بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    مجلس الأمن يعبر عن قلقله إزاء هجوم وشيك في شمال دارفور    أهلي القرون مالوش حل    مالك عقار – نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي يلتقي السيدة هزار عبدالرسول وزير الشباب والرياض المكلف    بعد رسالة أبوظبي.. السودان يتوجه إلى مجلس الأمن بسبب "عدوان الإمارات"    السودان..البرهان يصدر قراراً    وفاة وزير الدفاع السوداني الأسبق    محمد صلاح تشاجر مع كلوب .. ليفربول يتعادل مع وست هام    أزمة لبنان.. و«فائض» ميزان المدفوعات    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا "أدروب" يوجه رسالة للسودانيين "الجنقو" الذين دخلوا مصر عن طريق التهريب (يا جماعة ما تعملوا العمائل البطالة دي وان شاء الله ترجعوا السودان)    اجتماع بين وزير الصحة الاتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    شاهد بالفيديو.. خلال إحتفالية بمناسبة زواجها.. الفنانة مروة الدولية تغني وسط صديقاتها وتتفاعل بشكل هستيري رداً على تعليقات الجمهور بأن زوجها يصغرها سناً (ناس الفيس مالهم ديل حرقهم)    شاهد بالفيديو.. قائد الدعم السريع بولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل يكشف تفاصيل مقتل شقيقه على يد صديقه المقرب ويؤكد: (نعلن عفونا عن القاتل لوجه الله تعالى)    محمد الطيب كبور يكتب: السيد المريخ سلام !!    استهداف مطار مروي والفرقة19 توضح    حملات شعبية لمقاطعة السلع الغذائية في مصر.. هل تنجح في خفض الأسعار؟    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المملكة المغربية..زيارة ملكية تأريخية إلى دول الخليج العربية
نشر في آخر لحظة يوم 22 - 10 - 2012


اخرلحظة :الطاهر زين العابدين النور:
تناقلت وكالات الأنباء باهتمام استثنائي خبر الزيارة الرسمية التي يقوم بها الملك محمد السادس ، إلى بلدان الخليج الأربعة السعودية وقطر والإمارات والكويت ، بالإضافة إلى الأردن ، وحظيت بكثير من الاهتمام والمتابعة من لدن مراقبين ومختصين بغية تحليل دلالات ودواعي الزيارة الملكية التي وصفها البعض بكونها نادرة إلى دول الخليج.
وكان بلاغ للديوان الملكي قد أشار ، إلى زيارات عمل رسمية للملك محمد السادس إلى هذه البلدان الخليجية من أجل المساهمة في برامج تمويل ، على شكل هبات ، لمشاريع التنمية بالمغرب في إطار الشراكة الاستراتيجية المبرمة بين المغرب ومجلس التعاون الخليجي .
وقال بعض المراقبين إن أهداف هذه الزيارة الملكية لبعض بلدان الخليج لن تقتصر فقط على الجوانب الاقتصادية ، بل تشكل القضايا السياسية أيضا أحد عناصرها الأساسية ، لاسيما أن المنطقة العربية تمر بتحول سياسي غير مسبوق ، وذلك لأن المغرب سيسعى إلى تعزيز حضوره الذي بدأه خلال الأزمة الليبية حيث نسق مواقفه مع الدول العربية التي ساندت الانتفاضة الليبية التي شكلت خلالها الدول الخليجية عمودها الفقري على المستوى العربي ، وستكون الأزمة السورية موضوعا أساسيا في أجندة هذه الزيارة ، التي يتفق بشأنها المغرب مع دول الخليج باستثناء التدخل العسكري الذي لا يزال المغرب يرفضه كخيار لحل الأزمة.
وتوقع المراقبون بأنه ، على المستوى الاقتصادي تحديدا ، ينتظر أن تكون هذه الزيارة حصيلة لاتصالات سابقة يفترض أن يكون المغرب قد قام بها مع بعض دول الخليج ، وبالتالي يرتقب أن تحقق هذه الزيارة نتائجها الاقتصادية ، لاسيما أن بلدان الخليج راكمت فائضا ماليا مهما خلال السنوات الأخيرة.
