تلقيت دعوة كريمة من أبناء محلية الطينة بولاية شمال دارفور لحضور الاحتفالية الحاشدة التي أقاموها على شرف تكريم ابنهم مولانا محمد بشارة دوسة، لنيله ثقة السيد رئيس الجمهورية بتعيينه ووزيراً للعدل، وذلك عصر الجمعة الماضية بقاعة الصداقة بالخرطوم، وكانت الاحتفالية برعاية وحضور سعادة المشير عمر حسن أحمد البشير رئيس الجمهورية، حيث خاطب سيادته الاحتفالية وذكر أن منبر الدوحة الذي شهد العديد من المفاوضات سوف لايستمر طويلاً، حيث أن الحكومة قد وضعت سقفاً زمنياً للتفاوض وتوقيع الاتفاق النهائي للسلام، عبر منبر الدوحة الذي سيكون الأخير، وأشار سيادته إلي أن الحكومة لن تألو جهداً في تكريس السلام وإحلاله في كل جهات السودان، وإذا لم يتوصل المتفاوضون إلى السلام، عندها سيتم فرض السلام عبر مواطني دارفور أنفسهم، وفي إشارة ذكية ذكر السيد رئيس الجمهورية إن دارفور لن تكون فلسطين أخرى، بمعنى أن المحاولات اليائسة التي يشعل فتيلها اللوبي الغربي برأس رمح (صناعة إسرائيلية)، لن تفلح في زرع فلسطين أخرى -في الأرض العربية- في السودان، وهذا ما تسعى إليه الفصائل المتمردة بدعم معنوي ولوجستي من الغرب، بغرض تقسيم السودان وتحويله الى دويلات صغيرة، لا حول لها ولا قوة، وذلك بإحكام السيطرة عليها، وذلك عبر بوابة طرح مؤامرة تقرير المصير، ومؤامرة خيار الانفصال في الجنوب، ويظهر ذلك واضحاً عبر تباطؤ جانب الحركة الشعبية في ترسيم الحدود، بغية ترك ذلك كمسمار جحا يسهل التوسع الاستيطاني، دون الرجوع الى الحدود التاريخية المعروفة منذ استقلال البلاد، وأكثر من ذلك فإن الأخوة الانفصاليين يسعون الآن لوضع (نشيد وطني) جنوبي لدولة (كوش)، التي يريدون قيامها على أثر الإنفصال، ويقول شاعرهم الذي يناجي الآن شيطان شعره.. إن النشيد الوطني سوف يدعو الى تمجيد البشرة السوداء وزنجاوية الهوية.وقد أعلن السيد رئيس الجمهورية في خطابه عن تصفية المعارضة التشادية في السودان تنفيذاً للاتفاقية المبرمة مع الرئيس ادريس دبي، الذي أوقف بدوره دعمه للفصائل المتمردة.. وفي ختام خطابه ثمن الرئيس البشير جهود أبناء دارفور، ممثلين في الوزيرين محمد بشارة دوسة المحتفى به كوزير للعدل، وعلي محمود كوزير للمالية، وذكر الرئيس البشير أنه رشح شخصياً مولانا دوسة لوزارة العدل.. وقال ليس ذلك تمثيلاً لدارفور، أو موازنة، وإنما جاء ذلك لكفاءته وقدراته التي سنتناولها لاحقاً وقال: لقد وجد هذا الترشيح قبولاً واسعاً وسط قيادات المؤتمر الوطني، وقال الرئيس وبروح الدعابة التي عرفت عنه- إن ترشيح دوسة لمنصب وزير العدل- كان بالنسبة لقيادات المؤتمر الوطني وكأنه مثل (الحاجة الرايحة ليهم ولقوها)، أما عن السيد علي محمود قال عنه: إنه كان وزير دولة ناجح جداً بقدر نجاحه في ولاية جنوب دارفور، وهو والٍ لها، وأضاف إنه قد أدى الأمانة بنزاهة وعفة وبنفس روح الدعابة، قال السيد علي محمود عند مخاطبته الاحتفالية إنه (محاسب)، ولا يجيد فن الحديث، ولكن الذي تأكد فعلاً إنه يجيد فن الحديث إجادة تامة، بل يزيد على ذلك بإضفاء خفة الروح على حديثه.. حيث قال: ماذا تريد الحركات والفصائل المتمردة وماذا تريد حركة العدل والمساواة؟ وقد تحقق مطلب تقسيم السلطة والثروة، فمولانا محمد بشارة دوسة.. العدل وأنا المساواة في تقسيم الثروة على الجميع بدون فرز.. وفي هذا السياق كان قد ذكر السيد الرئيس في خطابه أمام الاحتفالية إن البعض يظنون أن تقسيم الثروة هو عبارة عن (قروش كاش) تدخل جيوبهم الخاصة، ويظنون أيضاً أن مشروعات التنمية في مناطقهم ليست تقسيماً للثروة، وإنما هي مجرد قيام مشروعات والسلام.أما مولانا محمد بشارة دوسة وزير العدل المحتفى به كان خطابه مباشراً، واتسم بالطابع الرسمي وفضل استئذان الحضور في أن يلقية عبر ورقة أعدها من قبل، وهذا ليس بمستغرب، فحديث وزير العدل لابد أن يقال ويكال بميزان الذهب، وكيف لا ووزارة العدل شعارها (الميزان).. فقال: إنه يسعى لبسط العدل في البلاد، وإحقاق الحق، وانصاف المظلوم، ورد الحقوق لأهلها.. وفي سياق آخر دعا السيد وزير العدل أبناء دارفور الذين يحملون السلاح أن يتخلوا عنه، ويسارعوا باللحاق بمنبر التفاوض في دوحة العرب.