في صيف العام الماضي كنت في مدينة إنتويرب درة بلجيكا الواقعة على نهر شيلتي وعاصمة الماس والأزياء . وأكبر وأجمل موانيء العالم. كل شيء حولك مبهر و«لامع» عدا حكايات سودانية «مظلمة» سمعتها من بعض البحّارة السودانيين الذين لفظتهم أوضاع «سودان لاين» واجبرتهم للرسو وطلب الإقامة واللجوء في هذا الميناء الضخم الذي لا يمكن مقارنة «مرابطه» بأي من مرابط ميناء بورتسودان بأي حال من الاحوال. ü تحدثوا لي عن ماضي الخطوط البحرية السودانية التي كانت تجوب أعالي البحار كخير ناقل وسفير سوداني مشرّف يعمل جنباً إلى جنب مع أكبر الخطوط البحرية العالمية والاسطول الضخم الذي كانت تملكه من السفن وعن السمعة الجيدة لهذا الناقل بين الدول والشعوب والشركات العالمية وعن الاهتمام الذي كانت تجده من الدولة. ثم تحدثوا لي عن التدهور الفظيع - والذي أنا بالطبع أعرف جزءً كبيراً منه - ولكن (سمح الغنا في خشم سيدو ) الذي طال هذه السفن وعن قصة بيع بواخرها بأبخس الأثمان وتشريد عامليها وبحارتها بقسوة وظلم بائنين قالوا لي إن كل ميناء من موانيء العالم بدأ مع هذه الموجة من التشريد والتدهور يستقبل أفواجاً من هؤلاء البحّارة والكفاءات السودانية التي انتشرت في الموانيء وعلى ظهر السفن العديدة والمنتشرة في أقاصي البحار. ü المهم خرجت الخطوط البحرية السودانية من الخدمة تماماً ولا تملك الآن سوى باخرة أو باخرتين على الأقل وخرجت أخبارها تماماً من صفحات الصحف ووسائل الإعلام ونسمع بين الفينة والأخرى عن تعيين أو اجتماع لمجلس إدارة ونستغرب لماذا التعيين ولماذا الاجتماع وأين هي السفن نفسها الذي ينعقد من أجلها الاجتماع والتعيين؟ وهي هنا مثل الشخص الذي طلب منه البوليس إبراز البطاقة الشخصية فرد عليه ساخراً أين هي الشخصية ذاتها؟! ü ما دعاني لتذكر كل هذا فما ذكرته الصحف عن إضراب شامل ينوي عمال هيئة الموانيء البحرية تنفيذه بسبب ما قالوه من تشريد للعاملين أو الاعتراف بحقوقهم ومكاسبهم العمالية ولأن الحالة مختلفة فهناك فرق بين الموانيء والخطوط فإنني أتساءل هل هناك من يتذكر مآل الحال الذي آلت إليه الخطوط البحرية السودانية أو سودان لاين كما يحلو لمنسوبيها ومحبيها أن يدعوها به وهل هناك من أمل في فتح ملفات الماضي والسؤال فقط مجرد سؤال عن من الذي جرى وماذا جرى هل هناك فعلاً أسطول كما قال وزير النقل الأسبوع الماضي. هل هناك سودان لاين أم سودان اوف لاين ........ ؟