كما ينتظر أيضا أن يتجدد النقاش حول مستقبل علاقة المغرب بمجلس التعاون الخليجي ، فالمغرب مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى وضع استراتيجية شاملة في ما يتعلق بدوره الدولي ، يوازن فيها بين المحاور الدولية التقليدية المتمثلة أساسا في أوربا وأمريكا ، وعمقه الاستراتيجي الجهوي على المستويين العربي والإفريقي ، وقال السيد ياسر الزناكي مستشار صاحب الجلالة الملك محمد السادس إن الزيارة التي يقوم بها جلالته إلى المملكة العربية السعودية مرفوقا بوفد هام تتوخى تفعيل المرحلة الأولى من الشراكة الاستراتيجية القائمة بين المغرب ودول الخليج وبالخصوص المملكة العربية السعودية.
وقد استهل الملك محمد السادس زيارته الخليجية بلقاء جمعه مع خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز ، ناقشا حلاله العلاقات الثنائية والأوضاع في المنطقة العربية والإسلامية ، كما تطرقا بالبحث في التعاون الثنائي بين البلدين الذين تربطهما علاقات استراتيجية راسخة.
وقد تم في هذا الإطار عقد اجتماع مع وزارء حكومة المملكة العربية السعودية تخلله عرض للوزراء المغاربة حول المشاريع التي تندرج في هذا الإطار والتي تهم عدة قطاعات مهمة في المغرب من قبيل الفلاحة والنقل والصحة والتعليم والسكن. وأضاف أن الهدف من هذا اللقاء هو إبراز وجود مشاريع قابلة للاستثمار سيشرع في دراستها بهدف تفعيلها في المستقبل القريب مشيرا إلى أنه سيتم في هذا الصدد إحداث لجنة تقنية مشتركة ستعقد اجتماعاتها في المستقبل القريب لدراسة الجوانب التقنية اهذه المشاريع وكذا طرق ووسائل تمويل هذه المشاريع.
وقد شكل هذا الاجتماع الموسع مناسبة لأعضاء الوفد المغربي لتقديم المشاريع التنموية ذات الأولوية على المستوى الوطني والتي أقر الجانب السعودي بنجاعتها واستمرارية مردوديتها سواء على المدى المتوسط أو البعيد. وشارك هذا الاجتماع عن الجانب المغربي مستشارو الملك محمد السادس إلى جانب كل من وزير الشؤون الخارجية والتعاون السيد سعد الدين العثماني ووزير الاقتصاد والمالية السيد نزار بركة ووزير الفلاحة والصيد البحري السيد عزيز أخنوش ووزير التجهيز والنقل السيد عزيز رباح ووزير الصحة السيد الحسين الوردي ووزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة السيد فؤاد الدويري.
كما شارك فيه عن الجانب السعودي كل من وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز آل شيخ ووزير المالية السيد إبراهيم بن عبد العزيز العساف ووزير الزراعة السيد فهد بن عبد الرحمن بلغنيم ووزير النقل السيد جبارة بن عيد الصريصري ووزير الصحة السيد عبد الله بن عبد العزيز الربيعة والمستشار بوزارة البترول والثروة المعدنية السيد عبد الرحمن محمد عبد الكريم.
أما التحرك الملكي صوب الأردن فقد جاء في إطار العلاقات الأخوية التي تجمع بين البلدين والعائلتين الملكيتين وفقا لبلاغ الديوان الملكي المغربي. وتشكل زيارة العمل الرسمية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى الملكة الأردنية الهاشمية تكريسا لسنة التواصل والتشاور التي ميزت على الدوام العلاقات المغربية الأردنية بفضل الروابط المتميزة التي ظلت تجمع بين عاهلي البلدين. وإذا كان هذا التواصل قد تجسد من خلال تبادل الزيارات بين قائدي البلدين جلالة الملك والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني فإن من شأن زيارة العمل الرسمية التي بدأها الملك محمد السادس لعمان أن تعطيه دفعة قوية تقوم على تصور شامل للتعاون الاستراتيجي بين المملكتين الشقيقين .
