أطلق رئيس الجمهورية المشير عمر البشير نداءً لقيادة حملة لتغليب خيار الوحدة على خيار الإنفصال. وقال لدى لقائه مساء أمس قيادات سياسية وشخصيات قومية وقياديي رأي عام ومجتمع، إن البلاد تمر الآن بمرحلة مهمة تستوجب على الجميع توحيد الصف والرؤى لجعل خيار الوحدة هو الأول عند اجراء الاستفتاء لتقرير المصير في يناير القادم. وذكر أن الحكومة أوفت بالتزاماتها تجاه اتفاقية السلام الشامل وأجازت قانون الاستفتاء وتعد الآن لتسجيل الناخبين المستحقين للتصويت في صناديق الاستفتاء، مؤكداً أن الحكومة تعمل على أن يجري الاستفتاء في أجواء من الأمن والاستقرار «بلا إملاء أو إكراه أو تزييف» مجدداً موقف الحكومة الواضح حيال الايمان بالوحدة الطوعية.وأوضح أن الاستفتاء يجب أن يؤسس للسلام. مشدداً على ضرورة تضافر الجهود وتأسيس موقف وطني مشترك من أجل الحفاظ على سيادة السودان، وفيما يلي نص كلمة رئيس الجمهورية: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين.. سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحابته ورسل الله أجمعين. الإخوة والاخوات الكرام.. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .. ورمضان كريم يطيب لي أن أرحب بكم في بيت الضيافة، وأحيي حضوركم واستجابتكم لدعوتنا، للتفاكر والتحاور في شأن وطني عظيم، وقد اعتدنا أن نلتقي بكم قيادات سياسية وشخصيات قومية وقادة رأي عام ومجتمع، كلما عبرنا بمنعطف تاريخي يتوجب وحدة الصف وشراكة الرأي، واليوم نلتقي مرة أخرى في قضية هامة ومحورية تهم كافة الشعب السوداني وتمس كيان السودان وما جاوره من دول، إذ أننا مقبلون نحو استفتاء حول تقرير المصير لجنوب السودان، وهو التزام تعهدت به كل القوى السياسية السودانية.وفي سبيل الوفاء بالتزامنا اجزنا قانون الاستفتاء ، وانشأنا مفوضية الاستفتاء التي باشرت عملها، وأمامها الآن مهمة أساسية، هي تسجيل الناخبين المستحقين للتصويت في صناديق الاستفتاء، وضمان الوصول الى كل ابناء السودان الجنوبيين في الجنوب والشمال ودول المهجر، وأمامها جملة من الاجراءات الأخرى المهمة وصولاً الى عملية الاقتراع في يناير من العام 2011م. الإخوة والاخوات الكرام. لقد أكدت في خطابي أمام الهيئة التشريعية القومية عند ادائي اليمين الدستورية رئيساً للجمهورية أننا ملتزمون باتفاقية السلام الشامل كاملة بغير استثناء، وأكدنا عزمنا على النهوض بهذا الاستحقاق الدستوري، والتزامنا قائم، منذ أن وقعنا مع شريكنا في حكومة الوحدة الوطنية الحركة الشعبية اتفاقاً في مشاكوس ومن بعد في نيفاشا، وقد سرنا خطى واسعة في مسار التطبيق، الى أن وصلنا الى مرحلة الاستفتاء والذي نعمل جادين لأن يجري في أجواء من الأمن والاستقرار والاختيار الحر للمستحقين التصويت في الاستفتاء، بلا إملاء أو إكراه أو تزييف، ليكون له حظ وافر من المقبولية والمشروعية لنا ولشعبنا في الشمال مهما كان قرار أهلنا في الجنوب.ولابد أن نبيّن أن موقفنا واضح في الإيمان بالوحدة الطوعية، نعمل لها، وندعو الى الاعتصام بها ، خياراً طبيعياً وسياسياً، يضمن لأمتنا السودانية أن تتقدم اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، ويضمن العيش الكريم لشعبنا في شمال الوطن وجنوبه.إن الأصل الذي تأسس عليه اجراء الاستفتاء هو السلام، لذا فلابد ان تكون عاقبة الاستفتاء سلاماً. إن أي وحدة مع الحرب الأهلية، لا تقدم مصالح السودانيين لا في الشمال ولا في الجنوب ، وبالمقابل فأن سوداناً منفصلاً الى بلدين لا يستطيعان سلاماً بينهما هو أسوأ الخيارات الممكنة، لذا لا يبقى لوطني عاقل من خيار، سوى خيار السودان الموحد السالم، المتسالم بعضه مع بعض.فهل يكون هذا الخيار ممكناً؟ إنني أقول إنه ممكن بل وواجب وطني من الدرجة الأولى.واليوم نجتمع لنتدارس معاً جميعاً كسودانيين، سبل جعل هذه المسألة في غاية من الوضوح، لذلك نتطلع لدور رائد، من كل القوى السياسية الوطنية، خاصة اخوتنا من جنوب السودان ليكونوا سنداً لهذا الخيار، على أساس سودان موحد. وعلينا أن ندرك أنه في حال حدوث انفصال - لا قدر الله - فإن ذلك ينعكس على كافة الاحزاب والتنظيمات السياسية فالنظام السياسي في السودان ليس خاصاً بحزب بعينه، بل هو مسؤولية الجميع، بل إن الانفصال ستكون له عواقب بعيدة المدى على جوارنا، المباشر وعلى أفريقيا التي أكد ميثاق وحدتها على الحفاظ على كياناتها السياسية كما هي. الإخوة والاخوات الكرام.. اننا على عتبة مرحلة هامة ، تتطلب مضافرة الجهود، وتكريس الوقت والبحث في كيف يمكن أن نؤسس موقفاً وطنياً مشتركاً، من أجل الحفاظ على سيادة السودان ونماء أرضه واستدامة سلامه واستقراره. وقد دعوناكم كقوى وطنية لنؤسس معاً هذا الموقف الوطني، وإذا جاز لي أن أقترح أشياء في هذا الخصوص فهو، أن نطلق من هذا اللقاء نداءً قوياً مسنوداً بالحجج نؤسس به موقفا جميعاً لمصلحة الوحدة. إن من الواجب علينا كقوى سياسية وطنية أن نوحد صفنا ورؤيتنا للمسألة ونوحد إرادتنا السياسية واجتماعنا هنا لنتداول حول الآلية التي نتفاعل بها تجاه المسؤولية التاريخية؟ ولنعرف رأيكم كيف نجعل من الإرادات الدولية والاقليمية وبوجه خاص الافريقية متناصرة معنا؟ وكيف نعزز من جهود الأصدقاء ودعاة الوحدة في العالم لتغليب خيار وحدة السودان.وكيف نستخدم كل علاقاتنا السياسية وصلاتنا الخارجية ووسائل إعلامنا المختلفة لإدارة الحوار والتفاهم والتبصير بفوائد الوحدة، فالكتابة والحوار والتواصل وسائل ناجعة في كل شأن من الشؤون. لقاؤنا - اخوتي وأخواتي- هو للتفاكر حول نفرة مشتركة نسوق بها ركبنا الوطني نحو غاية الوحدة المنشودة. وإنني على يقين، من أنكم تدركون مدى ما يبثه ملتقاكم هذا في نفوس أهلنا من رضى وهم يشهدون تجردكم ويرقبون بكثير أمل، نتاج جهدكم وفكركم على درب الوحدة والسلام.