نقلت مجلة الجامعة عن مصور مصري مغامراته في السودان في منتصف القرن الماضي ، وبالتحديد عن قبيلة من العراة تعيش على الفطرة منذ عهد ادم وحواء ، نساؤها يبادلن الافاعي القبل ، والتماسيح فيها تتجول مع المارة.. ونشرت المادة في مجلة الجامعة لصاحبها نشأة التغلبي في العام 1954 مذهب العراة في جنوب السودان نساء يبادلن الأفاعي القبلات ، والتماسيح تتجول مع المارة !.. أطرف قصة من مغامرات الصديق حسن مراد كبير مصوري ستوديو مصر الجامعة - 23 تشرين الأول 195 للصديق العزيز الأستاذ حسن مراد كبير مصوري ستوديو مصر ، ومدير التصوير فيه مغامرات طريفة لعل أجملها ، هي تلك التي قضاها في جنوب السودان ، إلى جانب طائفة كبيرة من محترفي مذهب العراة ، لا عن عقيدة وإيمان بأهمية العري ، وإنما لأنهم لا يزالون يعيشون على الفطرة منذ عهد آدم وحواء حتى اليوم ، ولأن يد المدنية لم تمتد إليهم ، رغم أن المدنية على قاب قوسين أو أدنى ... وقد ذهب الأستاذ حسن مراد ذات يوم إلى جنوب السودان ، وعاش هناك أياما ، يصور ، ويتصور ... كان يصور بآلته السينمائية ، وكانوا يصورونه بآلات فوتوغرافية .. وكان على صور الآلات الفوتوغرافية أحرص من أفلام الآلة السينمائية .. ولكن إحدى هذه الصور تسربت إلى (( الجامعة )) فكان على (( الجامعة )) أن تعرف قصتها ، وأن تعرف إلى جانبها قصصا أخرى من تلك التي تلازم تنقلات الصديق ... تمهيد !! قبل أن أمضي في سرد قصة جنوب السودان ، لا بد أن أروي للقاريء العزيز قصة نموذجية من قصص الأستاذ حسن مراد ... كان ذلك في شهر كانون الأول الماضي . وكان الأستاذ حسن مراد قد جاء إلى دمشق في إجازة قصيرة ، وهو يشكو من آلام في كليتيه ناجمة عن تجمعات رملية فيهما . وكنت قد سمعت بأن مياه (( بقين )) تحمل إلى شاربيها الشفاء أو الراحة من الرمال .. فدعوته إليها ، وذهبنا .. وطبعاً ، لم يكن الجو حاراً .. و (( بقين )) كما يعرف القراء ، مصيف وليست مشتى . ولكن اليوم الذي ذهبنا فيه كان يوماً مشمساً .. وحين وصلنا إلى بقين .. لم نجلس في صحن المقهى .. وإنما جلسنا في غرفة حارسها . وكانت المدفأة متأججة . وعدنا .. ومضى على هذه الزيارة شهران أو ثلاثة ، ذهبت بعدها إلى مصر . فإذا بأصدقاء الأستاذ حسن مراد يعاتبونني على ما فعلت به أثناء زيارته إلى دمشق . واستغربت أن يكون هناك شيء . ولكن لما عرفت تفاصيل أسباب العتاب ضحكت . فقد كانت هذه التفاصيل هي إحدى الروايات الشائقة التي يرويها الأستاذ حسن مراد .. لقد قال لهم ، أنني أخذته إلى مكان ينافس في جوه جو سيبيريا .. وقال إنه وهو يشرب من مياه بقين شعر بيديه قد تجمدتا ، وعجزتا عن الحركة .... وإنه لم يستطع أن يحرك أصابعه إلا بعد أن تركها في نار المدفأة فترة من الزمن ! .. هذه هي القصة النموذجية .. ولننتقل الآن إلى قصتنا الأساسية . الأشباح العراة . كان الأستاذ مراد وهو يزور جنوب السودان يتصور أن يرى كل شيء .. إلا الزنوج العراة وهو يقول : - كانوا عراة من كل شيء لا ستر عوراتهم شيء . وكانوا حين يمرون في ظلام الغابات أشبه بالأشباح المفزعة ... وطبعاً لم يكن في الحديث إلى هذا الحد أية مبالغة .. ولكن لنستمع إليه يروي البقية : - كنت جالسا ذات يوم أنظف آلة التصوير السينمائي حين حانت مني التفاتة إلى واحد منهم يجلس على مقربة مني ، فوجدته (( يتلمظ )) وطبعا خفت . ان (( التلمظ )) معناه أن الرجل قد فتحت شهيته .. ولا يعلم إلا الله ماذا كان ينوي أن يعمل لكي يسد جوعه . ومنذ تلك اللحظة . لم أجلس في أي مكان منفرداً .. بل كنت أصر دائماً على أن يصحبني حرس للدفاع عني عند الحاجة ! . نساء وثعابين أما عن النساء . فيقول الأستاذ حسن مراد .. ان وسيلتهن الوحيدة في اللهو هي إخراج الثعابين من جحورها ، ومداعبتها . - وهن لا يتورعن عن مبادلتها القبلات .. وتصور امرأة .. وفي فمها ثعبان ! ويمضي الأستاذ مراد في حديثه عن أعاجيب جنوب السودان ، فيقول : أنه شاهد هناك ناموسة ، كل واحدة منها بحجم الفيل .. وطبعاً .. لا حاجة لأن تسأله كيف يطير الفيل . وأما التماسيح .. فهو يقول : أنها تسير مع المارة جنبا إلى جنب .. وأنه لم يستطع أن ينام الليل لكثرة ما سمع من زئير الأسود ، وزمجرة الفهود .. ونعيق البوم ! . قصة قديمة ! . وبهذه المناسبة ، أذكر قصة قديمة ، كان الأستاذ حسن مراد قد رواها لي ، وتاريخها يرجع إلى بضع سنوات انقضت . قال : لقد ذهبت يومها برفقة أحد رؤساء الوزارات في رحلة بحرية إلى جنوب السودان . وأثناء الرحلة ... ناداني الرئيس وقال لي : هل ترى على ضفة النهر شيئاً ؟ أمعنت النظر ، فرأيت أسداً ضخماً . .. وقلت : أنني لا أرى أسداً . فقال الرئيس : إذن انزل وصوره . فاستنكرت هذا الطلب ، وقلت : انزل أصوره ؟ ما الداعي إلى ذلك ؟ وقال الرئيس : اليس من مهمتك أن تصور كل شيء نادر الوجود . فقلت : أنا أصور العظماء .. وهذا ليس عظيماً .. أنه مجرد أسد في الغابة . وقال رئيس الوزراء : أجل .. ولكن يجب أن يرى الناس المناطق التي مررنا بها .. والوحوش التي شاهدناها . فقلت : أما المناطق فسيراها الناس كما نراها نحن الآن . واما الوحوش فسيرون أعظم منها . وفعلا ، ما كدت أن أعود إلى مصر حتى جمعت كل ما استطعت جمعه من وحوش في أفلام طرزان ، وضممتها إلى فلم الرحلة بشكل فني دقيق . ولما عرض الفيلم أحدث ضجة كبرى ولكن لما شاهده أحد الكبراء ، استدعى مدير حديقة الحيوان ، وقال له موبخاً : - كيف تزعم أن حديقة الحيوان في القاهرة من أعظم الحدائق في العالم ، وفي البلاد أنواع من الوحوش لم تستطع الحصول عليها ؟ . ولما استغرب مدير الحديقة وجود وحوش لم تستحضرها حدائق الحيوان قال له الكبير : - إذن اذهب وشاهد الفيلم الذي صوره حسن مراد . وشاهد مدير الحديقة الفيلم ، ثم هز رأسه ، وقد ازداد استغرابه .. وما كان منه إلا أن نادى الأستاذ حسن مراد وقال له : - قل لي الحقيقة .. من أين جئت بهذه الحيوانات ؟ وقص عليه الأستاذ مراد القصة كما حدثت ، ولم يدعه إلا وقد أغمي عليه من الضحك .. وبعد .. ليتأكد القارئ أن الصورة التي نشرناها على غلاف هذا العدد للأستاذ حسن مراد في السوادان صورة حقيقية ليس فيها شيء من عمليات الأستاذ مراد في أفلامه !