قبل أيام قابلت أحد أقربائنا الذي كان يعمل بحاراً في الخطوط البحرية السودانية، وبعد السلام والمطايبة، ذهب الحديث لأيام زمان وعهدهم الذهبي في سودان لاين.. الرجل حكى بمرارة شديدة قصة التخلص من الأسطول البحري سفينة وراء سفينة، وقال لي تبقت فقط سفينتان ولا نعرف المصير الذي حل بهما. أمس الأول تحدث القبطان سيف الدين مصطفى في مقال له بصحيفة رأي الشعب قائلاً في الأيام القادمة يحل علينا عام جديد وبه نبلغ عامنا الخامس عشر، وفي معيتنا أكبر كارثة بحرية تشهدها البلاد وهي انهيار الناقل الوطني وتشريد حوالي «700» بحار سوداني من شركة الخطوط البحرية السودانية عام 1997م تحت ما يسمى بالخصخصة ظاهرياً وباطنياً.. ما اسماه الكاتب الفشل الإداري والفساد المالي والنقابي وغرق وبيع وشراء البواخر «الخردة» بدون دراسة أو إحلال. ويمضي الكاتب في مرارة ليقول بأن الأيام المقبلة ستودع آخر ما تبقى من الأسطول البحري السوداني، حيث سيتم بيع الباخرتين السودانيتين العريقتين النيل الأبيض ودارفور.. وأنا هنا اتساءل مع القبطان الحزين إلى متى السكوت عن هذا الانهيار المسكوت عنه منذ سنوات طويلة، وهو انهيار وسكوت لم يأتِ من فراغ..! والفراغ هو بعمر سنوات وعقود حدث فيها ما حدث لهذا الناقل الوطني.. وكاتب هذه السطور بذل جهده بقلمه المتواضع في تسليط الضوء على جوانب من هذه القضية وكنا وقتها في صحيفة أخبار اليوم.. ومن الصدف التي يجب ذكرها ما وجدته في أوراقي القديمة مذكرة صغيرة من الأخ «جانقي» وكان وقتها في الخرطوم مع لجنة تمهيدية تسعى للحصول على تعويضات البحارة.. والمذكرة بها كلمات طيبات في حقنا وليس هذا المهم.. ولكن المهم هل ستجد مثل هذه الكلمات صدى؟ وهل هذه الحكومة - والتي - قالت إنها ستفتح ملف الفساد على استعداد لفتح ملف الخطوط البحرية السودانية من جديد.. وهل نسمع بتكوين لجنة تحقيق حول الأسباب التي أدت لضياع أسطول الخطوط البحرية؟ وهل فعلاً صدر قرار في التسعينات باستثناء الشركة من أي محاسبة أو قانون؟ يجب أن يعرف الشعب السوداني من الذي باع بواخره بأبخس الأثمان وأين ذهبت هذه الأموال؟.