عمت البلاد البشائر وتبسم فم الزمان ثناء بمولد الحبيب المصطفى، وازدانت الساحات والميادين بالألوان الزاهية وأضاءت الأنوار الملونة وجه المدينة، وكانت ليلة العرس الكبرى ليلة المولد سر الليالي، فلقد تحلق الذاكرون والدراويش مسبحين ومهللين (يا حي.. يا قيوم) بملابسهم المرقعة والمميزة، يكسوها الأخضر والأحمر والأبيض سائحين يلهجون بمدح الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم، وصوت النوبة الصوفية يعلو المكان. ويتقافز الصغار مثل الفراشات الحالمة، تدغدغ عروسة المولد والحصان والفارس أحلامهم... وكانت الليلة ليلة عيد. صناعة منذ أيام الدولة الفاطمية أمام واجهة مضيئة بها لافتة تحمل اسم أم درماني عريق في صناعة وبيع الحلوى، كشف لنا صاحبه الأستاذ ياسر محمد، الأمين العام للغرفة الفرعية لحلويات المولد ولاية الخرطوم سابقاً، عن أن صناعة الحلوى منذ أيام الدولة الفاطمية، وروادها الأشهر في السودان العم أبو سليم وعثمان الجلال والعم سيد مكي وعلي عبد الفضيل ويوسف الفكي وعبد الحميد حلواني والسر المغربي والعم عرمان. وأقر الباعة بضعف الإقبال على شراء الحلوى لهذا العام، وأرجع ياسر السبب لارتفاع أسعار السكر ولحبوب.. السمسم، الفول، المحص والجوز، إلى جانب ارتفاع أسعار الإيجارات ورسوم الأرضيات والكروت الصحية والنفايات. وقال شارحاً لنا: كان الإيجار في العام الماضي مليون وثمانمائة للمساحة (4*4) وتكون لمدة شهرين، وبلغ الإيجار هذا العام مليون وأربعمائة وخمسين جنيهاً لنصف المساحة ولمدة شهر فقط، يُجدد بنفس القيمة لشهر آخر. ü أصناف وأسماء جديدة أخبرنا ياسر بدخول أصناف جديدة من الحلوى مثل الملبن بالفول والرومية والنوحة والبطيخة «أحد أشكال الجوزية»، والشكيلما وتتفاوت في أسعارها. وفي جانب آخر بمولد السجانة كان الجديد «هابي سويت» المصرية والتي يبلغ سعرها 15 جنيهاً للكرتونة الكبيرة والحجم الأصغر 10 جنيهات. إلى جانب وجود الأصناف التقليدية حمصية، فولية، ويبلغ سعر الرطل 5 جنيهات، وهناك اللكوم (6) جنيهات العادي والذي تم أضافات اليه (8) جنيهات للرطل والجوية (7) جنيهات. ويتراوح سعر عروس المولد ما بين (3 - 50) جنيهاً بحسب الحجم وكذلك الأحصنة 3 - 20 جنيهاً.وتفنن الصانعون في الأشكال التي يحبها الصغار فنجد (العسكر والدبابات والمواتر، السفن، الجمل، الجوامع، الديك، الطاؤوس). مصنع وسر وصنعه لا توجد مصانع كبرى بعينها لصناعة حلوى المولد ويتم إعدادها في مصانع مصغرة بواسطة أصحاب الدكاكين، وفي جولة داخل إحداها في قلب أم درمان مع الأستاذ ياسر وجدنا الخبرة الأجنبية والجديد يطال كل شيء حتى الحلوى، وشرح لنا الخبير في صناعتها فتحي موسى طريقة إعداد الفولية والحمصية، مبيناً أنها تتم على خمس مراحل ويوضع الشراب السكري في إناء ضخم، وبعد أن يبرد يوضع على ماكينة ويتم عجنه مع السمسم والحمص والفول، ثم يطرح ب «شوبك» وبعد ذلك يعبأ ويغلف. وانتقلنا إلى قسم آخر خاص بتصنيع العروس والجوزية والتي يتم صناعتها قبل شهرين، ويتم صبها في قوالب خشبية بمقاسات مختلفة ويتم تزيينها وإلباسها بورق مخصص «كريشة»، وخلال جولتنا أخبرنا الحلواني المصري محمد جابر والسوري غسان عن تشابه طقوس المولد والحلويات، وتم بإدخال أصناف جديدة مثل الجوزة الملفوفة واللكوم بالكاكاو واللبن والنوجة. وكشفا عن الوصفة الخاصة لكل نوع والتي يعتبر الجوزة والسكر والكاكاو، الجلكوز وعرق الحلاوة من أساسياتها إلى جانب بعض الوصفات السرية. أفراح ومشاركات تناثرت ألعاب الأطفال حول المكان وانتشر الباعة يحملون أشكالاً ملونة وبالونات وأرانب ونمور والرجل الوطواط وهم يفاصلون في الأسعار أمام إلحاح الصغار وتذمر الآباء. والمكان يضج بالفرح وطعم العيد بالكبار والصغار.
