ما استجد من تحولات مناخية وتطورات في عالم الصناعة بدأ يشغل العالم وصار الحديث عن ملوثات البيئة على كل لسان مما أدى إلى اطلاق صافرات الإنذار، فقد اصبحت الخرطوم تعاني من التلوث بجميع أنواعه (مائي، هوائي) وحتى التربة لم تسلم من هذا التلوث، لذا فتحنا ملف الملوثات البيئية في ولاية الخرطوم لمعرفة أنواعها وأسبابها ومسبباتها.. والتقت «الرأي العام» في هذا الاتجاه بذوي الشأن والاختصاص للحديث عن هذه الكارثة البيئية التي باتت تهدد حياة السكان. -------------------------------------------------------------------------------------- البعد البيئي قيام المشاريع المختلفة التي لم يراع البعد البيئي عند انشائها نجدها السبب في انتاج الكم المهول من الملوثات ومنها محطات الكهرباء القائمة منذ زمن بعيد دون تركيب معدات لامتصاص ثاني اكسيد الكبريت الضار بالصحة وزيادة الانبعاثات الغازية وقلة الكساء الخضري الذي يساعد على امتصاص ثاني اكسيد الكربون، ونجد زيادة التلوث البيئي بنسبة «011%» ناتجاً عن احتراق المواد البترولية حيث متوقع ان ينبعث من محطتي كهرباء حوالي «31» الف طن يومياً من النتيروجين والجسيمات المجهرية التي لا يمكن احتباسها وثاني اكسيد الكبريت وعدة اطنان من المواد العضوية الطيارة الناجمة عن مناولة ونقل وتخزين المحروقات، كل هذا سبب في التلوث البيئي الذي أفاد الاطباء بأن هذه الغازات تسبب مخاطر على الجهاز التنفسي والقلب وغيرها من الامراض الخطرة، وغير ذلك نجد أن المياه التي تستخدم للتبريد والنظافة والغسل والمعالجات للمحطات الحرارية والكهربائية توجد بها كميات كبيرة من بقايا أحماض مذابة من الزيوت والشحوم والكيماويات التي يتم ارجاعها الى النيل مما يؤدي الى تلوث مياهه. أنواع الملوثات «ندى عبد العزيز بابكر» مديرة الادارة العامة للبيئة بالانابة بوزارة البيئة والآثار عرفت الملوثات بأنها المواد الضارة بصحة الانسان وقد لوحظ ان البيئة تعريفها هي علاقة الكائنات الحية بالعوامل المحيطة بها مثل الماء والهواء والتربة وحصول اي تلوث فيها لابد أن يؤثر على الانسان، وتلوث الهواء ترجع اسبابه عامة الى عوادم السيارات والدراجات والمصانع وحرق النفايات بصورة عامة وهي من أكثر الملوثات في الهواء، ونحن في الولاية لدينا مشاكل التلوث نسبة للازدحام السكاني وزيادة السيارات وزيادة الصرف والمخلفات المنزلية والنفايات، واكرر على خطورة الحرق سواء أكان داخل الاحياء او غيرها ولدينا قانون يسمى حماية وترقية البيئة لعام 8002م من ضمن القانون منع الحرق في المناطق غير المخصص لها وفي وسط الاحياء ولابد من مراقبة الاحياء والتفتيش الدوري للمصانع لعلاج المشكلة، وحالياً نجهز لعمل متكامل ثابت ومتحرك لقياس تلوث الهواء وسوف يحدد تنفيذه قريباً، والوزارة ساعية للعمل والتنسيق مع الجهات ذات الصلة بالبيئة لتفادي كافة المعوقات داخل المناطق السكنية والمصانع وايضاً تعتبر عوادم السيارات والدراجات من مسببات التلوث وقد تعاونا مع الادارة العامة للمرور بالتفتيش الدوري والسنوي على السيارات للحد من نسبة الكربون في الجو وذلك من خلال التأكد من صحة وسلامة السيارة، ومن الأشياء التي تخفف نسبة التلوث في الهواء التشجير على نطاق واسع، ومن اسباب تلوث المياه مخلفات