تحتفل إمارة الشارقة عاصمة الثقافة بدولة الإمارات العربية المتحدة هذه الأيام بعرسها السنوي معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الحادية والثلاثين، واحد وثلاثون عاماً مرت على الدورة الأولى لمعرض الشارقة الدولي للكتاب الذي أصبح معرضاً دولياً مميزاً على خارطة معارض الكتاب الدولية.. وتوجت الشارقة عاصمة للثقافة في دولة الإمارات العربية المتحدة بفضل معرض الكتاب ومعارض الفنون التشكيلية «بينالي الشارقة» وحفلات الموسيقى العالمية والمنتديات والمؤتمرات العالمية، ولقد تمكن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد وحاكم إمارة الشارقة بفضل اهتمامه اللا محدود بالثقافة عامة والفنون والآداب خاصة، أن يحقق لإمارته الشارقة الريادة الثقافية على مستوى الإمارات ودول الخليج.. ولم يكن ذلك العمل الثقافي الضخم والكبير على مدار أربعة عقود، عملاً عشوائياً، بل كان عملاً مخططاً ممنهجاً، بدأ بداية سليمة وصحيحة على أيدي مستشارين وخبراء وعلماء عرب من معظم الدول العربية في مجالات الأداب والفنون والمسرح والموسيقى والإعلام والصحافة.. وتحولت الشارقة منذ فجر اتحاد دولة الإمارات إلى ساحة ضخمة لمجالات العمل الإبداعي المختلفة، وورشة كبيرة للتدريب وتأهيل أبناء الإمارات في مجالات العمل الإبداعي المختلفة، ومع تلك البدايات تم الإعلان عن قيام معرض الشارقة الدولي للكتاب وذلك في 7 نوفمبر1981 وكانت البداية موفقة والإقبال عظيماً من الجمهور من داخل إمارة الشارقة وسائر الإمارات الأخرى، وكان التركيز واضحاً على المدارس في مراحلها الثلاث وعلى الجامعات، وما زال الاهتمام متعاظماً بالمعرض من المناطق التعليمية في الإمارات والتي لها برنامج يومي لزيارة المعرض في الفترة الصباحية.. ولعل موقع المعرض الحالي داخل مدينة الشارقة الجامعية أعطى طلبة الجامعات فرصة ثمينة للاستفادة من المعرض..واستقطب المعرض الزوار من دول الخليج الأخرى، فهناك ضيوف كثر يتوافدون على المعرض من سلطنة عُمان وقطر والبحرين والكويت والسعودية ودول أخرى.. وتزايد عدد دور النشر والناشرين عاماً تلو العام، وهناك مشاركات لدور نشر من كافة دول العالم، وهناك زيادة واضحة للعام 2012 في إعداد الشركات والمؤسسات المهتمة بالنشر الالكتروني من سائر قارات العالم.. 62 دولة مشاركة منها40 دولة أجنبية.. وهناك ثلاثة برامج مصاحبة على مستوى راقٍ من حيث تميز المشاركين والموضوعات في الثقافة والطفل والطبخ.. وزادت مساحة المعرض إلى 9613 متراً مربعاً.. وما زال المعرض فرصة جيدة للشباب والشابات للعمل وإيجاد فرص مناسبة لتحسين الدخل واكتساب خبرات جديدة. وما زال صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة يواصل عطاءه الثر والمدهش في مجالات الثقافة والعلوم وما زال يرفد المكتبة العربية والعالمية بإنتاجه الثر في مجال التاريخ والتراث، وظل سموه طوال السنوات الماضية يقدم للقراء كتاباً مميزاً جديداً يلقى الاهتمام والتقدير والاحتفاء الذي يستحقه، مثل خرافة القراصنة العربية في الخليج والخليج في خرائط تاريخية(1478-1861) وصراعات القوى والتجارة في الخليج1820-1620 والعلاقة العُمانية الفرنسية 1905 -1715 وكتاب سرد الذات، وحديث الذاكرة.. وقد دعا سموه إلى إنشاء منطقة حرة للنشر في الشارقة.