وقبل إبحار زورقنا منزلقاً خفيفاً على سطح النهر.. وقبل أن نمد يدنا له بالسلام والتهاني.. بانعقاد مؤتمر الولايات- ولاية الخرطوم- توطئة وإعداداً واستعداداً واستقبالاً للمؤتمر العام.. دعونا نقول.. أولاً مبروك أن ينعقد المؤتمر.. تحت هالات الضياء بل في ضوء النهار وعلناً وعلى رؤوس الأشهاد.. وليتكم تتذكرون مؤتمراتكم تلك، والتي كانت تنعقد سراً وفي أقصى درجات السرية والهمس عندما كانت تنعقد تحت أنظمة الدكتاتوريات القابضة الباطشة.. وليتكم تتعلمون وتفهمون وتؤكدون أن الديمقراطية هي أسمى وأغلى قيمة عرفتها البشرية.. وليتكم تتذكرون وتقرون أن الحرية كمٌ لا يتجزأ.. وليتكم ترفعون الشعار البديع.. والأنيق والشاسع المساحة الشاهق الطول.. وهو الحرية لنا ولسوانا.. والآن نقول.. مبروك.. إنعقاد مؤتمر ولاية الخرطوم.. نقولها.. من منصة ديمقراطية باهرة ونظيفة.. لأننا أبداً نردد في لحظة الخلاف وتباين الرؤى وتضاد وتصادم الأفكار.. نردد.. إن كنت لا ترى ما نرى.. فدعنا نرى ما ترى أو ترى ما نرى..ثم.. أنا لا ولن أكتب عن مؤتمرك من «الشرفة» لأن الشرفة أصلاً هي للضيوف والمراقبين.. والإعلام.. فأنا لست مراقباً.. ولا أكتب بصفتي إعلامياً.. لأن الدعوات التي هطلت أمطاراً على الإعلاميين.. لم تسقط نقطة رذاذ واحدة على رأسي.. وأظن وإن بعض الظن... قد يكون إثماً وقد يكون حقاً.. إن الدعوات كانت «نقاوة».. تذهب إلى الأحبة و«الإخوان» وأولئك الذين يخدعونكم بالدين وانخدعتم لهم.. بل يذهب يقيني للقول.. إن الحركة الإسلامية لن تدعوني إلى لقاء.. أو تنوير.. أو مؤتمر أو تفاكر.. حتى وإن طالت دعوتها حتى إبليس نفسه.. أما عن شرفة الضيوف.. فأنا قد زهدت في الجلوس أبداً على الشرفات.. حيث الصمت الرهيب وحيث السكوت.. والاكتفاء بالاستماع وأنا أريد أن أقول الكثير والمثير والخطر.. لذا سوف «أتخيل» نفسي وأنا عضو.. بل كامل العضوية في الحركة الإسلامية.. جوهراً ومظهراً.. أتخيل نفسي.. إني أحد «الإخوان» ومن «البدريين كمان».. أعتمر جلابية ناصعة البياض.. وأتلفح شالاً في شخب الحليب.. تنتهي أطرافه بزركشة بديعة التطريز.. وعمامة.. بيضاء وبيميني «عصايه» لا لأتوكأ عليها بل «لأهز» بها وارفعها إلى أعلى.. عندما تجلجل كلماتي وتدوي القاعة بالهتاف.. هي لله.. هي لله.. لا للسلطة ولا للجاه.. ويكاد البشر يقذف بي إلى أعلى عندما يهدر الإخوان وكأنه رزيم الرعد.. لا لدنيا قد علمنا.. والآن أحبابي.. أنا عضو في مؤتمر الحركة ولاية الخرطوم.. وما أدراك ما ولاية الخرطوم.. إنها مكان صنع القرار.. ومع أكيد حبي بل شوقي وجنوني وحنيني إلى كل ولايات السودان.. الماهلة والوادعة والوارفة.. إلا أن الخرطوم هي القاطرة التي «تجر» من خلفها العربات.. والآن.. بسم الله الرحمن الرحيم.. ولأن الأمر أمر دين.. ولأن الحديث عن مؤتمر الحركة الإسلامية.. ولأن الحديث عن الإسلام العادل.. الرحيم وقبل طلب فرصة الحديث من المنصة.. وقبل الاستجابة.. وقبل أن أقف أمام.. الأحبة أعضاء المؤتمر.. دعوني أقول كلمات يجب إن تقال قبل ولوجي إلى القاعة.. وقبل تقمص شخصية عضو المؤتمر.. حديث لكل ألوان الطيف من اليسار الأقصى إلى اليمين القصي.. ولأنه حديث خارج أسوار القاعة.. دعوني أقول.. ومن موقع معارض.. إن هذا المؤتمر قد أكد لنا أن الحكومة تكيل بمكيالين.. فها هي تفتح أذرعها والتي هي قاعاتها وأضواؤها وإعلامها.. وساحاتها وصحفها ونشراتها وإذاعاتها وتلفزيوناتها.. لمؤتمر الحركة الإسلامية.. وهو حرام على كل حزب حتى وإن كان موالياً أو متحالفاً أو مشاركاً في جلاء.. أو مشاركاً جزئياً.. أو له مناديب أو مندوب في قمة السلطة.. ولأن الأحبة ما انفكوا يرددون كلمة التأصيل.. في اليوم أكثر من مرة.. سنفصل واستناداً إلى تأصيل راشد كيف إن المؤتمر قد رعته الحكومة في محاباة وتمييز.. فإل ى بكرة