ولا تصل الطائرة إلا بعد أن نعوض بوجبات من فندق جوبا الدسمة ما فقدنا من صحتنا اثر الإضراب عن الطعام لكن الطائرة كانت أسرع مما تمنين.