عاتبني أحد الأصدقاء ولامني، بل اتهمني بالتناقض لأنني حاولت أن أنفي عن المواطن السوداني صفة (الكسل) و(الخمول) عندما استضافتنا قناة النيل الأزرق التلفزيونية ضمن فترتها المفتوحة ثالث أيام عيد الفطر المبارك، للحديث حول «عبقرية الشخصية السودانية» وهي فترة استضافت فيها القناة (المتميزة) و(النشطة) الأساتذة السفير عبدالمحمود عبدالحليم ومحمد محمد خير وكمال آفرو والفنان صلاح بن البادية، وقدمها المذيعان سعد الدين حسن وتجود حبيب. وقال لي الصديق المتابع لعمل أجهزة الصحافة والإعلام، إن ماذكرته في التلفزيون يتناقض مع ما كتبته يوم أمس في إطار هذه الزاوية تحت عنوان «العودة للعمل.. وطريق الأشواك» حيث انتقدت تباطؤ العاملين في القطاعين العام والخاص وعدم عودتهم للعمل رغم انتهاء العطلة الرسمية، لأن هذا يعني - من وجهة نظر الصديق العاتب - دليلاً دامغاً على الكسل. رددت على الصديق العاتب أن حديثي عن (كسل) المواطن السوداني والذي أخذ البعض من (الأشقاء) يروجون له عبر (المواقع) الإسفيرية وبعض (القنوات) الفضائية، ومن خلال عدد من المسلسلات العربية (الفجّة)، ليس أكثر من محاولة للتقليل من (قيمة) المواطن السوداني الذي تشهد له كل (ساحات العمل) المختلفة في كل المجالات المهنية والحرفية والفكرية في الوطن العربي أو كل قارات الدنيا بالهمة والنشاط، وذلك لصالح (فئة ما) أو مجموعة أو (شعب ما) حتى (تخلو) له ساحات العمل في المنطقة بإبعاد السودانيين الذين هم أكبر (عنصر منافس) لتلك المجموعة، ليس للتميز في الأداء المهني أو الحرفي فقط، بل للتميز الأخلاقي والقيمي، وقد بدأت تلك المجموعات بداية تروج لموضوع (الكسل السوداني) على استحياء من خلال (النكات) ولما صمت السودانيون امتد الترويج ليصبح من خلال المسلسلات، ثم انتظمت المواقع الإسفيرية حملة ظالمة وشعواء أسهمنا نحن أنفسنا في نجاحها بصمتنا (المؤدب)، أو بأدبنا الزائد عن الحد أمام (الغرباء)، ولم نرد حتى من خلال برامجنا الإذاعية والتلفزيونية ردوداً نسخر فيها من الساخرين، لتصبح تلك (الحالة) وردة فعلها، (واحدة بواحدة).. أما عن (عدم الحماس) للعمل في فترة ما بعد العطلة، فهي (حالة نفسية) كما أشرنا من قبل تنبع من الإحساس بأن أيام العطلة غير كافية.. وقلت لصديقي العاتب، إنني حاولت أن أدفع تهمة (غير حقيقية) عن المواطن السوداني، وأذكر أنني أشرت في فترة النيل الأزرق المفتوحة، إلى دراسة صدرت مؤخراً عن منظمة الصحة العالمية وأشرف عليها خبراء ومختصون عالميون، برأتنا من (تهمة الكسل) تماماً، بل رمت بها إلى من راج بينهم أننا كسالى.. وما نحن بكسالي. مفاجأة الدراسة أنها أظهرت أن الخليجيين هم أكثر الشعوب كسلاً، إذ حلت السعودية في المركز الثالث في قائمة الشعوب الكسولة، بينما جاءت الكويت في المركز السابع فالإمارات في المركز التاسع.. أما المفارقة المدهشة فكانت حلول بريطانيا في المركز الخامس بينما لم يظهر السودان حتى في المركز العشرين.. قطعاً نحن لسنا بكسالى، لكن يمكن أن نعترف بأسى شديد، أننا شعب نشط خارج بلادنا وداخلها إذا توفرت لنا ظروف العمل الجيدة.. أما نشاطنا أو بالأحرى نشاطنا المرتبط بسلوكنا الاجتماعي فهو نشاط غير منتج.. وإذا ما نجحنا في تحويله إلى نشاط منتج فإن كل مشاكلنا إلى حلول.. وأزماتنا إلى نهاية. صمت صديقي العاتب.. ولم يعلّق بشيء، سوى ابتسامة لم أعرف إن كانت تعني (الموافقة).. أم (السخرية). الله أعلم.. وكل عام والجميع بخير