التقرير السنوي الصادر عن الصندوق الوطني لنشر الديموقراطية (National Endow ment Democracy) - NED- وهو المؤسسة الأمريكية التي تمولها وزارة الخارجية الأمريكية، والتي تدعو الى نشر الديموقراطية في البلدان النامية عبر تمويله للعديد من منظمات المجتمع المدني بأموال طائلة، تحت شعارات الشفافية وتنميط المجتمعات والعدالة وحقوق الإنسان... هذا التقرير أثار جدلاً كثيفاً في وسائل الإعلام وقد نشرته بعض الصحف أيضاً وتناولته في تقرير سياسي، مشيرين الى قائمة المنظمات التي تلقت أموالاً تحت مسمى العمل من أجل الديموقراطية ونشر الحرية، ومكافحة الجهل والفقر، والدفاع عن حقوق الإنسان، وقد فند تلك الشعارات الصحفي الأمريكي «اريك دريستر» رابطاً تمويل تلك المنظمات والمراكز بالسودان بدورها في عملية إزكاء المظاهرات وتمويل الأحزاب التي تدعو الى إسقاط النظام.. ردود الأفعال تباينت من قبل بعض قيادات تلك المنظمات التي كتبت في بعض الصحف والمواقع الالكترونية- وعلى سبيل الذكر تحدث الدكتور «حيدر ابراهيم» مدير مركز الدراسات السودانية معقباً على هذا التقرير الذي نشر عن الأرقام التي تلقتها المراكز السودانية، علماً بأن مركزه يتلقى «6.400» دولار أمريكي.. وعزا الحديث عن تلقي أموال من أمريكا الى أنها ظاهرة مدنية مجتمعية عالمية، ولها تاريخ للنشأة ودوافع ايضاً نسبها لحركة التطور التاريخي للمجتمعات في قراءة للحركة الإنسانية بالتوازي مع السياسة، وحاول شرعنة تلك الأموال بوصفها ليست عملية استخباراتية سرية، وأن التمويل أصبح علماً يدرس في الجامعات، وتعقد له كورسات وورش للتدريب، ويصدر له دليل للمنظمات لكيفية الحصول عليه من المانحين، واصفاً ذلك أنه من أساسيات العمل الطوعي الإنساني، ومفنداً اتهام الآخرين للمنظمات والمراكز السودانية، بتلقي الأموال بأنه اتهام غير صحيح، ساهم في ذلك سكوت ناشطي المنظمات وتقاعسهم في توضيح هذه العلاقة وقبول الإدانة ضمنياً بالسكوت. مراقبون سياسيون أعربوا عن ضعف دفوعات الدكتور حيدر ابراهيم علي وغيره من ناشطي المجتمع المدني، وخاصة القيادات في تلك المنظمات من حيث النفي لأصل أهداف التمويل الأمريكي، معضدين ذلك الضعف في الرأي والحجة بتقرير الصحافي الأمريكي «اريك دريبستر» الذي كشف عن دورها وأورد ذلك بالأرقام، وأوضح علاقتها بالمصالح الأمريكية الواضحة في تنفيذ سياستها.. وهذا شاهد من أهلهم، وليست لديه مصلحة سوى العمل الصحفي المتبع للحقائق والدال بالأرقام والأسماء. من جهة أخرى كشف ناشطون سياسيون من شرق السودان عن اتصالات تمت بواسطة الأمريكي «هيلد جونسون» وبإشراف من المعهد الجمهوري مع رموز قبلية من شرق السودان بهدف تكوين جسم الجبهة الثورية الديموقراطية لتحرير شرق السودان، وتشكيل حركة انفصالية جديدة بالشرق، وذلك عبر منظمات مجتمع مدني وغطاء منظمات دولية.. وفي ذات السياق هنالك أيضاً حملة في جمهورية مصر العربية في ذات الموضوع حول تمويل بعض المنظمات المصرية من قبل ذات الجهات الأمريكية بذات الفكرة عن نشر الديموقراطية والحريات، وهما مركز ومعاهد أمريكية تتبعان للحزبين السياسيين الحاكمين، وتعملان باستراتيجية واحدة لتغيير الأنظمة التي لا تنفذ سياستها بواسطة من يستخدمون تحت غطاء العمل الإنساني والطوعي، كما جاء في التقرير الآنف الذكر والذي أثار غباراً كثيفاً مازالت ذراته عالقة في وسائل الإعلام والمواقع الالكترونية، ويبدو أن الكثير لم يكشف بعد!