المصانع واختلاط المياه العادمة بمياه الشرب - وهذه ليست اكيدة - والصرف الصحي ومخلفاته، والوزارة تدرس حالياً موضوع الصرف الصحي مع الجهات المختصة لمعالجة المشكلة، وايضاً تلوث التربة ومن ضمن اسبابه دفن النفايات والتخلص من المبيدات والاسمدة بطريقة غير سليمة واستغلال الموارد الطبيعية بصورة خاطئة مثل المباني واستخراج الحجر وغيرها، وايضا تخزين المبيدات والاسمدة تؤثر على التربة حتى على المدى البعيد. وللحد من هذا التلوث بدأت الوزارة بطلب اجهزة للكشف عن الملوثات البيئية وحالياً ليس لدينا جهاز لقياس درجة التلوث نسبة لإنشاء الوزارة حديثا، وتقاس درجات التلوث بالتعامل مع المعامل المختصة وايضاً يوجد تفتيش دوري شهرياً على كل المصانع للتأكد من عدم وجود تلوث.. وفي حالة اكتشاف تلوث في احد المصانع فان الوزارة تقوم باجراء بحث عن المصنع وتحدد نسبة التلوث واصدار توجيهات للمصنع بالحد من التلوث لعدم الاضرار بالمواطن والبيئة، فدور الوزارة هو الحفاظ على البيئة وعلى نظمها الاجتماعية والثقافية تحقيقاً للسلامة والتنمية المستدامة والتوازن البيئي ولابد من وجود الوعي البيئي لكل المواطنين في الولاية لتقليل درجة التلوث. سرطان التربة «د. عمر مصطفى عبد القادر» المدير العام لوزارة البيئة والآثار الولائية قال: التربة لها سرطان ويعتبر اخطر من السرطان الذي يصيب الانسان ويؤثر على الانسان والحيوان والمنشآت من مباني ومصانع وغيرها وعلى الزراعة واسبابه من ضمنها الملوثات البيئية، وقال ان عوادم السيارات تؤثر على المرأة الحامل في حالة استنشاقها للعوادم، وتعتبر الخرطوم آمنة نسبة لاتساعها وان اكثر المناطق والدول تلوثاً هي القاهرة، ومن مسببات السرطان مياه الصرف الصحي واذا اضيفت مادة كيميائية تبقى سبباً اساسياً للسرطان والأشعة الكهرومغنطيسية وهي شعاع اذا زاد عن حده يعتبر من ضمن مسببات السرطان، ومواد الرصاص الموجودة في الطلاء تسبب ايضاً السرطان وتؤثر على الكبد ونمو الاطفال.. ويعتبر التبغ والسجائر والشيشة من اكثر ملوثات الهواء، وقد اصدرت الولاية قانوناً لحماية البيئة وترقيتها وهو قانون شامل لكل المخلفات التي تعيق التنمية وله اهداف وعقوبات ومن ضمن اهدافه حماية الانسان والحيوان والبيئة من الملوثات، وقال ان الوزارة ساعية لفتح مكاتب تابعة لها في كل المحليات لمراقبة اوضاع البيئة، اما عن نسبة التلوث في ولاية الخرطوم فهذا لا تستطيع الوزارة ان تقدر نسبته لأن النسبة تبنى على معايير، وتوجد لدى الوزارة لجان تعمل في مجال الطاقة الذرية وخلال الايام القادمة سوف يجرى المسح البيئي للتلوث في الولاية لقياس نسبة التلوث بكل انواعه. تلوث المياه يبدو ان شبكات وأنابيب المياه تعتبر سبباً مقنعاً في تلوث المياه فقد أكد مدير هيئة المياه بولاية الخرطوم «المهندس خالد علي» ان محطات المياه في الولاية عمرها أكثر من «57» عاماً مثل محطة بري وقال ان المؤسسات الصناعية تعتدي على النيل بإلقائها المخلفات الصناعية والمواد البترولية ومخلفات الصرف الصحي التي تعتبر على حد قوله اخطر من مركب «البولي ألمونيوم» الذي يستخدم لتنقية المياه من الشوائب وهو مجاز صحياً من جانب الانظمة العالمية والمواصفات العالمية والسودانية ولا يسبب اي خطر على صحة الانسان. وأكد خبير