استعرض الخبير الاستراتيجي في شؤون القرن الأفريقي الدكتور حسن مكي أبرز السيناريوهات المحتملة في المنطقة بعد رحيل رئيسها وزرائها «مليس زيناوي»، وجاء حديث مكي خلال ندوة نظمها مركز التنوير المعرفي تحت عنوان: «قراءة التداعيات السياسية في القرن الأفريقي ما بعد رحيل زيناوي»، أبرزها ظهور تغيير على خارطة اللعبة السياسية في القرن الأفريقي، في ظل الأبعاد الإقليمية والدولية، استطاع زيناوي في وجوده أن يمسك بملفاتها بطريقة استطاع أن يدفع باستقرار ملحوظ على الإقليم الذي عانى الكثير من الصراعات خلال فترات متعاقبة، وتطرق الدكتور حسن مكي إلى الخارطة الاثيوبية تاريخياً وجغرافياً واجتماعياً، وقال إن زيناوي استطاع أن يوحد تلك القوميات غير المتجانسة في إطار واحد بدستور فيدرالي.. مشيراً إلى استياء الكنيسة الأرثوذكسية بسبب سحب نفوذها خلال حقبة ملس زيناوي الذي حرص على علمانية الدولة، وحول السيناريوهات المحتملة مستقبلاً في أثيوبيا قال الخبير حسن مكي على رأسها أن يستمر نائب رئيس الوزراء المكلف هايلي ماريام دسالن في منصبه حتى 2015م، وهي الفترة التي تنتهي فيها ولاية الحكم، وذلك وفق المشروع الأمريكي في المنطقة مع غياب تام لدور الكنيسية، خاصة عقب رحيل البابا باولوس راعي الكنيسة الأرثوذكسية الأثيوبية، واعتبر مكي أن رحيل باولوس والبابا شنودة في مصر بمثابة تغييب تام لدروهما التاريخي في البلدين والمنطقة.. أما السيناريو الثاني الذي وصفه الخبير حسن مكي هو انقلاب قوى الحرس القديم- محاربو الثورة- على هايلي ماريام دسالن باعتباره من الجيل الجديد، وبحجة حياده عن أهداف الثورة، ولم يكن محارباً في صفوف الثورة الأثيوبية، وجاء حديثاً بعد أن أكمل دراسته الهندسية وترفع في منصبه إلى أن أصبح نائباً لرئيس الوزراء ووزير الخارجية.. والسيناريو الثالث المحتمل- وفق حسن مكي- هو المتوقع للحفاظ على وحدة أثيوبيا، وهو افتعال أديس ابابا لأزمة جديدة مع ارتيريا، وإعلان الحرب على أسمرا وتوحيد الجبهة الداخلية والاصطفاف لحماية أثيوبيا وقال: إن هناك أصواتاً داخلية ترى عدم صحة الاستفتاء الأرتيري الأخير، الذي نتج عنه استقلال أرتيريا عن أثيوبيا، وأشار مكي إلى أن صراعاً سياسياً داخل الجبهة الحاكمة في أثيوبيا سيؤدي إلى فكفكة الثورة الديمقراطية، واعتبر أن هيمنة مجموعة التقراي على البلاد على أساس القوة سيؤخر أثيوبيا، ويعيدها إلى مربع المعاناة، منوهاً إلى أن الفترة الأخيرة شهدت في أثيوبيا إغلاقاً لبعض المدارس الإسلامية، واعتقالات طالت البعض، ووجود أعداد كبيرة من المعتقلين السياسيين منذ عام 2005م... وتوقع مكي حدوث ثورة عقب رحيل زيناوي.. وقال إن المشهد الاجتماعي ينبئ بحدوث ثورة زاحفة، كما نوه مكي إلى أن ترتيب الأوضاع الداخلية في أثيوبيا والفراغ الكبير الذي أحدثه رحيل زيناوي، كان السبب المباشر في عدم الإعلان رسمياً عن ترفيع نائب رئيس الوزراء الجديد المكلف إلى منصب رئيس الوزراء، تحوطاً لتبعات القرار الذي من شأنه- برأي مكي- قد يحرك القوميات الأخرى على القرار الذي قد تراه ليس من مصلحتها، كما لم يستبعد ظهور مشاهد جديدة على الصعيد السياسي في الصومال المقبلة على اختيار رئيس جديد، وتحولات محتملة تسحب الزعامة والريادة من أثيوبيا والإمساك بملفات مهمة على رأسها ملف السودان، ودولة جنوب السودان قال: ربما تحدث تغيرات قد تعيد تشكيل خارطة المنطقة في عام 2015م ولم يخفِ مكي الاحتمالات الأخرى خاصة مع تمدد التيارات الإسلامية.. عدد من المداخلات أعقبت حديث الخبير والأستاذ الجامعي حسن مكي وصف بعض الوضع في أثيوبيا قبل زيناوي كان مهدداً بفعل قوى البطش التي كانت منَصبة من الأباطرة، وآخرهم منقستو هايل ماريام، وبأسلوب طوعي وفق دستور قائم على الفيدرالية توحدت البلاد في ظل (9) أقاليم رئيسية، لكل إقليم الحق في إعلان انفصاله، لكن عملياً لم تجد هذه الفقرة الدستورية حظها، وأكدت المداخلات أن الفراغ السياسي الآن قد يحدث شرخاً سيما وأن البعض من القوميات أعدت نفسها للانفصال.. بينما رأى البعض استمرار الوضع على تركة ونهج زيناوي، وتدخل أمريكا المباشر للحفاظ على مصالحها بالدرجة الأولى، اتفق البعض على أن شخصية ملس وكارزميته القيادية كانت وراء الحفاظ على وحدة البلاد، بالرغم من اختلاف ثقافاتها وأعراقها، واستطاع زيناوي أن يحافظ على التوازنات والتناقضات في أثيوبيا، وتوقع البعض تأثر السودان سلبياً في حال حدوث صراع في أثيوبيا.