ويحرص معظم الناشرين العرب والأجانب ودور النشر العربية والأجنبية على المشاركة في دورات معرض الكتاب وهو من المعارض ذائعة الصيت على مستوى معارض الكتاب حول العالم، ويحقق المشاركون من دور النشر والمكتبات وغيرهم أرباحاً جيدة، ويجدون سوق كتب رائجة ليس مثلها، كما أن صاحب السمو حاكم الشارقة حريص على شراء معظم الكتب الممتازة في المعرض ويقوم بتوزيعها سنوياً على المكتبات العامة في الشارقة وعلى مكتبات الجامعات والمدارس وعلى الأندية والمنتديات الثقافية، ولذلك تجد أن معرض الكتاب في الشارقة يحظى بالجديد من الإصدارات، وتحرص كل دار نشر على أن تقدم أفضل ما لديها من إنتاجها، ويحرص كثير من الكتاب والأدباء والشعراء على أن يعلنوا عن إصداراتهم الجديدة في المعرض، وتتعدد الاحتفالات داخل صالات المعرض في كل يوم من أيام المعرض بتدشين كتب جديدة لمؤلفين وشعراء وأدباء إماراتيين وعرب وغيرهم من جنسيات أخرى ويقومون بإهداء نسخ من مؤلفاتهم الجديدة والتوقيع عليها للقراء من زوار المعرض. ولقد ظللت لسنوات طويلة أتولى مسؤولية التغطية الصحفية لمعرض الكتاب في الشارقة، منذ أن بدأ فكرة وعملاً بسيطاً عند ساحة مسجد الملك فيصل بالشارقة في شهر رمضان، ثم بدأ المعرض الكبير في دورته الأولى عام 1981 في موقعه الأقدم في صالات اكسبو القديم، وكان يشارك معي بالتغطية الصحفية الأخ المغفور له بإذن الله علي أنور يوسف والزميل والشاعر والأديب ثابت ملكاوي من الأردن، وكانت صحيفة الاتحاد والصحف الأخرى الخليج والبيان والوحدة والفجر تهتم بهذا الحدث وتوفيه حقه من التغطية الصحفية المتميزة.. وكنا في الاتحاد نفرد صفحتين وربما ثلاث صفحات يومياً للتغطية لهذا الحدث، هذا غير تغطية البرامج المصاحبة من ندوات وأمسيات شعرية وقصصية ومنتديات. وفي الدورة الحالية كانت مشاركة جمهورية مصر العربية مميزة بوفد تقدمه وزير الثقافة المصري الجديد الدكتور محمد صابر عرب والقى كلمة ضافية في افتتاح المعرض لقيت الترحيب والاهتمام، باعتبار أن مصر ضيفة شرف المعرض، وقد أهدى سموه مصر 4 آلاف كتاب من مقتنياته العلمية الخاصة للمجمع العلمي المصري.. وللعلم فإن دائرة الثقافة في الشارقة تشارك منذ سنوات في معرض الخرطوم الدولي للكتاب بجناح مميز، أما نحن فقد تقلصت مشاركاتنا عاماً وراء عام، وكان الأستاذ الفاتح الجزولي أكثر الناشرين السودانيين حرصاً على المشاركة حتى توفاه الله، وحل محله الآن الدار الأكاديمية ودار عزة.. وهناك مشاركة سودانية خجولة في الملتقى المسرحي المصاحب لمعرض الكتاب بالأستاذ المسرحي الرشيد أحمد عيسى، ولكن اللافت للنظر والانتباه هو أن السودانيين في الإمارات حريصون على زيارة المعرض، ويشكلون حضوراً جميلاً، ويجدون اهتماماً واضحاً من الناشرين الذين يعرفون حرص السودانيين على القراءة واقتناء الكتب.. ولابد في هذا المقام من الإشارة والإشادة بشخصين ساهما بوضع لبنات المعرض الأولى وكان لهما الفضل في قيامه وإنجاحه بالصورة المثلى التي نجح بها الآن.. وأولهما هو الدكتور يوسف عايدابي من السودان وهو معروف للمسرحيين والمثقفين السودانيين والعرب، كما أنه شخصية جديرة بالاحترام والتقدير ويحظى بمحبة خاصة وخالصة من أهل الشارقة عامة ومن أدبائها وفنانيها وشعرائها ومسرحييها خاصة، والشخص الآخر الأديب الأستاذ أسامة مرة من فلسطين وهو إنسان خلوق جم التواضع والأدب لا يتكلم إلا همساً، وكان وما زال خير معين لأهل الصحافة والإعلام في التغطيات والمتابعات، ومرجع لا غنى عنه لأي صحافي وإعلامي في شؤون الثقافة في الشارقة.