وقد استهلت هذه الزيارة بمباحثات على انفراد مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني .وقد وصف وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي السيد سعد الدين العثماني ونظيره الأردني ناصر جودة المباحثات التي أجراها عاهلا البلدين بالبناءة والمهمة مؤكدين أنها تركزت على تطوير التعاون المشترك سياسيا واقتصاديا بين البلدين الشقيقين. وقال الوزيران إن قائدي البلدين أكدا حرصهما على ضرورة العمل على توسيع مجالات التعاون المشترك وتبادلا وجهات النظر حيال القضايا التي تواجه المنطقة العربية.
وأشار السيد العثماني إلى أن العلاقات الأردنية المغربية تاريخية ومميزة ومهمة وتدعمها العلاقات الشخصية التي تجمع قائدي البلدين الشقيقين مؤكدا في الوقت ذاته أن هناك تطابقا في وجهات النظر حيال العديد من القضايا وأن هناك تعاونا في المنتديات الدولية للدفاع عن القدس المحتلة والوقوف ضد الانتهاكات الإسرائيلية بحق المدينة المقدسة. وأكد السيد العثماني إرادة المغرب في دعم جهود الأردن في استضافة اللاجئين السوريين وتقديم المزيد من الدعم لهم بالإضافة إلى الدعم المتمثل في إقامة المستشفى الميداني بمخيم الزعتري مؤكدا أن جانبا مهما من زيارة جلالة الملك محمد السادس للأردن تركز على هذا الجانب.
ومن جانبه أكد السيد ناصر جودة أن زيارة جلالة الملك محمد السادس إلى الأردن تهدف إلى إعطاء دفعة للعلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين مشيرا إلى أن القمة التي عقدها زعيما البلدين بحثت ملفات مهمة تتصل بالأوضاع المتطورة في المنطقة خاصة سورية والقضية الفلسطينية. وأضاف أنه تم كذلك بحث الوضع الإنساني للأشقاء في سورية وتداعياته على المنطقة عموما وعلى الأردن الذي يستقبل أكثر من مئتي ألف لاجئ سوري بشكل خاص. وأضاف أن الوضع المتصل بالقضية الفلسطينية شغل بدوره جانبا مهما في هذه المباحثات معبرا في هذا السياق عن تقدير بلاده للجهود التي يبذلها جلالة الملك محمد السادس في دعم القدس من خلال رئاسة جلالته للجنة القدس.
وشكلت زيارة صاحب الجلالة الملك محمد السادس للمستشفى العسكري الميداني الطبي الجراحي المغربي الذي أقامه المغرب بمخيم (الزعتري) للاجئين السوريين في محافظة المفرق (شمال شرق الأردن) محطة مهة في زيارة العمل الرسمية لجلالة الملك محمد السادس إلى الأردن ، حيث اطلع جلالته على مكونات المستشفى والخدمات التي قدمها منذ 10 أغسطس الماضي والى غاية 15 اكتوبر الجاري لما مجموعه 22 ألف و805 لاجئ. كما قام جلالة الملك بجولة في مختلف مرافق وأقسام المستشفى حيث وقف جلالته على الأوضاع الصحية لعدد من اللاجئين واللاجئات وأطفالهم الذين يتلقون العلاجات بالمستشفى .
وبهذه المناسبة سلم جلالة الملك للطبيب الرئيس للمستشفى هبتين مقدمتين من مؤسسة محمد الخامس للتضامن والوكالة المغربية للتعاون الدولي لفائدة اللاجئين السوريين بمخيم الزعتري. وتتمثل هبة مؤسسة محمد الخامس للتضامن في 6 آلاف من الأغطية خمسة آلاف منها موجهة لكبار السن وألف غطاء خاص بالرضع والأطفال وسبع حاضنات للمواليد الجدد وألف وحدة من مستلزمات الرضع الطبية منها والوقائية. أما هبة الوكالة المغربية للتعاون الدولي فتشمل كميات من الادوية وأجهزة طبية ومواد غذائية .
