سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
جمال عنقرة يكتب من أم درمان «آفرو» وقصة الريحانتين ميمان وميسون
كمال سخر نفسه لخدمة الناس فسخر الله له الناس و«كنانة»
نرجو ألا يكون مصير مال الزكاة ذات مصير أموال الأوقاف
[email protected] لا أدري كيف الحال مع غيري من الذين يكتبون، لكنني أتأثر كثيراً بالزمان والمكان اللذين أكتب فيهما، وبعض القضايا اختار لها أزمنة وأمكنة تعين على الكتابة عنها، لذلك عندما فكرت في الكتابة عن أخي وصديقي الأستاذ كمال آفرو، لم أجد مكاناً لذلك أنسب من أم درمان البقعة، مبروكة الإله والدين، فكمال آفرو - فضلاً عن كونه مصنوع من طينها، ومعجون بمائها الطاهر - هو علم من أعلامها، ورمز من رموزها، وأحد أبنائها الذين علاقتهم معها مثل علاقة الأسماك بالأنهار، ولذلك عندما يضطر كمال آفرو للخروج من أم درمان، يصنع أجواءها حيثما يحل ويقيم. والذين يعيشون في مصر من السودانيين، ينتظرون مجيء آفرو إلى القاهرة، لينقل إليهم الأجواء السودانية الأمدرمانية في ذلك الركن في مقهى «كل الفنون»، بجوار سينما «كايرو بلاس» بالقرب من مقهى الست أم كلثوم. ولقد صار ذاك المكان يحمل اسمه «منتدى كمال آفرو»، وهو يعيد إلى أذهان الأمدرمانيين ذكرى «سوق الموية»، ومقهى يوسف الفكي، وجورج مشرقي، والبازار، ونادي الخريجين، وغيرها من المعالم الأمدرمانية العريقة، والناس الذين يسعدهم مجيء كمال آفرو إلى القاهرة، بما يزرعه من فرح ومرح، وبما يدخله على قلوب الجميع من سعادة، لا يعلمون أن قلبه المفرح تملؤه الأحزان والآلام، بما يقاس من معاناة ريحانتيه «ميمان وميسون»، الزهرتين الحلوتين اللتين أصيبتا بأمراض في العيون، توشك أن تذهب ببصريهما، لولا لطف الله بدعاء الصالحين واجتهادات الأطباء والمدواين، وبسببهما ظل كمال آفرو يتردد على العاصمة المصرية «القاهرة» بلا انقطاع لنحو ثمانية أعوام كاملات، دون أن يكل أو يمل، وهذا هو سبب زيارات كمال آفرو المتواصلة إلى مصر، ولكن لأن كمال رجل كالجبل، لا تهده الأنواء والأعصار، لم تبد عليه مظاهر الابتلاء العسير، وهو رجل صابر محتسب، ولأني أعلم أن كمال آفرو مثله مثل كثير من أهل السودان وناسه، لم تعد أوضاعه المالية مثلما كان حاله في زمن السودان الجميل، عندما كان «يهز ويرز»، ولأني أعلم حجم ما يصرفه ويبذله على علاج ابنتيه ميمان وميسون، وعلى إسعاد الذين يسعدون بمجيئه إلى مصر، وعلى رواد منتداه في مقهي «كل الفنون»، كنت دائماً أسأله عن حاله، وكانت إجابته دائما «مستورة والحمد لله». لقد صرف كمال آفرو على علاج ابنتيه - خلال هذه الفترة - أكثر من مائة وعشرين ألف دولار، بالطبع لم يعجز كمال عن توفير هذا المبلغ، والذين يعرفون آفرو، ويعرفون سعيه خلف قضايا الناس بما يملك ولا يملك، وبتسخيره نفسه لخدمة غيره، يعلمون أن مثله يسخر الله له الأولين والآخرين لخدمته، ولقد وقف معه كثير من الأوفياء، وبرغم أن كل هؤلاء فعلوا ذلك من باب الوفاء لأهل العطاء، إلا أن جهة واحدة تميزت عطاءً ووفاءً لا بد أن تذكر، ذلك أن كمال يذكرها في السر والعلن، هي شركة سكر كنانة، ويذكر معها العضو المنتدب السيد محمد المرضي، الذي يقول عنه من يعرفونه إنه رجل استثنائي، وكمال يقول عنه أكثر من ذلك، وطبعاً مع ذكر كنانة، لا بد أن يذكر صديقنا الوفي الودود الأستاذ فريد عمر مدني، وفريد نذكره، في هذا المقام، ليس لما بيننا وبينه من مودة وتواصل، ولكننا نذكره لأننا نعلم أنه مفتاح التواصل بين كنانة والمجتمع، وهو رجل مجتمع من الطراز الأول. الموقف الوحيد الذي استغربته في حالة كمال وقصة علاج ابنتيه، هو موقف شركة الهجرة للصرافة، فبمبادرة خاصة من ديوان الزكاة - وأحسب أنها مبادرة شخصية من السيد الأمين العام، ولعله قد حدثه أحد الأوفياء بحالة ابنتي كمال آفرو «ميمان وميسون» - صدق الديوان بمبلغ ستة آلاف دولار إسهاماً في علاج البنتين، وأصدر خطاباً بذلك إلى السيد مدير شركة الهجرة للصرافة، لصرف هذا المبلغ لهن، وكان ذلك في 6/11/2011م، ولما ذهب كمال وبنتاه إلى الصرافة لاستلام المبلغ، رفضوا ذلك بحجة أن الخطاب لا يوجب ذلك، فلما عادوا إلى الديوان مرة أخرى، أكدوا لهم أن المبلغ بطرف الصرافة، وعليهم سداد المبلغ دون تردد، فعادوا إليهم للمرة الثانية، فكان ردهم ذات الرد القديم، فلم يجدوا غير أن يسافروا ويتركوا خلفهم المال المصدق من الزكاة، والذي رفضت صرافة الهجرة صرفه، وذهبوا إلى مصر، لأن مواعيد العملية قد حانت، فذهبوا، وأجريت العمليات، وعاد كمال آفرو إلى السودان لترتيب أحواله، وترك ميمان وميسون في القاهرة . قد لا يعجب قولي هذا أخي كمال، ولكنه وضع غريب، لا بد أن نسأل عنه. فنحن نسأل ونتساءل، أين ذهب هذا المبلغ؟، هل لا زال في حوزة صرافة الهجرة؟، أم أنهم أعادوه إلى ديوان الزكاة؟، أم أن جهة ما صرفته وتصرفت فيه؟، أم أنه أصلاً لم يات للصرافة. وأرجو ألا يكون مصير أسئلتي ذات مصير تساؤلاتنا في شأن أموال الأوقاف، التي لا يعلم أحد حتى الآن هل هي فعلا تم تبديدها، أم أن الاتهامات كلام والسلام.?!