في تقنية المياه - فضل حجب اسمه - أنه ثبت وجود تغير نوعي كيميائي في ارتفاع النترات اكثر من المسموح به من قبل منظمة الصحة العالمية التي تؤدي الى الموت المفاجيء للاطفال، وزيادة عدد بكتيريا القولون مما يؤكد تسرب مياه الصرف الصحي واختلاطها بشبكات المياه، واكد ان معظم المياه بالولاية بها مؤثر للتلوث وقد اكد بعض المواطنين صحة كلامه، وأضاف مواطنو القادسية بشرق النيل ان هناك رائحة وطعماً في مياه الشرب لديهم ولا يعلمون ما وراء هذا التغيير في المياه وارجعوا ذلك الى أن شبكات الصرف الصحي قد تكون السبب في ذلك. قانون البيئة يُعرف القانون التلوث بأنه أي تغيير في عناصر البيئة يؤدي إلى الاضرار بها أو يؤثر سلباً على عناصرها أو على ممارسة الانسان لحياته الطبيعية او يخل بالتوازن الطبيعي. والمواد والعوامل الملوثة يقصد بها أية مواد صلبة او سائلة او غازية او ضوضاء او اشعاعات او حرارة او اهتزازات تنتج بفعل الانسان وتؤدي بطريق مباشر او غير مباشر الى تلوث البيئة وتدهورها. ويهدف قانون حماية وترقية البيئة إلى ادارة وحماية البيئة والمحافظة عليها وعلى نظمها الاجتماعية والثقافية تحقيقاً للسلامة والتنمية المستدامة والتوازن البيئي للموارد الطبيعية بغرض تنميتها والمحافظة عليها بالتنسيق مع الجهات المختصة ومحاربة كل انواع التلوث والبعد عن الآثار السالبة وزيادة الوعي البيئي وتحديد طرق علمية وعملية لمعالجة النفايات واعادة استخدامها وحماية مصادر المياه من التلوث عن طريق التخلص من الزيوت والمياه العادمة من المصانع ومياه الصرف الصحي وغسل السيارات وهذا ما لم يحدث ويطبق على أرض الواقع. كما حظر القانون حرق ومعالجة النفايات والمخلفات الصلبة والصناعية والزراعية والزام المحليات والجهات ذات الصلة على تخصيص أماكن لمعالجة النفايات وفقاً للمعايير، وايضاً يحظر رش المبيدات للآفات او الاسمدة او أي مركب كيميائي لأغراض الزراعة او الصحة العامة دون مراعاة الشروط او الضوابط التي تضعها الادارة العامة بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة لتكفل عدم تعرض الانسان والحيوان للآثار الضارة لهذه المبيدات والموارد، وايضا يحظر القانون القاء المخلفات في مياه النيل على كل المنشآت سواء أكانت تجارية أو صناعية وغيرهما، ويعاقب القانون كلاً من يخالف احكامه بالاضافة إلى أية عقوبات منصوص عليها في أي قانون آخر، وهي سحب ترخيص المنشأة والغرامة التي لا تقل عن «055» جنيهاً او السجن لمدة لا تتجاوز ال «5» سنوات او العقوبتين معاً. المحررة يبدو اننا اصبحنا نحاط بالملوثات من كل الجهات بل اصبح التلوث هاجساً يقلق كل مواطن، وما نشاهده من ارتفاع معدلات الامراض الخطرة من «سرطانات والفشل الكلوي والربو والازمة» وحتى الامراض التي بدأت تظهر جديداً على مجتمع سوداني كان في الماضي يخلو حتى من «الصداع» كل هذا يؤكد أن التلوث البيئي أمر واقع ولابد من الوقوف عليه ووضع حد لاسبابه ومسببيه الذين لا يشغلهم سوى جمع الثروات على حساب الابرياء، ولابد من إعادة النظر للخارطة الهيكلية للخطط الاسكانية وبدء المعالجات الفورية لخارطة المصانع وتحديد مواقع جديدة لها، بحيث تكون الورش الصناعية بعيداً عن المناطق السكنية لما تسببه من تلوث بيئي ومخاطر على صحة الانسان.