حفظ الرئيس المصري محمد مرسي للمؤسسة العسكرية المصرية هيبتها ومكانتها، كما حفظ للمشير طنطاوي والفريق عنان دورهما ودور المجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة المصرية في الحفاظ على أمن مصر وتحمل المجلس العسكري لمسؤوليته الوطنية الكاملة في إنجاز ما تعهد به للشعب كاملاً غير منقوص حتى إجراء الانتخابات الرئاسية التي جاءت بالدكتور محمد مرسي رئيساً منتخباً يعبر انتخابه عن إرادة شعبية لا لبس ولا تزوير فيها. حفظ الرئيس مرسي للمشير طنطاوي وللفريق عنان مكانتهما بأن جعلهما ضمن طاقمه الرئاسي، وحفظ للجيش المصري هيبته بأن جعل التسلسل في القيادة طبيعياً ليس فيه قفز على الدرجات، وقبل قرارات رمضان الأخيرة كان الرئيس المصري قد اتخذ عدة قرارات بتغييرات في قيادة الأجهزة العسكرية والأمنية والشرطية في أعقاب عملية سيناء التي أودت بحياة عدد من الجنود المصريين، وأتبع ذلك بإجراءات كانت بمثابة «إعلان حرب» على «التطرف» في شبه جزيرة سيناء المحاددة لقطاع غزة المحتل. وليس من المستبعد أن يكون منفذو عمليات تدمير وحرق خط أنابيب الغاز العابر إلى إسرائيل، هم ذات الذين قاموا بعمليات خطف أو قتل في شبه جزيرة سيناء، وليس من المستبعد أن تكون حركتهم قد استمدت قوتها وقدرتها وسريتها من واقع مئات الأنفاق الرابطة بين القطاع وشبه جزيرة سيناء، إذ لا يعقل أن يكون مرور مثل هذه الجماعات علنياً من خلال معبر رفح الرسمي الوحيد في شمال سيناء. كانت عملية سيناء هي الحجة التي اتخذ بها الرئيس مرسي قراراته الأخيرة، أو هكذا تقول الأحداث والوقائع و «الاستنتاجات» ليقود مرسي الشقيقة مصر إلى تحول كبير في نظام الحكم، ويمكننا أن نقول إنه أخذ الآن دوراً مهماً في صناعة التاريخ. تمهيد أرض السير للرئيس الجديد تطلب «آليات» و «جرافات» للتسوية وفتح الطريق ليسع كل الفريق الحاكم الجديد، وقد بدأ الرئيس مرسي أولى خطواته في طريق الرئاسة الذي لن يكون السير فيه سهلاً، فهناك جبهات أخرى تنتظر المواجهة، منها جبهة رجال الأعمال المستفيدين من النظام السابق، وجبهة رجال الحزب الوطني «المحلول» الذين ينتظرون سانحة تدفع بهم إلى ساحات العمل السياسي والتنفيذي من جديد، وهناك الجبهة التي تضم كل المعارضين لحكم الإخوان المسلمين لمصر، وهم بحسابات نتائج الانتخابات الأخيرة لا يقلون عن نصف الذين يحق لهم الانتخاب والتصويت في مصر. قرارات مرسي الجريئة، لن تكون الأخيرة، وربما كان القرار العاجل والمرتقب هو «محاربة الفساد» حتى يكسب تعاطفاً شعبياً وسنداً قوياً لمركزه كرئيس للجمهورية، ومن المؤكد أن هذا القرار سيطال «أسماء كبيرة» في دنيا المال والأعمال، وأسماء أخرى في عالم السياسة المحتكر لفئة قليلة منذ نحو ثلاثين عاماً هي فترة حكم الرئيس السابق محمد حسني مبارك.. ونرى أن الرئيس المصري الجديد سيعمل بقاعدة« إن نظافة السلم تبدأ بالدرج الأعلى»