بعد حادث ضرب تلميذ الأساس؛هاجت الدنيا وماج كثيرون مستنكرين الحدث وفظاعته..وأنا أتفق مع ماذهب إليه هؤلاء،فالمعلم هو من نقتدي به،علما وتربية..وهو الذي يسهم في صناعة مستقبلنا؛إن لم يصنعه بالكامل.هي بالتأكيد حادثة فردية وتستحق المحاسبة،وليس كل من أمسك بالطبشورة هو سفاح و(قتال قتلة)،فنحن جميعا نذكر المقولة التي مجدت لنا المعلم ووضعته في مصاف النجوم علواً ومكانة (من علمني حرفا صرت له عبداً) ،ولست هنا لأدافع عن المعلمين والمعلمات؛فجميعنا نبجل ونتذكر معلمينا بالكثير من الفضل في نبوغنا وتفردنا في مجالاتنا وهم من أسهم بإكتشافها وشجعونا على تنميتها وتطويرها. أذكر وأنا في المرحلة الإبتدائية جميع معلمي مدرسة الحارة الأولى شرق؛صعودا من الصف الأول وحتى الصف السادس،وأذكر طابور الصباح وعقاب المتأخرين،ونظافة الزي المدرسي؛وتهذيب وقص الأظافر،وكان يقابل ذلك الإشادة ببعض التلاميذ المهندمين النظيفين ظفرا ولباساً.وتماما أذكر أستاذنا الجليل - رحمه الله - مصطفى محمد صالح الذي كان يهتم بنا جميعاً،دون تمييز أو محاباة،فالتحصيل والصلاة هما غايته،ومن شذ عن ذلك ينال (قرصة أضان) تترك أثارها لأيام ألما وتذكرة؛وكان يبحث عند نهاية درس العصر عن الجميع حاملا (سوطه) الخاص،ليذكر بالصلاة وعندما يتلكأ البعض؛يجد (سوط العنج) طريقه إلى ظهورهم،وإن نال منك الأستاذ مصطفى محمد صالح قرباً..! سوف يجدك الجميع تسبقهم لصلاة المغرب،وسيعرف الجميع أن (قرصة أضان) وحارة كمان قد طالتك بالأمس.(قرصة أضان) المعلم الجليل مصطفى محمد صالح لاتزول بين ليلة وضحاها، وعندما يراها أولياء أمرك؛فهذا يعني أنك ستنال (جلدة) وتأنيبا وتوبيخاً يستمر حتى صباح اليوم التالي،مع تمنياتهم أمك وأبوك.. أن تنال عقابا جديدا؛لأنك (مابتسمع الكلام)..! أما (سيطان) أستاذ عبدالقادر محمد زين أمد الله في عمره فكانت تمكث على ظهرك لأيام،وتتذكر لهيبها عند كل (حمام).وعندما تشكو لأمك أو أبيك..! ستجد التمنيات بأن يجد سوطه مكانه على ظهرك كل يوم..في مرحلتنا المتوسطة بمدرسة التدريب، كنا نخوض تجربة جديدة في الثانوية العامة؛وهي الأولى كانت،وذلك بجمع المتفوقين والمبرزين في الشهادة الإبتدائية،بمدينة الثورة عندما كانت ثورة ومدينة في مدرسة واحدة هي مدرسة التدريب المتوسطة؛وكان على رأس معلمينا واساتذتنا خواجات؛أي والله خواجات عديل..! ومن إنجلترا (كمان) ليقوموا بتدريسنا اللغة الإنجليزية بلسان أهلها وذويها..! وكان على رأس التجربة الأستاذ الكبير ومربي الأجيال عبدالرحمن الحاج، وكان برفقته صديقه الأستاذ إبراهيم الخزين مدرس اللغة العربية والجغرافيا؛والذي كان يحفزنا على أمنا بنت عدنان،بالرعاية والإهتمام،كيف لا وهي لغة القران وأهل الجنة،وأذكر أنه أستاذنا الخزين يسعد ويفرح عندما تخطئ في حصة اللغة العربية..فذلك يعني أنك ستقوم بإعراب خمسة أو ستة أبيات من شعر المتنبئ أو التجاني يوسف بشير أو شوقي،ولحظتها ستتأكد أنك لن تنسى ما أخطأت فيه أو أجدت..ونحمد الله أن كان الخزين ممن علمونا حروفا وكلمات،ومعان وبلاغة؛وكان أستاذنا شديد العقاب مع الإهمال أو التسيب،فنحن كما قال (أن لم نغذِّ (عوُدنا) منذ الأن،فغدنا أغبر وماهو بأخضر..!) ü ما اردته أن العقاب بالأمس - عندما كان المعلم يتسيد أحلام الفتيات ويتغنين له بالماشي لي باريس جيب معاك عريس و(شرطاً) يكون لبيس،ومن هيئة التدريس - كان للتحفيز بغية التميز عقلا وقلبا؛وليس للتشفي كما حال بعض معلمي اليوم..وكان أن تناقشنا أنا والأستاذ حيدر محمد علي المعلم الجليل والمدقق بصحيفة آخرلحظة؛عن ثورة الإعلام بحق المعلم..!وكيف يذهب الذنب جميعه وبسبب معلمة لقبيلة المربين والمعلمين الأجلاء..؟! فقلت له كلنا يذكر حتى ونحن كبار؛بل وحتى هذه اللحظة،أن المعلم هو المربي وهو صاحب الفضل وهو من نقف في وجوده أدبا وهيبة وإجلالا،وزدته أنني صغيرا كنت أترك الشارع إذا صادفت مرور أحد أساتذتي،وكان ذلك الخوف يتمثل إحتراماً مني وأحساسي بضآلة حجمي أمامه. وكيف أن بعض أساتذة اليوم يشاركون بعض تلاميذهم وطلبتهم كيس (الصعوط) والكلمات الخارجة عن النص..!أستاذنا الجليل عمر حسن الطيب هاشم علمني بمدرسة محمد حسين الثانوية؛وقبلي علم وربى ودرس جميع أشقائي بدءً من الاستاذ مصطفى أبوالعزائم ومرورا بالأستاذ عبدالرحمن والعميد معاش محمد؛بمدرسة الأهلية الثانوية بأم درمان،وللأمانة أعزائي وليس كذباً،أنني أقف إجلالا لصوته عبر الهاتف؛فما بالكم وهو يقف أمامي..؟!لا أدري هل المشكلة في بعض تلاميذ اليوم أم بعض المعلمين؛أم في الوزارة..؟ وماحدث حدث فردي لايحق أن نأخذ بجريرته سائر المعلمين والمعلمات.. ü والدتي عليها رحمة الله عند وفاتها كن حضورا في (فراشها) كثيرات ممن قامت بتدريسهن وتعليمهن بمختلف مدارس البنات بالعاصمة القومية -عندما كانت العاصمة قومية - وكثيرات اتصلن معزيات وهن خارج السودان.. قال الشاعر : أقدم أستاذي على نفس والدي وإن نالني من والدي الفضل والشرف فذاك مربي الروح والروح جوهر وهذا مربي الجسم والجسم كالصدف