قال ابراهيم بن ميمون فلقد رأيت المأمون وقد دمعت عيناه، وظهر عليه حزنه وقال لعمري هذا من صنائع البرامكة، فعليهم فأبك، وإياهم فأشكر، ولهم فأوف، ولإحسانهم فأذكر. قال الشاعر: سقى الله أطلال الوفاء بكفه فقد درست أعلامه ومنازله وقال آخر: أشدد يديك بما بلوت وفاءه إن الوفاء على الرجال عزيز ظهيرة الجمعة الماضية قمت بزيارة للأخ الصديق الأعز مجدي خلف الله لأبارك له مولوده الجديد، وأنا في إتجاه الطفل أخبرني مجدي بأنه قد أطلق عليه اسم(مجذوب الخليفة) دفعة واحدة فلما قرأت الفاتحة في أذن الطفل تخالط شعوران في وقتٍ واحدٍ شعور الحزن المتجه بالتوسل والرَّحمة وشعور الفرحة بوليد يقدّم أوراق اعتماده للحياة(طفلاً فوق العادة) فانسكبت دمعة ورشق لسان!! ثمنَّت لمجدي همة الوفاء، وقلت له حتى لو كان المولود أنثى كان حرياً أن تسميها (مجذوب الخليفة) ذلك على خلفية العلاقة التي كانت بين مجذوب ومجدي فالأخير مدير مكتبه الذي لايحتاج لكلام حتى يترجمه لفعل كان التفاهم بينهما قائما على ال «Telepathy» وهذا يعني إتصال عقلين بوسيلة «التوارد» وتلك منزلة من التوحد تجمع بين السياسة والفلسفة والشعور الباطني والإشارات الخفية والبارا سيكلوجي وحبر التفاهم!! عرفت مجدي في أبوجا مرافقاً لرئيس الوفد الحكومي الدكتور مجذوب ومديرًا للمفاوضات وأخال أنه لم يبلغ الثلاثين وقتئذٍ لكنه كان يعبر عن حكمة شيخ في السبعين، ذكرني ذلك مقطع شعر لعبد المعطي حجازي (يا أيها الطفل الذي ما زال عند العاشرة لكن عينيه تجولتا كثيرًا في الزمن.) مجدي من العارفين بكل أسرار ملف دارفور، وظل يديره من وراء حجاب دون ضجة ولا تنطع، ورغم انه وراء قرارات مهمة، وتنازلات مقدرة وتصويبات، إلا أنه لم يصرح لصحيفة أو يطل على شاشة أو يتفوه بنامةٍ عكس ما أرى من تهافتٍ للاعلام وتصريحات لا علاقة لها بجوهر الحدث وضمور معرفة، وحجة الحد الذي أوصل هذا النشاط مرحلة(الظاهرة!!) من نِعم مجذوب عليه !! أنه غير قابل للخديعة ومحصَّن بحاسةٍ إضافية لمعرفة الناس من الوهلة الأولى، ومن نعمه الفياضة عليه أيضاً التفطن وحسن التدبير والنظر لما بعد. التهنئة للصديق مجدي بمجذوب الخليفة ذكرى ومولودًا في زمن يعز فيه الوفاء!