دعانا حزب المستقلين التلقايء(إلى ندوة ثقافية افتتح بها نشاطه.. وعبر صديقنا الناقد «محمد جيلاني» ذهبنا إلى الندوة وكنت خالي الذهن تماماً عن التفاصيل.. لكن أصطحبت صديقي الفنان (صابر جميل) وذهبنا.. الموضوع كان عن تطور الشعر في الشكل والمضمون أغنيات حقيبة الفن والأغنية الشبابية مع مساهمات شعرية من بعض الشعراء الشباب.. قلت للجيلاني ده إسم حزب.. ولا إسم قصة قصيرة.. وهناك وجدنا شباباً يقوده بروفيسور(مالك حسين) وأركان حربه دكتور فايز عبد الله وشاب أخضر يضج بالشاعرية، كان معي (الدكشنري) في فن الحقيبة على مصطفى.. وفاجأني حين ذكر إنني أول من قدمته بصفته فناناً في برنامج (من الخرطوم سلام) وحقيقة فقد قدَّمنا عدداً من الشخصيات في هذا البرنامج ومن ثم انطلقوا بصفتهم نجوماً.. وأصبحوا ضيوفاً راتبين في معظم البرامج.. بل أصبحوا بعد ذلك يكتبون في الصحف، وبعضهم أصبح يقدم البرامج وربما لا يذكرون لنا هذا الفضل في اكتشافهم.. وأستمعنا إلى أشعار من شعراء وشاعرات شباب وكلهم أجادوا.. قُلت لرواد الندوة.. إنني سعيد بمشاركتي وعلى الرغم من إنني لم أطلع بعد على برنامج الحزب لكنني أتوقع جديداً حسبما أعرف قرب عراب الحزب من الديمقراطية والليبرالية.. لكن إسم الحزب ذاته ملفتاً للنظر فهو ليس إسماً تقليدياً.. كما إن البساطة تكتنف التعامل بين الأفراد.. فقد بدءوا كأصدقاء تجمعهم فكرة أو أفكار أكثر مما بدوا حزباً.. فلم تستقبلنا شعارات.. أو هتافات.. أو السمات التقليدية للأحزاب السودانية قد نتساءل هل نحتاج إلى حزب جديد؟ كنت أزعم إننا يجب أن نختصر أحزابنا إلى ثلاثة أجساد.. اليمين واليسار والوسط.. ثم تكون عباءة الحزب فضفاضه لكن في إحكام بحيث نستوعب فكريات لا تصل تناقضاتها إلى الصراع.. وهذا ما يحدث في الأحزاب التقليدية فبمجرد الإختلاف في وجهة نظر ينقسم الحزب عوضاً عن ضخ أفكار جديدة في شرايين الحزب.. كل الأحزاب التقليدية متشظيه.. فهنالك أكثر من حزب اُمه.. أكثر من حزب إتحادي، أكثر من حزب إسلامي.. شيوعي.. بعثي.. لا يوجد حزباً متماسكاً إستطاع أن يحتوي الأفكار المتباينة،ربما لأن الأحزاب عندنا ولدت من رحم السلطة الأبوية التي نستوجب الطاعة بل الطاعة العمياء.. ويكون الولاء للأشخاص وليس للأفكار.. بعد ثورة أبريل طرح (على محمود حسنين) حزباً جديداً لعله (الوطني الإتحادي) وعمم برنامجاً أطلعت عليه وأعجبنى جداً الطرح والأفكار والرؤى التي أطلعت عليها.. وكدت أن أنضم إليه لكن كعادتي إنتظرت حتى أشوف آخرتا.. وكانت أن مُنِّيَ الحزب بهزيمةٍ في الإنتخابات ولعل قائده سقط في إنتخابات(بلدته ذاتها) تساءلت أين الخلل.. وهل كان البرنامج مجرد نظريات لم تطبق على أرض الواقع..؟ عموماً دعونا نحلم بأن الحزب الجديد لديه ما يضيفه.. وأن يفسح للشباب فرصاً أوسع وأن يوسع صدره لحماس وعجلة الشباب.. وأن يعمل أكثر مما ينظر.. وأن يطبق نظرياته دون قداسة مع حراك يسمح بالتغيير والحذف والإضافة.. وأن يكون شجاعاً في أن يغير ويبدل في سياسته إن أكتشف إنها لم تؤت ثمارها المنشودة.. وأن لا يتحرج من أن يخطيء ولا يتحرج من معالجة الأخطاء.. وأن لا تكون الندوة التي توسلت بالشعر والغناء مجرد لافتة للجذب إنما عملاً أصيلاً يعلي من قدر الثقافة والفنون ويتبنى أطروحاتها الجديدة.. وأن يكون الحزب الجديد (تلقائياً) حقاً والتلقائية فلسفة عميقة ومدرسة جديدة نحتاجها حقاً.. ولكنها تحتاج إلى عمل دؤوب وصبر جميل.. ونحن درجنا أن نتواصى بالحق كثيراً ولكننا قليلاً ما نتواصى بالصبر.. وإن كنا فى مقام أن نسدي نصيحة لقائد الحزب وأركان حربه فهي تتمثل في (أملأ حزبك طوب ما تملاهو عرقوب.. إن دخلوا يغبروا وإن مرقوا يخبروا) ولا أزيد..