سعدت كثيراً بخبر مفاده إن إدارة المرور أصدرت قراراً بسحب الرخصة من سائق الحافلة إن لم يتوقف للمكفوفين.. وحسب تحركي كثيراً عبر المواصلات العامة، فكثيراً ما يركب معنا كفيف ويصر على دفع ثمن التذكرة مع إن بطاقته تعفيه منها.. ربما أرادوا بهذا الإصرار تشجيع أصحاب الحافلات على التوقف لهم، إذ يعانون كثيراً في استخدام المواصلات العامة.. حقيقة إنه ليس سائق الحافلة التجارية وحدها، بل أي سائق يجب أن يتحمل مسؤوليته تجاه هذه الفئة ويمنحها من فضل الظهر كلما رأى كفيفاً على الطريق السائق السوداني أسوأ سائق في العالم.. والراجل السوداني أسوأ راجل في العالم، وعلى القارئات اللاتي فرحن أن يفهمن إن الراجل هو الماشي كداري- أي ماشي برجليه- إذا أردت أن تعرف ذلك حاول عبور الشارع.. يراك السائق تهم بقطع الطريق فيزيد من سرعته حتى لا تتمكن من العبور «شفتوا الذوق» السائق السوداني يمكنه ببساطة أن لا يخفض السرعة قدام موية في الشارع بسبب المطرة، أو بسبب المواسير التي تنفجر متى شاءت، فتحول الشارع إلى برك مياه وحِلَك لما زول يبلِّغ.. ولما القرار ينشاف ولما يقرر المسؤول إرسال عمال لإصلاح الماسورة.. تكون الحكاية باظت.. لا ينتبه السائق إلى الراجلين فيعبر الماء بسرعة فتطير المياه لترشك ومن حولك ولا يلتفت إليك.. هذا السائق السوداني عموماً.. أما سائق الحافلة فهو العمدة.. يتحكم في الراكب.. وفي الكمساري.. ويقف حسب مزاجه لا حسب تنبيهك له.. وتقول له هنا لو سمحت فيقف هناك ولما تلح عليه ياخي هنا يقول ليك ما تشفق وتمشي المسافة كلها بي كرعينك.. أما مزاجه الفني فيفرضه عليك.. فإذا كان يحب المديح يشغل ليك إذاعة المديح يا شريط مديح.. إذا كان يحب الرياضة يشغل الإذاعة الرياضية.. أما إذا كان السائق شاب يحب الغنا الهابط فيفرض عليك ذلك.. وإذا بحب الوعظ يشغل ليك شريط وعظ.. والواعظ ما سوداني.. وعشان ما نظلم السواقين.. برضو الناس الماشين بي كرعينهم- «الراجلين»- ذاتن ما مقصرين الواحد الإشارة تولع أخضر يقول للعربية أقيفي عشان يقطع، مع انو لو انتظر الإشارة الحمراء بقطع في هدوء.. وأمن وسلامة.. خاصة البنات اللابسات ضيق الواحدة تتهادى في الشارع وكأنها عارضة أزياء.. بعدين في ناس بحبو يمشوا في نص الظلط وتضرب ليهم بوري كأنهم ما سمعوه تقرب تنزل تزحهم من الشارع.. أما بتاعين الرقشات فبعضهم صبيان.. ودايرين يسلموا على اي زول يلاقوهو .. ولازم يسمعوك حسين الصادق بي صوت عالي.. إذا رجعنا للأخوه المكفوفين، والله هم ناس حساسين.. أنا ما شفت واحد منهم زعلان أو ساخط أو مضايق.. دايماً بعتذروا وما بنتقدوا الحكومة ولا المعارضة.. عشان كده مش حقو السائق الما بقيف ليهم يسحبوا رخصتو بس.. حقوا يحكموا عليه بالجلد مائة جلدة قبل أو بعد سحب الرخصة.