ظلت شجرة النخيل التي ارتبطت بمعان كثيرة وتأصيل متفرد في الاسلام يمثل انتاجها الركيزة الأساسية في حياة مواطن الولاية الشمالية وهذه الشجرة التي قيل عنها أكرموا عمتكم النخلة وذكرها القرآن في عدد من الآيات الكريمة وكان بلحها هو الذي تساقط في قصة سيدنا إسماعيل وأمنا مريم عند اهتزاز الجزع حيث يتساقط الرطب وكان الصحابة عليهم رضوان الله يعتمدون على البلح بديلاً للوجبات وهم في مهامهم التعبدية. وتنتشر أشجار البلح في كثير من المناطق وتمثل جزءًا من الثروة الرئيسية في العراق وتونس وفي المملكة العربية السعودية وعلى وجه الخصوص في مناطق المدينةالمنورة توجد أنواع من البلح لا توصف وقد ارتبط شهر رمضان الكريم بالبلح حيث يمثل البلح جزءًا أساسيا في افتتاحية وجبة الافطار وفي ذلك الشهر ترتفع أسعاره ويزداد الطلب عليه أردت بهذه المقدمة أن أذكر بأهمية النخيل وانتاجه من البلح. وكما أشرنا ظلت الولاية الشمالية تعتمد عليه اقتصادياً ويتعامل السكان طيلة العام مع أصحاب الدكاكين عن طريق المديونية بضمان المحصول وهو ضمان كافٍ وقوي يفوق قوة الشيكات خاصة أن أسعاره في فترة الحصاد تتدنى ويقوم أصحاب تلك المديونيات باستلام قيمة ديونهم عيناً وليس مالاً ويقومون بتخزينه حيث ترتفع الأسعار ويتم البيع فيحققون أرباحاً كبيرةً. وظل محصول البلح يتراوح في قوة وضعف الإنتاج من عام الى آخر ولكن هذا العام تحير الناس فيما حصل فلم ينتج النخيل شيئاً هذا العام وهو وضع شاذ حدثني أحد الاخوان ان مثل هذا الذي تم هذا العمل كان قد حصل قبل 40 عاماً تقريباً ولم يتكرر إلا هذا العام ان ضعف الإنتاج هذا العام شيء ملفتاً فقد علمت أن من كان ينتج مائة جوالاً مثلاً فان إنتاجه الآن لم يتعد العشرة جوالات وحدثني أحد الاخوان بأن متوسط إنتاجه في كل عام كان بين مائة الى مائة وخمسين جوالاً ولكنه هذا العام تحصل على 6 جوالات فقط وبهذا الذي تم فان أصحاب المتاجر لن يتحصلوا على مديونياتهم مما سيخلق حرجاً بينهم وبين الدائنين منهم على ضمان النخيل. ان هذا الأمر يستحق ان تتوقف عنده كل الجهات المختصة وزارات الزراعة الأبحاث الزراعية، ووقاية النباتات والسلطات المحلية، وجمعيات التمور، والشركات المحلية، بل الدولة كلها أنها ثروة لابد من الحفاظ عليها، لقد اعتقد البعض ان قيام سد مروي، وتغيير المناخ له أثر، ولكن استبعد ذلك لأن السد موجود منذ سنوات وحتى العام الماضي كان الانتاج جيدًا وقد ظننت أن ضعف الري والعطش سبباً من الأسباب لكن علمت أن هناك مناطق لا تعاني من ذلك، وان الري فائض عن الحاجة ولكن ضعف الانتاج هذا العام قد شمله لقد كانت الحشرة القشرية في الماضي سبباً في ضعف الانتاج، ولكن ذلك كان محصورًا في مناطق بعينها وقد تمت محاربتها وكاد القضاء عليها أن يتم.. إن أهالي الولاية الشمالية هذا العام في مأزق وعلى الدولة بكل مستوياتها بدءًا من السلطات المحلية والولائية والاتحادية أن تتدخل بل أرى أن الأمر يستوجب ادخال الصناديق( صندوق الزكاة والضمان الاجتماعي والمنظمات العاملة) في مجال الرعاية الاجتماعية. لا أدري ما سبب الاضراب الجماعي للنخيل بالولاية الشمالية عن الانتاج هذا العام وقد تضامن النخيل كله فيه، ولم تتخاذل نخلةً واحدةً فمن ماذا زعل النخيل من أبنائه أهل الولاية وربما يكون ذلك بسبب عدم الاهتمام بنظافته ورعايته أبحثوا عن الأسباب وعالجوا العلة فبدون النخيل ستصبح الولاية الشمالية ليست بذات قيمة.