المشاهد للرياضة عندنا حين يقرأ صحفنا، أو صفحاتنا الرياضية يوقن أنها تتحدث عن الرياضة في أي دولة أخرى غير السودان. ماذا لو أرتفعت رياضتنا لمستوى صحافتنا الرياضية(مع التحفظ على بعض التراشقات والإنفعالات)، لكنا اليوم أنداداً للبرازيل وأسبانيا وإيطاليا ... ولكن ترتيبنا في ذيل العالم تحت الرقم(121) بصورة بائسة ومحبطة، كما يشهد ذلك موقع الاتحاد الدولى لكرة القدم في الإنترنت ... هل سمعتم بدولة مثل لوكسمبرج، وجواتيما ناميبيا.. نحن دونها في الترتيب ... ومع ذلك ومن المضحكات المبكيات إشتعال معركة انتخابات الاتحاد العام للكرة السودانية حامية الوطيس، ما أصدق مثلنا الشعبى(البكا حار.. والميت كلب)، هل حقيقة لدينا كرة تستحق هذا العراك، والتراشق، والشكاوى الدولية؛ إن حال الكرة عندنا أشبه بحال ذلك السكير الغارق في غيبوبته حتى النخاع، والذى حين سأله العسكرى عن بطاقته الشخصية... رد عليه (هي وينا الشخصية البعملو ليها بطاقة).. هل حقيقة لدينا كرة، وإدارات، واتحادات، ولاعبين علي قدر التحدى والمسؤلية؛ أم الحكاية لعب في لعب، ماذا قدم الاتحاد السابق (والذى عاد جله) للأمة السودانية غير المهازل، والتمثيل، والتلاعب باسم السودان في كل المحافل والمنافسات، إن كان بالنسبة للإندية السودانية أو بالنسبة للفريق القومى... سوى النتائج الكارثية والفضائح المحمولة جواً... بل أصبحت تلك الدول تقهرنا في عقر دارنا، وبين جماهيرنا. التهاون والهوان قولهم في كل مرة وعقب كل هزيمة (إننا سوف نستفيد منها في جولاتنا القادمة)، متى يا رب تكون القادمة التي ظللنا نتظرها لنحو أربعين عاماً... أخشى أنهم يقصدون جولة الختام ضحى القيامة... ألم يسبق لأحد أنديتنا الكبيرة أن لعب إحدى مبارياته ضد أحد الأندية التونسية في منتصف أحد نهارات الخرطوم القائظة والقاتلة (والذى تم التجاوز لأجله عن المحاذير الصحية وحياة المواطنين) ومع ذلك كانت هزيمتنا من ذلك الفريق الشتوى. صحيح أن كرة القدم هى الأكثر شعبية في العالم، ومع ذلك هناك أيضاً رياضات كثيرة أقل تكلفة ولها شعبيتها الجارفة، وسبق أن حققنا فيها نتائج عالمية... اسألوا عمر خليفة... أو كاكى وليرحم اللَّه بول منوت. لماذا نهدر أموالنا ونحرق أعصابنا ونركل تاريخنا بأقدام بعض اللاعبين من فاقدى الولاء الوطنى وعديمى الكفاءة الفنية؟ أو بعض إداريين لا هم لهم سوى الأسفار والمخصصات... أعلم أن قبيلة الرياضيين مليئة بذوى الكفاءة الإدارية، والقدرات الفنية، والدعم المالى والأدبى... ولكن من يفرز الغث من الثمين. هل تخلت الدولة يوماً عن دعم الرياضة؟ كم هى الإعفاءات الضريبية والجمركية؟ كم هى التسهيلات الإدارية؟ كم هى التعديلات القانونية؟ حتي فيما يتعلق بهويتنا، وجنسيتنا التى منحت لكل من قيل أنه سيرفع رأسنا، ويحمل علمنا بين الدول، بعدما دفعت لهم مليارات الجنيهات.. تلك المليارات التى لم نجد معشارها لعلاج شيوخ فتكت بهم الملاريا، وأطفال يموتون بسوء التغذية. ما ساءني شيء مثلما ساءني يوم رأيت على إحدى الفضائيات تلك العارية، والتى جيئ بها من إحدى دويلات أمريكا الجنوبية، ووهبت لها الجنسية السودانية لتنافس باسم السودان في سباقات الجرى، عارية تماماً إلا من كساء لا يكسو الرضيع... وهى تحمل علمنا.... ذلك العلم الذى استشهد تحت ساريته عشرات الألاف من الشباب والشيوخ، الذين ركزوه باجسادهم واشلائهم، دون أن يسقط أو يهان... ليرفرف عالياً في سماوات العز والمجد والشموخ.... هل وصل بنا هوس التتويج أن نتنازل عن كرامتنا، ورجولتنا، وديننا فنشترى هواننا بأموالنا. الأخ الدكتور كمال شداد... لا أعرفه شخصياً وأحترم فيه درجته العلمية التى نالها بجدارة واستحقاق، وسعيه الأكيد لتطوير الرياضة، وإن كانت النتيجة فشلاً ذريعاً، وإحباطاً متواصلاً، لا يليق به ولا يشبهه موقفه الأخير من انتخابات الاتحاد العام، والتى فقدها بنص القانون واللوائح السودانية، التي كان يعمل تحتها ويستمد شرعيته منها.... هل لديه جديد يقدمه. لا يليق به أن يستعدى الفيفا على بلده وشعبه، ذلك الشعب الذى تجرع كل إخفاقاته دون أن يطالب يوماً بسحب الثقة منه... أو حتى محاسبته. لماذا حين يفقد بعض السودانيين كراسيهم ومواقعهم يخرجون على بلدهم، ويحملون عليه السلاح، ويستدعون العالم ضده، ويضعون أيديهم في أيدى المخابرات الأجنبية والطاغوت الدولى.... الآن نشهد أخرين يستدعون المؤسسات الدولية ضد بلادهم. اربأ بنفسك يا دكتور أن تكون مطية لغيرك دون أن تدرى .... ليتك قمت بنفسك بتجميد مشاركاتنا الدولية حتى يقوى عودنا ونبلغ رشدنا... لكنت واللَّه وجدت منا كل تأييد وتشجيع وأكبار وأجلال. أخي الوزير المجاهد حاج ماجد لن ينصلح حال كرة القدم السودانية؛ في ظل بعض هذه الإدارات الفاشلة على مستوى الأندية والاتحادات... فلا تذهب نفسك عليهم حسرات... ولا تضيع وقتك في تراشقاتهم، وابدأ فيهم جراحات المعالجة والتأهيل، وليس هناك قانون مقدس تحت السماء سوى القرآن، والذى فيه الكثير من المعالجات والإصلاحات.. نريد إصلاحات في اللوائح والقوانين، ونريد مراجعات للإداريين والمسؤولين، ونريد إهتماماً أكبر بالناشئين والمبدعين، و وزارة الشباب والرياضة ليست فقط هى كرة قدم.. وكرة القدم ليست هي ما نرى... وستجد في الوسط الرياضي والصحافة الرياضية من يعينك بصدق وحرص أكيد. ولا يهددونك بتجميد مشاركاتنا بواسطة الاتحاد الدولى لكرة القدم... أفعلها بيدك لا بيد بلاتر، فنحن أحوج ما نكون لتجميد مشاركاتنا الدولية، حفاظاً على سمعتنا وبناءاً لقدراتنا وتأهيلاً لناشئتنا بصورة علمية وعملية، وإن أستغرقت بضع سنين. نحترم في الفيفا حرصه على تطوير الرياضة، ولكننا نحترم أنفسنا ونحن نحرص على تطوير رياضتنا أكثر منه. أخي الوزير: إن الأنقاذ التي أنقذت بفضل اللَّه البلاد والعباد في كل المناحى والمجالات، وقدمت نجاحات غير مسبوقة رغم ظروف الحرب والتخذيل والحصار، ما أراها إلا قد عجزت وفشلت عن إنقاذ الرياضة، والزراعة (نعود لها لاحقاً انشاء اللَّه)، بل هوت معهما إلى درك سحيق... أثق في قدرات أخوتي المجاهدين الذين لا يعرفون الهزيمة والإنكسار... بل هم الذين يحققون دوماً الإنتصار تلو الإنتصار.