إن جلالة الملك محمد السادس هو أول رئيس دولة يذهب شخصيا للقاء اللاجئين السوريين ليؤكد لهم التزام بلد بأكمله بالوقوف إلى جانب الشعب السوري والتفاتة قلبية نبيلة تنطوي على مغزى عميق يجسد بعد الممارسة الإنسانية المتجذرة في تاريخ المملكة حيث تشكل ثقافة التقاسم والتضامن والكرم جزءا لا يتجزأ من الشخصية المغربية. وهذه الخصال هي بالذات ما يجسدها ويبرهن عنها الفريق المغربي الذي يعمل بالمستشفى العسكري للقوات المسلحة الملكية الذي يوجد في الميدان منذ العهد الماضي لمد يد العون للسوريين الذين فروا من دوامة العنف. فالجنود المغاربة بالمستشفى المهتمون بمعاناة ومآسي أشخاص كانوا حتى الأمس القريب يعيشون بكرامة بين ذويهم والمستلهمون من تعاطف وشهامة قائدهم الأعلى لم يكتفوا بأداء مهمتهم الطبية المحضة بل تجاوزوها إلى ما هو إنساني من أجل التخفيف من آلام الأطفال والنساء الذين يعيشون حالة من اليأس والإحباط. ولعمري أن ذلك ليس بغريب على المغاربة الذين سالت دماؤهم دفاعا عن هضبة الجولان المحتلة جنبا إلى جنب مع القوات السورية. واليوم هاهم هؤلاء المغاربة أنفسهم يتحملون من جديد مسؤولية دعم أشقائهم ببلاد الشام.
وهكذا فإن صاحب الجلالة الملك محمد السادس الوفي لتقاليد أسلافه يضع نفسه ضامنا لاستمرارية هذا التقليد المحمود المتمثل في الوقوف دوما إلى جانب ضحايا الظلم والمحتاجين إلى يد المساعدة . ذلك أن رصيد المغرب وثروته لا تكمن في وفرة خيراته وإنما تتجسد بالدرجة الأولى في الروح الإنسانية التي شكلت نبراسا ينير طريق هذا الشعب منذ فجر التاريخ. ففي البوسنة ومنذ بضع سنوات مضت كان أشقاء قد أطلقوا نداء استغاثة فبادر المغرب إلى تلبية النداء على الفور. وفي الصومال أيضا كان جنود مغاربة بواسل قد التحقوا بأرض تشتعل بها المعارك من أجل الدفع بالإخوة الذين صاروا أعداء إلى المصالحة. وفي الكونغو والكوت ديفوار والنيجر وليبيا وتقريبا في كل مكان بالقارة الإفريقية وخارجها كما هو الأمر في هايتي فإن تجريدات الجنود المغاربة والفرق الطبية المغربية رفعت عاليا ثقافة التضامن والإغاثة لشعوب أنهكتها ويلات ومآسي لا تخطر على بال. والواقع أن جميع هذه المبادرات التي تمت بأمر وتحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس تنبع من فكر متشبع أيما تشبع بروح التضامن الفاعل والتآزر الفعال والالتزام الدائم لجلالته بالقضايا الإنسانية العادلة.
وقد حل العاهل المغربي الملك محمد السادس في زيارة عمل رسمية لدولة قطر ، حيث أجرى مباحثات مع الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني أمير دولة قطر تمحورتر بالخصوص حول علاقات التعاون الثنائية والسبل الكفيلة بتعزيزها وتنميتها في مختلف المجالات ، كما بحثا آخر تطورات الأوضاع في المنطقة وخاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والازمة السورية.
وقد أولت الصحف القطرية اهتماما خاصا بهذه الزيارة ، مبرزة ما تنطوي عليه من أبعاد ودلالات على صعيد العلاقات بين البلدين وفي ما يتعلق بالقضايا ذات الاهتمام المشترك على المستويين العربي والدولي.
