صادفت «إضاءة» الخميس «أمس الأول» اهتماماً كبيراً من القراء، وظل هاتفي يستقبل العديد من المكالمات والمداخلات المتصلة بالموضوع مثلما لقي الموضوع الذي حمل عنوان «حرام.. حتى صحن الطماطم بالدكوة» ارتياحاً كبيراً في أوساط جمعية حماية المستهلك مثلما عبر رئيسها د. نصر الدين شلقامي وأمينها العام ميرغني عبد الرحمن الذي بادر إلى الاتصال أيضاً عبر بريدي الاليكتروني وتزويدي بجميع الوثائق المتصلة بحكاية الطماطم، وعزم الوزارة ووكيلها على فك الضائقة والتفريج عن الناس في موسم الندرة تجاوباً مع مساعي جمعية حماية المستهلك، لكن أمر اللجنة التي تم تشكيلها لهذا الغرض تبخر في اللحظة التي ظهر فيها «ود أمبعلو» الذي أشرنا إليه في «إضاءة» الخميس كناية عن غموض الموقف، وود أمبعلو- كما سلفت الإشارة هو كائن أسطوري يخيف به السودانيون في أوقات سلفت الأطفال ويردعونهم عن أفعال لا يرغبون فيها، وهو يوازي في الثقافة العربية الغول أو العفريت. ننشر اليوم في هذه المساحة الوثائق المتصلة بجهود جمعية حماية المستهلك واستجابة الوزارة ممثلة في وكيلها وقياداتها الإدارية والفنية من أجل تفعيل «الروزنامة» باستيراد الطماطم السورية «مؤقتاً» كما اقترحت الجمعية، والوثائق تعكس الجدية التي تعامل بها السيد الوكيل منذ اجتماعه الأول بتاريخ 15 يونيو 2010، وبعد أن اتضح له أن الطماطم تشكل وجبة رئيسية لمعظم الفقراء والسواد الأعظم من الشعب، وأن توفيرها بأسعار معقولة في وقت الندرة الذي يصادف شهر رمضان يعتبر أمراًَ ضرورياً، فأصدر قراره بعد خمسة أيام فقط 20 يونيو 2010 بتكوين لجنة لمراجعة الحماية واقتراح الحلول المناسبة، استناداً إلى نتائج الاجتماع مع جمعية حماية المستهلك ومن أجل الخروج «بنتائج قابلة للتطبيق» كما قال، وبالفعل أصدر مكتب الوكيل الدعوة بتاريخ 12 يوليو إلى أعضاء اللجنة لحضور الاجتماع الأول الذي تقرر أن ينعقد بمكتبه بعد ثلاثة أيام، مع التنبيه في الدعوة «لأهمية» الأمر الذي يستدعي الحرص على الحضور في الزمان والمكان المحددين، أو كما قال. في الموعد المحدد ذهب مندوب الجمعية إلى مكتب الوكيل، ولكنه فوجئ بأن الاجتماع قد جرى «تأجيله» دون إبداء أي أسباب، وعند سؤال رئيس الجمعية عن دواعي التأجيل أُبلغ شفهياً بأن «تم إلغاء القرار» وأيضاً من دون إبداء الأسباب أو توضيح الملابسات ومن دون تحديد الجهة التي قررت إلغاءه، هكذا ببساطة انتهى الأمر «فص ملح وداب» كما يقول أهل مصر. وبالإضافة إلى الضرر الكبير الذي يترتب على غمار الناس بسبب منع استيراد سلعة رئيسية كالطماطم والسماح بدخول سلع أخرى لاتهم الناس العاديين في قليل أو كثير كالكوميثرا والتفاح والتين الأخضر والفراولة ومن نفس البلد، فإن الطريقة التي انتهى بها قرار الوزارة تنم عن العشوائية أو «المزاجية» إن شئت التي تدار بها أمور البلد، «فبكلمة» من مسؤول أعلى يمكن هدم كل ما بنته المؤسسة وتصورته المؤسسية في لحظة واحدة، ومن دون تقديم تبريرات أو أسباب منطقية يمكن أن يفهمها القائمون على الأمر أو جمهور المستفيدين، الذين لا يزالون ينتظرون «رأفة الدولة» ولو إلى حين. إن الأمر يستحق النظر والاعتبار من أعلى مراجع الدولة ممثلة في السيد رئيس الجمهورية ونائبيه كنموذج لكيف تصدر القرارات وكيف يتم إلغاؤها بطريقة تفتقر إلى أبسط قواعد المهنية والنظم الإدارية. وفيما يلي صور للقرارات والمكاتبات المتصلة برفع الحماية عن الطماطم والخضروات سريعة العطب خلال شهور الندرة تيسيراً على المواطن، ولا يزال الأمل قائماً في أن يهدي الله المسؤولين ويفتح بينهم وبين شعبهم بالحق فهو أرحم الراحمين.