- سنلقي الضوء على مشكلة اجتماعية تعدت حدود المشكلة الطبية لتضع بصماتها في الحياة الإنسانية ككل، ألا وهي مرض السلس البولي عند النساء خاصة الذي اصبح هاجساً لبعض النساء وتسبب في هدم حياتهن الزوجية، بل تعدى ذلك ليشكل ضغطاً نفسياً لبعض السيدات فأصبح بعضهن يبحثن عن حل لمشكلتهن والبعض الآخر يخجل من التحدث عن مشكلته، وفي بعض الدول الأفريقية اصبحت النساء المصابات بالسلس البولي منبوذات عن الأسرة نهائياً ويعشن في بيوت من القش حتى الوفاة. ü المفهوم البسيط للسلس البولي: هو عدم القدرة على التحكم في البول فتخيلوا أن الاسلام حث الانسان على الطهارة حتى يقوم بكافة واجباته الدينية، وهنالك من لا يستطيع أن يتحكم في النظافة بصورة طبيعية نتيجة للتبول اللا إرادي. ü كيفية حدوث السلس البولي: - فلنبدأ الحديث عن المثانة التي تمثل الكيس العضلي الذي يقوم بتجميع البول حتى يتم طرحه خارج الجسم وهي ترتبط في عملها باشارات من الجهاز العصبي، وبعض الهرمونات، وتوجد عضلة في نهاية المثانة هي التي تتحكم في تفريغ البول حسب حاجة الانسان والظروف المحيطة به، ويمكن تشبيه المثانة ببالون ممتليء بالماء وانت تقبض على صمامه باصبعك لمنع تسريب الماء، هذا دور العضلة في نهاية المثانة فإذا ما تغيبت عضلات أصبعك بشكل عام وارتخت فإن التسريب يحدث مع أقل ضغط إضافي على جدار البالون وهذا سلس البول. ü أنواع السلس البولي: هناك أنواع متعددة أهمها: ü السلس الجهدي: نتيجة للضغط البطني وهو يعتبر أكثر شيوعاً والذي يحدث به البول اللا ارادي عند ارتفاع الضغط في البطن أثناء الضحك والعطس والرياضة والاثقال والإمساك والوقوف المفاجيء والكحة، ولكن أهم اسبابه الولادة الطويلة مع ضغط رأس الطفل على عضلات الحوض لمدة طويلة فيؤدي لإرتخاء العضلات وايضاً هنالك بعض التشوهات الخلقية، بالإضافة للعمليات الجراحية في منطقة الحوض والسمنة، وتقدم العمر ونقص بعض الهرمونات بالاضافة للإلتهابات الرئوية. ü السلس نتيجة لحدوث خلل في الإشارات العصبية المرسلة من المثانة إلى الجهاز العصبي المركزي، وهذا غالباً ما يرافق حالات مرضى السكري والسكتة الدماغية والخرف وداء باركتسون وقد يكون أحد العلامات المبكرة على وجود سرطان المثانة ويدل عند الرجال غالباً على تضخم غدة البروستات، وهنا تشعر المرأة فجأة بالرغبة في التبول، ولكن لا تستطيع التحكم فيه فيتسرب البول منها قبل وصولها الحمام. ü أسباب السلس البولي عند النساء في مجتمعنا: - الحمل: خلال عملية الولادة يمر الطفل خلال ممر ضيق مما يؤدي إلى إصابة عضلات الحوض عند المرأة بالضعف وبالتالي هبوط المثانة، وهنا يظهر السلس عند المرأة بعد أسابيع قليلة من الولادة. - التهابات المسالك البولية: وهنا ترجع الحالة طبيعية بعد العلاج من الإلتهاب. - ارتخاء عضلة المثانة نتيجة للتغيرات الهرمونية عند سن اليأس مع تقدم العمر. - بعض الأمراض العضوية مثل السكري والسكتة الدماغية وغيرها. - من الملاحظ أنه في بعض القبائل الأفريقية وخاصة الاثيوبية تتم عملية الولادة بطريقة بدائية عن طريق الشد والجذب مما ينتج عنه السلس البولي عند معظم النساء. ü التشخيص والعلاج: - بعد إقتناع المريضة وذهابها إلى الطبيب يتم التشخيص الدقيق لمعرفة نوع السلس البولي ومسبباته وسؤال المريضة عن مدته وشدته وزمن حدوثه، وذلك بأخذ تاريخ طبي طويل كامل، ثم بعد ذلك الفحص السريري الدقيق على الجهاز التناسلي والبولي والعصبي بالاضافة للفحوصات الأخرى حسب كل حالة. - قبل البداية والعلاج يجب إقصاء الحالات الأخرى التي تسبب السلس البولي ولا تحتاج إلا لطرق علاج بسيطة مثل التهابات البول وغيرها، أما بقية الحالات فيمكن معالجتها حسب أسبابها وشدة أعراضها وتأثيرها على نفسية المريضة وحياتها الأسرية، وقد يكون العلاج غير جراحي بالعلاج الطبيعي والأدوية، وايضاً يوجد العلاج الجراحي حسب كل حالة من حالات المرض، ولكن العلاج في كل الحالات يحتاج للصبر والمثابرة نسبة لمدة العلاج التي قد تطول أحياناً ودرجة الشفاء المتفاوتة لذا لا داعي لأن تعيش المرأة حياة شقية و معذبة بسبب هذا المرض، ويجب ان تستشير الطبيب حتى تستعيد حيوتها ونظرتها الايجابية للحياة وتحاول المحافظة على أسرتها. - مرض السلس البولي مثله مثل أي مرض آخر يحتاج للعلاج والمتابعة من غير خجل من المجتمع، وندعو الله سبحانه وتعالى بأن يعجل الشفاء لجميع المرضى. - إن مرض السلس البولي من الأمراض الشائعة عند النساء لأسباب تشريحية تتعلق بالمرأة، وقصر الاحليل البولي وعمليات الحمل والولادة المتكررة. - لقد وجد أن حوالي 90% من النساء اللاتي يعانين من السلس البولي يتعاطين أدوية مضادة للإكتئاب وفي ظروف نفسية واجتماعية سيئة من حالات الخلاف وغيرها. ü إليكم بعض النصائح بالإضافة للعلاج مثل: - القيام بالتمارين الرياضية التي تساعد على تقوية عضلة المثانة على حسب ما توصف عن طريق الطبيب المعالج. - ينصح بالتخفيف من المشروبات المدرة للبول مثل المشروبات الغازية والقهوة والشاي وخاصة في الأوقات التي تسبق الذهاب للفراش. - اذا كان هنالك بعض المرضى يستخدمون الحفاضات فيجب على الأسرة دعمهم وإزالة الحرج عنهم وخاصة كبار السن. - يجب تخفيف الوزن حتى يقل الضغط الواقع على المثانة ومنطقة أسفل البطن. - يجب الإبتعاد عن التدخين وتناول الأطعمة المحتوية على الألياف حتى يسهل التخلص من الإمساك وبالتالي الضغط على أسفل البطن. - تجنب الأطعمة الحمضية والبهارات وخاصة الفلفل الحار. - محاولة تفريغ المثانة بطريقة منتظمة كل ساعتين. (ومتعكم الله بالصحة والعافية)