بعد هذا الاسهاب المطول في طرح الجانب الرسمي من الاحتفالية، أستأذنكم سادتي في أن أتناول الجانب الثاني من الاحتفالية، وهو الجانب الإنساني والشعبي الذي استصحب هذه الاحتفالية المهولة الكبرى، وبعد ذلك وكما وعدت آنفاً أنني سوف أحدثكم عن مولانا محمد بشارة دوسة وعن قدراته التي تحدث عنها السيد رئيس الجمهورية، ولعلي ابدأ كيف وصلتني الدعوة ومن من ولماذا؟ وأنا لست دارفورياً، ووطنيتي وهويتي تبتعد آلاف الأميال عن (طينة) ولاية شمال دارفور، وعلى الخصوص (محلية الطينة)، التي خرج من رحمها الطاهر الطهور مولانا محمد بشارة دوسة المحتفى به.. هذا الإنسان الشاهق الذي لا أعرفه معرفة شخصية سوى أنه شخصية عامة معروفة للكل، غير أني قريب الصلة بأسرة دوسة، وقد جمعتني رابطة العمل في مجال منظمات المجتمع المدني بسيدة عظيمة هي الأستاذة روضة آدم دوسة، رئيسة منظمة شمائل للأعمال الخيرية، والتي أقامتها تخليداً لرجل البر والإحسان الراحل آدم دوسة، صاحب (عمارة دوسة) الشهيرة، وبما أنني رئيس تحرير صحيفة (المجتمع المدني)، التي تصدرها منظمة ميديا للنشر والتوثيق لمنظمات المجتمع المدني، التي اتشرف بمنصب الأمين العام لها. أتشرف أيضاً بأن (روضة) قد كلفتني بمنصب المستشار الصحفي والإعلامي للمنظمة شمائل، وتعرفت أيضاً على أحد الشبان (الدوسويين) المرموقين هو الأستاذ مبارك دوسة، أمين شؤون الأمانة بالمنظمة، وتعرفت مؤخراً على الأستاذة صفية آدم دوسة شقيقة (روضة)، والتي كلفتني بوضع تصور للمعينات الطباعية الخاصة بالاحتفالية، ولكن يبدو أن تصوري كان باذخاً بعض الشئ، وتعذر الأخذ به، وهذا (عادي)- كما يقول شبان هذه الأيام- ولم أبالي وقبلت الدعوة التي وجهت لي لحضور الاحتفالية، وحضرت وعند المدخل الأمامي لقاعة الصداقة حملتني أشواق الجغرافيا والإنتماء للوطن الكبير الى الطينة، وأهل الطينة وفنون الطينة، فقد كانت الطينة هنا في الخرطوم تحتفي بابنها مولانا محمد بشارة دوسة.. وجدت الطبول والبخور والطينة قد حشدت الفنون والنجوم في الخرطوم، فتمهرجت الخرطوم وتمازج طين ملتقى النيلين وعراريق الدمور مع طينة شمال دارفور، ومن ثم جاءت لأهل السودان البشارة، وحملتها المساءات والفضائيات والمنارات.. رزقتم ابناً اسمه (محمد بشارة) وعليه هاكم شيئاً من بشارات هذه البشارة، إنه مولانا محمد بشارة دوسة.. وزير العدل.. ولد عام 1959م بمحلية الطينة بولاية شمال دارفور.. حاصل على بكالريوس في القانون وماجستير في القانون التجاري، وتلقى العديد من الدورات التدريبية منها دورة في التشريع الجنائي الإسلامي بالمركز العربي للدراسات والتدريب بالرياض.. دورة في الكشف عن الجريمة بالوسائل العلمية الحديثة بالقاهرة_ دورة عن التحكيم في النزاعات الهندسية بمصر- دورة متخصصة في وسائل الإثبات- دورة في القانون الدولي بمعهد لاهاي للخبرات القضائية- دورة في حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي الدولي ودورات أخرى كثيرة.أما عن المواقع والمناصب التي تقلدها فهي كثيرة نذكر منها- مستشاراً قانونياً في المصارف، وعدد من الوحدات الحكومية، منها اللجنة الشعبية للإنقاذ بدارفور- حكومة ولاية دارفور الكبرى، ثم مستشاراً لحكومة ولاية شمال دارفور ثم مستشاراً للمجالس التشريعية الولائية، ثم رئيساً للإدارة القانونية، ثم رئيساً للنيابة العامة بنفس الولاية، وأخيراً قبل (الوزارة) رئيساً لمجلس شؤون الأحزاب السياسية، ثم وزيراً للعدل ليقيم العدل فينا، وهو سليل السلاطين الذين حاربوا يوماً الفرنسيين في زمن الاستعمار القديم، وآخر الكلام التحية لك يا مولانا دوسة ولمن ولاك قائماً للعدل فينا.