كيف أمكن لنا أن نشاهد مراحل وفظائع الحرب العالمية الأولى والثانية بعد أن أبادتا نصف سكان العالم خلال عشر سنوات لولا هذه الوثائقيات.. لماذا أتيح لنا غير قراءة سيرتها من الكتب ومؤلفات المؤرخين.. إن هذه الوثائقيات كنوز تحفظها لنا مكتبات التلفزيون والآن هي في الانترنت فيكفيك أن تضغط على زرار في الآي باد لترى العجب العجاب.. أرادت الولاياتالمتحدة أن تحفظ للأجيال القادمة نماذج من نتاج حضارة القرن العشرين فصنعت كبسولة ضخمة وضعت بداخلها واحداً من كل اختراع حضاري ودفنتها في باطن الأرض لتفيد منها تلك الأجيال.. نحن هنا في التلفزيون والإذاعة السودانية تحفل مكتبتهما المرئية والصوتية بآلاف الوثائقيات ابتداء من ثلاثينيات القرن العشرين وانتهاء بالزمن الحاضر.. لكن المسؤولين لا يهتمون بذلك ولقد انتجت وحدة أفلام السودان بوزارة الإعلام وما قبلها.. أنتجت أفلاماً عظيمة عن كل مراحل حياة السودانيين في القرن الماضي والحاضر «لكن المسؤولين لا يهتمون». إنتاج بعض هذه الوثائقيات عالمياً ليس للمشاهدة المسطحة فقط لكن العديد منها تنوير لما يقوم به العلماء من أبحاث واختراعات تساعد الإنسان في حياته.. شاهدت فيلماً وثائقياً لبعض الحيوانات التي هي في حجم القطط.. هذه الحيوانات تتلألأ ليلاً بانوارها فتجذب إليها ضحاياها من الحشرات لتأكلها.. ومن هنا جاء اختراع الأجهزة الكهربائية التي تجتذب البعوض والذباب وغيرهما وتصقعهما عن طريق الأشعة التي تشبه أشعة الحيوانات المفترسة للحشرات. هذه الوثائقيات تنقلنا من دنيا عدم المبالاة بما حولنا في الكون.. إلى التأمل والتفكر في ملكوت الله.. ولكي لا أفقد عقلي أمام معجزات الكون فإنني في العديد من الأحيان أغلق جهاز التلفزيون لأنني لا أجد القدرة على الاستمرار في استيعاب ما أشاهده.. فهو كثير وكثير جداً لأنني أحس بأن ذاكرتي قد تعبت وفترت عن استمرار التسجيل.. رأيت سمكة بطول عشرين سنتمتراً تصعق تمساحاً بطول خمسة أمتار قد يزن ثلاثة أطنان بصدمة كهربائية تولدها تبلغ خمسمائة فولت ويموت التمساح خلال ثوانٍ بعد أن يسكت قلبه.. رأيت آكلي الحشرات الضخمة دون طبخها في جنوب شرق آسيا ورأيت الأعاصير التي تجتاح أمامها كل شيء بدءاً من العربات والبيوت وانتهاء بناطحات السحاب والمعمرات من الأشجار.. ذلك السونامي الذي لا يستطيع أحد أن يحصي ما جرف معه من البشر.. وتستوعب الذاكرة من خلال هذه الوثائقيات الكون من حولنا والأمم التي يحويها الكون.. يقول سبحانه وتعالى خالق كل شيء: «وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم...» صدق الله العظيم.إن للوثائقيات دوراً كبيراً في ترسيخ الإيمان في أنفسنا.. والإيمان هو السبيل للاستقرار النفسي والحياة الهانئة الهادئة.. اللهم ثبت قلوبنا على الإيمان وارحمنا إنك أرحم الراحمين.