إن زيارة جلالة الملك محمد السادس على رأس وفد مغربي مهم لقطر تتوج مسارا طويلا من التعاون بين البلدين. وتعكس مدى تطور ومتانة العلاقات بين البلدين الشقيقين وتطابق وجهة نظرهما حول عدد من القضايا العربية والإسلامية وآخرها الوضع بسوريا وقبلها بليبيا حيث نسقا وبشكل مستمر ومتواصل لمواقفهما في المنتديات الإقليمية والدولية. ومن شأن هذه الزيارة أن تعطي دفعة قوية للجنة العليا المشتركة المغربية القطرية ومجلس رجال الأعمال القطري المغربي وتقوي الشراكة الاستراتيجية المتميزة بين دولة قطر والمملكة المغربية في مختلف المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية والاجتماعية والثقافية وغيرها.
كما ستعطي لقطر دورا مهما في دعم المسار التنموي بالمغرب من خلال مشاريع استثمارية وتشجيع القطاع الخاص القطري على الاستثمار بالمغرب ، ذلك لأن قطر أخذت تسجل حضورا متناميا في المجال الاستثماري بالمغرب جسده إقبال المستثمرين القطريين على المغرب في مجالات متعددة منها المجال السياحي والعقاري من قبيل استثمارات شركة الديار القطرية.
وتحظى هذه الزيارة بأهمية كبيرة لدورها في تعزيز العلاقات والشراكة الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين في إطار جولة عمل لأربعة بلدان خليجية إضافة إلى المملكة الأردنية الهاشمية.
وتمثل العلاقات القطرية - المغربية نموذجا قويا للعلاقات المميزة والتي تضرب بجذورها في عمق التاريخ حيث تمت ترجمتها خلال السنوات الماضية بمزيد من التعاون المشترك في العديد من المجالات. ووصلت إلى مستوى مرموق بفضل الإرادة المشتركة لقائدي البلدين وتوجيهاتهما المستمرة لتذليل كافة العقبات أمام تحقيق التعاون المشترك والارتقاء به إلى مستويات أرحب فضلا عن التنسيق السياسي تجاه القضايا الإقليمية والدولية بما يخدم المصالح العربية والإسلامية.
إن زيارة الملك محمد السادس إلى دول الخليج ، والتي اعتبرها المراقبون تاريخية تعكس دمقرطة وعقلنة السياسة الخارجية ودعم انفتاحها على مختلف الفاعلين التي سلكها المغرب ، وهو خيار تفرضه تحولات العلاقات الدولية في العقود الثلاث الأخيرة ، من حيث أبعادها ودوافعها ، وتعدد الفاعلين فيها ووجود تداخل بين الشأنين المحلي والدولي نتيجة للاعتماد المتبادل وتشابك المصالح ، وتنامي البعد الاقتصادي في العلاقات الدولية وارتباط القرار الخارجي للدول بالمصالح ، بمختلف تجلياتها وأبعادها السياسية والاقتصادية والعسكرية ، وتعقد القضايا والأزمات الدولية وتسارعها.
وتعتبر زيارة العاهل المغربي إلى كل من المملكة العربية السعودية وقطروالإمارات العربية المتحدة والكويت والأردن في غاية الأهمية لا من حيث توقيتها الزمني بالعلاقة مع الوضع المالي والاقتصادي للمغرب فحسب ،ولكنها أيضا لكونها تجسد الحضور المغربي إن على المستوى العربي والإسلامي أو الدولي أو الاقليمي سواء من خلال ما شهدته المملكة المغربية من أوراش ديمقراطية هامة في السنوات الأخيرة أو من خلال الدور الهام والمكانة المتميزة التي تحظى بها المملكة المغربية لدى المحافل الدولية .
وإذا كان التحرك الشخصي لجلالة الملك يحمل في طياته إشارات قوية وأبعادا خاصة.اتجاه دول الخليج على الخصوص ، فإنها تدخل في إطار التأكيد على عمق العلاقات الخاصة والمتميزة التي تجمع منذ عقود خلت بين المملكة المغربية وهذه الدول ، وهي أيضا دعوة صريحة لإعطاء دينامية جديدة ونفس جديد لهذه العلاقات حتى ترقى إلى مستوى طموحات البلدين .
