أمس حلمت معكم بمسلسل سوداني على غرار المسلسل التركي يعرض أول ما يعرض طبيعتنا.. ومن أجمل آيات الطبيعة عندنا جبل مرة.. وفيها مارست لأول مرة عملية العلاقة الحميمة مع مكان وفضاء ومياه.. مضاجعة الطبيعة فيها تمجيد لخالقها.. واستمتاع مشاع.. كنت أجلس على صخرة في «قلول» لساعات طوال والماء يتدفق ونسيم بارد يقبل جسدك في حنو.. نقطة نظام.. ومالي أمعن في التشبيه عبر الجنس.. ليست لدي عقدة مباشره اللهم إلا إن كانت كامنة في العقل الباطن أواللاشعور أخشى أن أصبح مثل صديقنا الصحافي المولع بالطعام فيشبه الأطر الفنية والتحريرية بها.. فالحوار فاكهة الصحيفة.. والمنوعات يجب أن يكون «سلطة» حلوة المذاق.. والكاريكاتير بهار الصحيفة.. والتسلية هي التحلية.. ليست لدي عقده لأنني ببساطة غريزة مثل الأمومة.. والجوع.. والعطش.. الحديث عنها يجب أن لا يكون خادشاً للحياء.. لذلك لانفهم مثلاً كيف يغتصب شاب راشد طفلة.. أو كيف يتحرش رجل كبير بالسن على فتاة في سن حفيداته.. أو لماذا لايقدس ذلك المحارم.. ليس عندنا فقط بل في كل الدول المتخلفة أو قل النامية مثلنا.. حيث يكون الجنس محور كل شيء ومع ذلك يكون من المسكوت عنه.. سأحكي لكم أن سمحت لي لجنة الشكاوي بالمجلس القومي أول تجارب تعرفي على الجنس.. في صباي وهي تجربة إن لم تسمح لى بحكايتها الصحف السيارة سأحكيها فى رواية أوقصة.. لأن بعض القراء يظنون أن المنع وقمع الأفكار لايجيء إلا من الأجهزة الأمنية.. لكن القمع الحقيقي في ذاكرة الشيوخ الذين يحرسون البوابات بالمعايير القديمة.. وفي بعض القائمين على متابعة وإجازة القصص.. والأشعار.. والإبداع عموماً.. بجانب القامع الأكبر الذى يوجهنا إلى أن نرى الجميل قبيحاً ومالا يروقنا مستهجناً ومالا يماشي مزاجنا سيئاً.. فكيف يحرس فاسد الذوق الذوق.. أعود إلى جبل مرة.. ومرتجلو.. ونيرتني وقلول.. لا أكذبكم في نيرتني رأيت الشقاء في مواكب الذاهبين صباحاً إلى سوح الحياة.. مرضى.. مظلومون.. ضعاف البنية.. بعضهم لايعرف من الحاكم.. صحيح أن الشقاء باين في إنسان تلك البقعة الجميلة.. ولكن بهاء الطبيعة.. وخبراتها تعلن في إلحاح بأن الشقاء في خطر طيب لو أردنا أن نستلهم جمال جبل مرة ضمن مسلسل سوداني فهل سنستطيع التصوير.. أم لا أمن هناك أو قل لا استقرار هناك يسمح بالتصوير والإبداع بل يصبح أنه من السفه أن نتحدث عن الفن في مثل هذا الظرف.. حسناً هنالك استوديوهات طبيعية حول المدن وبداخلها وعلى ضفاف نهر النيل العظيم الذي لم نستثمره بعد بالطريقة المثلى.. بجانب الصحاري والجبال.. ينقصنا التمويل لإنتاج مثل هذا العمل ولكن ولأنه إعلان تسجيلي عن السودان فينبغي أن تصرف عليه وزارات السياحة.. والتجارة.. والثقافة.. وكلها للأسف وزارات فقيرة وميزانيتها ضعيفة فقدرتها على اتخاذ قرار مثل هذا ضعيفة جداً.. زد على ذلك نقدر الرأسمالية السودانية وطنية أم غير وطنية من المساهمة في أمور الفنون أوعدم فهمها للأمور التي يلعبها.. فيحجمون بل لا يفكرون في دعم مثل هذا المشروع «ياخي ديل مابشتروا لوحة من معرض تشيكلي» عموماً يجب أن نلتفت إلى الدراما.. ومشكلتنا أننا نريد طوالي دراما تماثل الدراما العربية والتركية والمكسيكية وهي لاتتفوق علينا في أي شيء.. الفنيات يمكن استجلابها.. والفنيون يمكن انتدابهم.. حتى نحصل على أحسن صورة.. وأحسن إضاءة.. وأحسن فرز ألوان والديكور طبيعي ممتد.. الأمر أبسط مما نتصور.. ولكن من يموله في البدء وهو مشروع رسالي ووطني.. هذا الموضوع يؤرقني ولكن لا يهم.. لينضاف إلى مؤرقاتي فأنا: كم أتعبني تفكيري.. وكم تاهت مشاويري.. ومن قسوة مقاديري.. أقول ياريتني زول غيري..