تصريح غريب من الفنان عبد الله البعيو شغل مجالس الفن مؤخراً وهو الذي نصب نفسه من خلاله (وصياً) على الفن السوداني، وقرر أن (يجلد) الفنان الشاب طه سليمان بسبب ترديده لأغنية (جناي البريدو)، وحقيقة وللأمانة والتاريخ مثل ذلك التصريح يعتبر تجاوزاً للكثير من الاعراف و(إغتيالاً) صريحاً لسماحة الفن السوداني والتي باتت في الفترة الاخيرة من أكبر مهددات ذلك الوسط، والذى صنفه الكثيرون مؤخراً من (اقذر) الاوساط الابداعية من حيث الصراعات والحروب والضرب فوق الحزام و(تحته كذلك). غريب جداً أن يأتي مثل ذلك التصريح من فنان بقامة (البعيو) ملأ المسارح رقصاً وطرباً و(تثنياً)، وضخ في الساحة الفنية الكثير من اغنيات (الهجيج) مثل (ست الودع لي كشكشي) وغيرها، وأعلن تمرده على الساحة الفنية في فترة صعبة، واختار الطرب بديلاً (للكاكي). لسنا هنا بصدد الدفاع عن طه أو غيره من الفنانين الشباب، لكننا نتعجب لحال كبار الفنانين الذين صاروا (يتلذذون) بإطلاق الشتائم على الجميع، وينصبون انفسهم اوصياء على الساحة الفنية دون أن يهبطوا من عليائهم ليتواصلوا مع الجيل الجديد المتمرد كذلك على القديم، وسؤال بسيط للاستاذ البعيو..لماذا لم تحاول أن تقدم روشتات للفنانين الشباب وتقف إلى جوارهم قبل أن تمنح نفسك حق جلدهم في ميدان عام..؟ ولماذا اختبأت أنت وابناء جيلك وانزويتم بعيداً دون أن تقولوا كلمة حق عندما باتت الساحة الفنية مرتعاً لكثيرين من أنصاف المواهب..؟ ولماذا تتحصن أنت والجيل القديم خلف جدار سميك اسمه التاريخ، يبيح لكم إطلاق قذائف الاحاديث (المسيئة)، وترتد عنه رصاصات الحقائق..؟ عزيزي البعيو..أنت وجيلك والاجيال التي سبقتكم تتحملون كل ما يحدث اليوم في الساحة الفنية من رداءة و(انحطاط) في الذوق العام..أنتم من غرستم في هذا الجيل الجديد بذرة (التمرد)، بعد أن رفضتم الوقوف إلى جانبهم واقتيادهم للطريق الصحيح الذي يؤدي لتسطير تاريخ جيد..أنتم من حرمتم هذا الجيل الجديد من الشباب أن يردد اغنياتكم..وطالبتوهم بتقديم الجديد في زمان تضاءلت فيه المفردة وانحطت فيه الالحان...وانتم كذلك من طالبتموهم باحترامكم ولكن للاسف لم تقدموا لهم ما يشفع بذلك الاحترام...وظللتم في كل مناسبة تغدقون عليهم بالاوصاف السيئة وتبتكرون دوماً الطرق للعقاب دون أن تفكروا جيداً في الاسباب التي ادت لوصول الفن لتلك الحالة من السوء..وانتم أول هذه الاسباب. جدعة: لو جاء التصريح اعلاه من الهرم الراحل محمد وردي لوجدنا له العذر، فهو الوحيد الذي كسر الحاجز ما بينه والشباب وقدم لهم الحانه واستضافهم في منزله، وعقد لهم الكثير من الاجتماعات، واغدق عليهم كذلك بالوصايا وكثير من الاشياء التي يتطلبها الفن، وكان الراحل ينوي مواصلة ذلك النهج، ولكن يد المنون كانت اسرع. لسعة: بدلاً عن التصريحات المثيرة للجدل، دعونا مرة واحدة نتحدث بالحقائق، دعونا نتجاوز تلك الشكليات البغيضة وعبارات (فنانين كبار) و(فنانين صغار)، دعونا نجلس مع انفسنا لنقيم الاسباب الحقيقية التي افرزت مثل تلك الاغنيات وعدداً من المطربين الباحثين عن (لقمة العيش)، وقبل ذلك دعونا نتعاون لإخراج الاغنية من ذلك المستنقع (الآسن) الذي ادخلها اياه فنانو هذا البلد بصراعاتهم وترصداتهم وكبريائهم وجنونهم واحاديثهم التي لا تخرج عن قائمة المعلومات (غير القابلة للاستهلاك البشري). شربكة أخيرة: آخر الاخبار تقول إن طه سليمان فتح بلاغاً في البعيو...(وماذا تنتظرون غير هذا)..؟؟ السوداني