ويقول المراقبون أنه بغض النظر عن كون التوجه العام لهذه الزيارة الملكية يروم نحو طغيان الطابع الاقتصادي والمالي عليها ، فإنها تعتبرأيضا دعوة مفتوحة لرجال الأعمال والمقاولات الخليجية للمزيد من المساهمة والانخراط في الأوراش الاقتصادية الكبرى التي تعرفها بلادنا إلى جانب المقاولات الاوروبية والدولية التي حققت مشاريع استثمارية هامة في المغرب معززة بالمناخ الاستثماري الملائم والمشجع الذي تعيشه بلادنا طيلة العشر سنوات الأخيرة .
وهنا لابد من الاشارة ، إلى أنه إلى جانب المحور الاقتصادي هناك مجموعة من المحاور الهامة التي من المحتمل أن تحظى بدورها بالاهتمام خلال هذه الزيارة الملكية ومن بينها ، إطلاع هذه الدول على التجربة الديمقراطية التي شهدتها المملكة المغربية منذ حوالي 12 سنة والتي توجت بتصويت المغاربة على دستور جديد وحكومة ديمقراطية أفرزتها صناديق الاقتراع ، مع التأكيد على استعداد المغرب لوضع هذه التجربة رهن إشارة دول الخليج من خلال تبادل الخبرات بين الجانبين .
كما أن الزيارة الملكية بكل ما تحمله من دلالات عميقة اتجاه دول الخليج ، تشكل كذلك دعامة قوية للدبلوماسية المغربية في شكلها الجديد والتي ستعمل ولاشك على فتح قنوات جديدة للدفع بالعلاقات الثنائية بين المملكة المغربية وهذه الدول من خلال تفعيل آليات التعاون في مختلف المجالات بين الجانبين ، وهي الزيارة الرسمية التي طالما انتظرها الأشقاء في دول مجلس التعون الخليجي .
لابد من التأكيد هنا على أن علاقة المملكة المغربية بدول مجلس التعاون على الخصوص ستظل دوما علاقة عضوية واستراتيجية هامة لاخيار عنها لايمكن إلا أن تعود بالخير العميم على الجميع انطلاقا من القواسم المشتركة والقيم الاسلامية التي تجمع المغرب مع أشقاءه في هذه المنطقة الهامة من العالم .
إن خصوصية هذه الزيارة الملكية في أنها تعكس علاقات طويلة الأمد ومتميزة بين المملكة المغربية وتلك الدول ، والتي تجمع بين الإنجازات التاريخية والسياسية والاقتصادية والجيوستراتيجية بين المغرب وتلك الدول ،و تسخير العلاقات الشخصية لجلالة الملك في خدمة المملكة ،وسمعة المغرب الدولية وقدرته على الحفاظ وإدامة علاقات استراتيجية مع الشركاء الرئيسيين.
ولابد هنا من رصد شراكة دوفيل لصالح التنمية الاقتصادية في المملكة ، والذي تجمع بالإضافة إلى دول /8جي/الكويت وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ، فالدول الأربع الأولى التي يزورها العاهل المغربي هي أعضاء في مجلس التعاون الخليجي /جي سي سي/ ، والتي وقع المغرب معها شراكة استراتيجية في عام 2011 ، والتي توفر التمويل لمشاريع التنمية في المغرب.
وقد أثرت الرؤية الاستراتيجية الملكية على الدعم المالي من طرف دول الخليج ركز عليها العاهل المغربي في خطاب العرش السامي لعام 2012 ، حيث قال وبالنسبة للعالم العربي ، فإن الواقع السياسي الراهن يحتم أكثر من أي وقت مضى القيام بتطوير العمل العربي المشترك . وفي هذا الصدد نثمن القرارات التي تم اتخاذها لتجسيد الشراكة الاستراتيجية التي تجمع المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي ، مؤكدين التزامنا الراسخ بتعميق علاقاته مع هذه الدول الشقيقة ، وتعزيزها في كافة المجالات .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.