من النظريات القديمة المعروفة في توسع الدول نشر الثقافة والآداب والفنون ثم العادات في المنطقة المستهدفة لتكون في مستقبل الأيام، وإن طالت ،لذيذة وسائغ شرابها ،وتقوم الدولة أو الكيان صاحبة الهدف ظاهرًا أو مخفياً ،مستحضرة معها العوامل المساعدة كالحروب وما يعقبها من إنزلاقات أرضية واجتماعية واقتصادية، ثم الكوارث الطبيعية التي أصبحت الآن هي القاسم المشترك لكثير من التحولات في مسار حياة الأمم خاصةً في العالم الثالث ،ثم يلعب عامل الزمن والتداخل الأثني دوره الفاعل جدًا في خلط أوراق الدول المتجاورة وأثر كل ذلك في التأثير المتبادل على الإثنيات، وإستمالتها لصالح تحقيق أهداف دولة بعينها في أخرى، كل هذا يأخذ حظه في التطبيق الفعلي في ظل غياب آليات الدولة الفاحصة، ثم تغليب النظرة السطحية لمجريات تلك الأحداث، وإعتبارها موقوتة بأجلٍ وهي في الحقيقة بذرة ثمارها المرة تؤكل بعد عدة مواسم قد تمتد عقود وعقود. السودان قطعة حلوى من نوع حلاوة اللكوم المشهورة ،لايقاوم طعمها ولاتشكيلة ألوانها الزاهية المتعددة ولا قوامها المتمايل المملوء سكرًا ومكسرات وغيرها ،لقد اختصه المولى عز وجل بهذا الطعم ،فالشعوب تنجذب إليه كما النحل يزور الحديقة للتزود بالرحيق، فيطيب له المقام أو يُدمن المعاودة للتزود من ذات الحديقة. بهذا المنظور دعونا نلقي نظرة على الشرق الذي تكاملت فيه وتفاعلت كل العوامل السابق ذكرها لتلعب دورًا كبيرًا وهاماً في إعادة تشكيل، وصياغة المجتمع، فالهوية الآنية أو المستقبلية للشرق، بحكم الهجرات النوعية إليه من الداخل والخارج.الداخل هجراته أعطت الشرق في مجمله لونه وطعمه السوداني الخاص، بكل ألوان طيفه الإجتماعي والثقافي ،أما هجرات الخارج إليه فقد أدخلت فيه قسرًا جديداً العادات والمعتقدات ثم السلوكيات ولنقل إجمالا كل ثقافاتها التى لا تتفق مع موروثات المنطقة وهي (أي الثقافات الوافدة)بمرور الزمن تتغلب على ثقافة الداخل ثم تدريجياً يتناسى جيل الحاضر المتأثر مباشرةً بها يتناسى بالتقادم إرثه الثقافي والإجتماعي والأخلاقي ثم الديني إذا لم يقيض الله له من من ينقذه وينتشله من الهوة التي اتسعت رقعتها وعندها تقع الكارثة أو يعم الطوفان الذي نخشى منه على الشرق! مما يؤسف له أن التعامل الرسمي والشعبي بمستوياته المختلفة السياسية والإجتماعية ليس في مستوى خطورة الحدث الماثل أو الخطر المحدق على الأقل في النواحي الإجرائية رغم أن آلياته الفكرية والتنظيمية، وأياديه التنفيذيه تعلم يقيناً حجم الخطورة، لما هو مخطط قديماً وحديثاً وفي أي إطار يتم التخطيط وتحت أي ستار يتخفى المنفذون الفعليون لهذا المخطط أدوات كانوا أو وكلاء أم شركاء،سطحية المنظور لما يجرى في الشرق خاصة مدينة كسلا تقول إن الأثر سيزول بزوال المؤثر والشواهد تقول إن المؤثر لن يزول وبالتالي فإن الأثر باق وفعله متعدد، وقد إلتفت الساق بالساق لتكون النهاية إلي ما خططته الصهيونية يومئذٍ المساق!!!ساعتها فقط يدرك الجميع حجم الكارثة ،أما كفانا ما فرطنا في حلايب وغيرها من غياب للسلطة وأدواتها الرسمية والشعبية وغياباً للتعليم حتى طغت عليها ثقافة وفنون وآداب الآخرين ثم أخيرًا نحن نجري ونهرول خلف أضغاث أحلام الحريات الأربعة شمالاً وجنوباً ،ستذوب كسلا وغيرها كقطعة اللكوم إذا لم يتخلل طعمها الآن وليس غدًا بعض المذاقات السودانية من نوع الفسيخ والتركين والكول المعدل وراثيا.