واليوم نواصل ونحن بين أيدي مولانا وشيخنا وصديقنا.. سعد.. وله نقول.. بل قبل أن نواصل ونقول.. نقول له إنه اليوم.. الذي رأت فيه رسالتنا الأولى لك قد هاتفنا أحد الأئمة.. إمام مسجد في الولاية الشمالية.. عرفنا باسمه واسم مسجد منطقته.. وقال بالحرف الواحد.. إنه ظل إماماً لهذا المسجد لمدة خمس وعشرين سنة.. وأن راتبه الشهري.. هو فقط مائة جنيه وواصل مولانا قائلاً.. إن مرتب مسؤول رفيع- وقد «سماه»- يعادل مرتب مائة من الأئمة الذين يعطرون المساجد بطيب كلام الله، ويقودون صفوف المسلمين المتراصة في الصلوات.. ونسألك.. مرة أخرى.. هل مثل هذا يحدث في دولة «تزعم» أنها ترفع وتستظل برايات وبيارق الاسلام العادلة؟ وأيضاً وقبل أن نواصل القول لك.. فقد قرأت اليوم كلماتك في «الانتباهة» والتي كانت بعنوان «لا تفهمونا غلط يا أبا عيسى».. فاجتاحتنا أعاصير الدهشة وأغرقتنا أمواج العجب.. مهلاً.. ليس لمقدمتك تلك الدهشة وأنت ترى في أسلوب وكلمات الدكتور نافع قدوة ومثالاً.. فهذا شأن يخصك.. ولا تعليق لدينا من انبهارك وإعجابك بمفرادت «البطان» و «لحس الكوع».. وحتى نزيدك ونزودك بالذي نسيته أو لم تسمع به أصلاً.. ففي ذاك القاموس كانت عبارة «أولاد الحرام».. و «بغاث الطير» والأحياء الأموات.. أيضاً هذا لا يهم ولا هو ما استرعى اهتمامنا، أو فجر كوامن ومكامن دهشتنا وعجبنا.. ولا أقول غضبنا».. فقد قلت يا «مولانا» إن اليسار الذي يمثله فاروق أبو عيسى لا يسعى إلى إسقاط الحكومة بل إلى إسقاط الفكرة والفكرة هي الشريعة.. يا إلهي.. ما هذا يا مولانا.. إن هذا هو لب موضوعنا الذي من أجله لك نكتب.. ونسألك «هي وين الشريعة» يا مولانا.. إن الذي نراه لمدة ثلاث وعشرين سنة وتزيد.. هي جلد «السكارى» وسجن «الحشاشين» وتعزير «الزناة».. و «بس».. ونسألك يا مولانا.. وأنا أثق بك.. وأقبل إجابتك.. ألم تدخل خزائن الدولة أموال ربوية تحت سمع وبصر الأئمة والمشائخ.. ونواب المجلس الوطني؟ هذا من أمر الربا.. ونسألك يا مولانا.. ألم تطح الدولة.. بمئات الآلاف من المواطنين المسلمين وتلقى بهم إلى الشارع العريض، فتبدد شمل العوائل وانفصمت عرى الأسر.. وتنكب الطريق من حاصره الفقر ونداء الحياة المتمثل في «عيشة» أولاده ورعايتهم.. وهذا ندرجه تحت بند «الظلم».. ونذهب إلى اعترافات موثقة بالصوت والصورة.. ألم يقل إخوانك وقبل بضع سنوات إنه لن تكون بعد اليوم شريعة «مدغمسة» ونسألك يا مولانا وأنا أثق بك.. وأقبل إجابتك.. هل تحتمل الشريعة حرفاً أو شولة أو نقطة واحدة «مدغمسة»، وهل ما زلت تعتقد أن الشريعة الطاهرة المطهرة قد نشرت ظلالها الوارفة لتظلل كل الوطن؟ ومن الذي قال إنها شريعة مدغمسة، قطعاً هو ليس أبو عيسى أو أي من حواريه.. والآن نذهب بك إلى أبواب المسؤولين الموصدة أبداً أمام «الرعية»، نذهب بك إلى ذاك الترف الأسطوري والمخصصات «المتلتلة» وذاك النعيم الذي «يعوم» فيه «إخوانك» من المسؤولين وعوائلهم.. نذهب بك لترى كيف وأين يتعالجون.. إذا كان ذلك في المستوصفات والتي هي في درجة ومرتبة الخمس نجوم.. أو في العواصم المضيئة.. الباذخة في الأردن وبلاد الضباب وأحياناً في حواضر اليانكي.. مولانا سعد.. أنا «والله العظيم» قد قرأت كتاب «حياة الصحابة» للشيخ الكاندهولي حرفاً.. حرفاً.. سطراً.. سطراً.. بل أكاد أكون قد حفظته كلمة.. كلمة.. وعندما أرى الذي حولي.. وأتصور صور الصحابة المرسومة في دقة وبالكلمات.. أقول.. إن الذي أراه الآن.. لا يمت للإسلام.. بأي صلة ولا يقاربه بأية وشيجة.. ثم حفظك الله ومع السلامة..