تفاقمت في الآونة الأخيرة مشكلة أصبحت تؤرق ساكني الأحياء السكنية عموماً بما فيها الأحياء الراقية، فقد انتشرت الورش الصناعية للحدادة والخراطة وأصلاح العربات، مما يسبب ازعاجاً وتلوثاً في البيئة السكنية، ويحدث أضراراً صحية بالمواطنين، ويعود انتشار الظاهرة إلى العائد الإيجاري الذي يدفع لأصحاب المساكن من الذين يختارون هذه المواقع لممارسة مهنتهم في الأحياء السكنية، لذا اتجه عدد من المواطنين من ملاك هذه المساكن إلى تأجير الأجزاء الأمامية من منازلهم كمواقع ورش لهؤلاء النوع من الحرفيين. الظاهرة أصبحت تتفاقم يوماً بعد يوم، وأصبحت تمثل خطراً داهماً على الصحة والبيئة، وجذبت أيضاً عدداً من مرتادي الأجرام حول هذه المواقع، لذا ارتفع معدل الجريمة بكل أنواعها في هذه الأحياء، خاصة السرقات النهارية، وتعاطي المشروبات الروحية، وتوزيع المخدرات، الأمر الذي جعل بعض الأسر تعاني من انحرافات أبنائها، علماً بأن نسبة كبيرة من أبناء هذه الأسر في سن المراهقة والشباب، وظهرت حالات وصلت إلى مرحلة الإدمان، واتجه البعض من الشباب إلى سرقة العربات الفارهة للترفيه بها. والسؤال الذي يطرح نفسه ما هو دور المحليات والسلطات المسؤولة عن هذه الأحياء لمحاربة هذه الظواهر الغريبة؟ فالمعروف أن وجود الورش بجميع أنواعها لا يتم إلا بتصاديق وتصريحات خاصة من السلطات المحلية، التي تقع في مناطقها الأحياء السكنية، والسؤال المضاف للأول ما هو أيضاً دور وزارة الكهرباء في قطوعات الكهرباء التي تتم في هذه الأحياء لساعات طويلة، نتيجة للضغط العالي لاستهلاك الكهرباء بهذه الأماكن، الذي ينتج عن استعمالات معدات الورش بكل أنواعها. هذه الظاهرة المستهجنة تهزم الاتجاه الرامي إلى جعل الخرطوم عاصمة حضارية خالية من التلوث البيئي والظواهر الشاذة، التي لا تتماشى مع الأخلاقيات والثقافة السودانية، بالاضافة إلى التشوهات التي تحدثها وجود مخلفات الورش، وتتسبب في كثير من الأحيان في عرقلة المرور، وتسد المنافذ والساحات المحدودة، التي من المفترض أن تكون حدائق وأماكن تنفيس للأسر القاطنة بهذه الأحياء. خطورة وجود هذه الورش في الأماكن والأحياء السكنية يؤثر أيضاً على تربية النشء، خاصة وأن هذه الأحياء بها مراكز خدمية ومؤسسات تعليمية لكل المستويات، مما يسبب في بعض الأحيان إغراءات للنشء للهروب من المدارس والتواجد حول هذه الأماكن، ويمكن أن يكونوا عرضة لاستقطابات معتادي الإجرام والمنحرفين أخلاقياً، وخطورة تواجد هذه الورش بالأماكن السكنية يساعد على خلق أوكار للجريمة وزوايا لارتكاب الرذيلة. ومن الأضرار التي يسببها وجود هذه الورش في الأحياء السكنية أيضاً صرف طاقة أكبر من الكهرباء، تزيد من معدل الاستهلاك العادي، وتتسبب في قطوعات الكهرباء لساعات أطول، والضرر الأكبر لعودتها بصورة مفاجئة التأثير على الأجهزة الكهربائية والالكترونية التي يمتلكها ساكني هذه الأحياء، وعطل الكثير منها وأبطل مفعول استخدامها. عموماً: نقول على السلطات المختصة مراجعة تواجد الورش في الأماكن السكنية، واتخاذ الخطوات الكفيلة لازالتها والتصديق لأصحابها في أماكن بعيدة عن الأحياء السكنية، لتفادي الآثار السيئة والأضرار التي تسببها في تلوث البيئة والتشوهات التي أظهرتها في خريطة والشكل العام لهذه الأحياء، ترحيلها ونقلها إلى أماكن مخصصة لها يمنع انتشار بعض الجرائم الأخلاقية، ويقلل الافرازات السالبة والمؤثرة على التنشئة الاجتماعية لأبناء هذه الأحياء، عليه أن نظافة هذه الأماكن من مخلفات الورش من قطع الحديد الخردة، والزيوت الراجعة من مخلفات العربات، والماكينات لتفادي ظهور ظاهرة أخرى وهي تجمعات الأطفال المشردين، لذا على السلطات المسؤولة أن تمنع أصلاً تصديقات جديدة للورش.. ومن ناحية أخرى على وزارة الكهرباء أن تعيد النظر في تصاديق الكهرباء لهذه الورش الموجودة في الأحياء.. وسؤال ثالث مادام هناك شعار مرفوع ( الخرطوم عاصمة حضارية) فكيف يكون ذلك وهذه التشوهات والمناظر الشاذة موجودة في الأماكن المأهولة بالسكان.. الأمر الذي يهزم فكرة المشروع!!.