ً لقد تناولت أقلام كثيرة الإستهداف الذي تتعرض له مدينة كسلا وتحليلاتها القريبة والبعيدة أصابت كبد الحقيقة فيما يتعلق بالخارطة الإستيطانية الجديدة المدروسة والمحبوكة بحنكة عنكبوتية صهيونية توراتية الخروج عن طوقها أو أحبالها المصنوعة بعناية فائقة صعب للغاية ،فهي تفرز موادًا قاتلة يمتصها الجسم حتى وإن إستطاع الخروج منها فإن ما إمتصه كفيل بالقضاء عليه بالتدرج وهذه الشبكة تقوى عناصرها يوماً بعد يوم. نقر ونعترف بحق الدولة في فرض أوتجاوز الضوابط المقيدة أو المطلقة لكل ما يتعلق باللجوء ،أحواله وأسباب زواله بالعودة أو التهجير أو الإستيطان المقنن وفق نظم الدولة العاملة في هذا المجال ويندرج تحتها ماهو متاح من حريات أربعة كانت أو تفوق الشرعية كما أن من حق الدولة أن تمنح هويتها لمن تشاء وتحجبها عمن تشاء ، غير أن جنة الإشراق في تفردها إنطلق الجشعون فيها حتى أصبحت في غلائها تضاهي وتباري عاصمتنا الوطنية خاصةً في الأراضى التى باعتها حكومة الولاية بملايين معدودة، عن طريق البيع المباشر، ثم بيعت من بعدها بمئات الملايين !من وراء هذا الأرتفاع الجنوني الخرطومي الشبه والهوية ؟لقد أصبحت كسلا التي تغنى بها ولها العشاق طاردة لهم بغلائها في المأكل والملبس والمشرب(أقصد موية توتيل) والمغنى.لقد أصبحت كسلا قبلة إستثمار ثماره سيكون قطافها البعيد خطير جدًا وهو محو انتمائها للسودان بتدرج عجيب وبفعل يتم الآن فيها بأسلوب مريب! ظاهره الإستثمار، وباطنه الإستعمار ويزداد التخوف بما يشاع من إتجاه الولاية لنزع الأراضي الحكر، وربما لزجها في أتون معركة الإستثمار التي ينتظرها الغيلان، ولنا أن نتخيل كم هي الأراضي التي ستُنْزع والتي ستخصص أو يختص بنصيب الأسد منها الإستثمار الإستعماري المتخفي تحت الجلابية والتوب والسروال والمركوب!كم هي المليارات التي ستدفع؟ وكم عدد الذين سيغادروا كسلا مهجرين قسرًا؟ همنا الكبير أن نقي جنة الإشراق من مخطط الإغراق الذي ينفذ الآن فيها وحواليها، وكما يقولون ياما تحت السواهي دواهي !رسالتي للأخ المجاهد الوالي، أن ليست هناك جدوى لإستثمار يقوم على التغول أو النَّزع لحقوق الآخرين، والقانون الذي ينزع هو ذاته يعوض! ولنا فيما قام من سدود أو ستقوم العبرة والعظة لاجدوى لإستثمار لايسنده أمن إجتماعي راسخ ومتين .لأجدوى لإستثمار والشباب تحتويه العطالة وتتخطفه المخدرات والممارسات التي تتبعها في الأسواق التي غابت عنها في جنة الإشراق الكهرباء والرَّقابة لاجدوى لفضائيةٍ خاصةٍ والولاية خاصة حاضرتها في حاجة لمنقيات الأجواء والفضاءات والمياه وإصحاح البيئة .ثم أخيرًا ليت الخبراء إختصاصيو الأمن القومي (الكل معني به مع تفاوت درجات التقييم للخطورة)يعيدون تقدير الموقف على ضوء المعطيات الإقليمية والدُّولية ثم الداخلية والإستنتاجات والتحليلات وقرائن الأحوال. الله العلي القدير الحافظ ندعو صادقين ان يوفق المركز والولاية ليقوا هذا الشرق من شر النفاثات في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد ، ليس في الوقت متسع ونحن في سباق مع الزمن الذي سرقنا ونحن نقرأ كل الذي يجري من بين سطور قرأناها وأهملناها.لقد شبعت جنة الإشراق من إغراق القاش لها كل عام فلا تدَّعوها تغرق في الوحل البشري القادم ! ألقوا لها طوق النجاة فإن رنين أجراس الخطر يتصاعد كل يوم فلنعتبرها نوبة الصحيان .ألا هل بلغت اللهم فاشهد! üفريق ركن