الإحالة للمعاش شعور بغيض يعني الانتقال بكل الخبرات والمعلومات بكل العطاء إلى «انتيكة في رف من خشب».. يغطيها التراب ويحوم حولها النسيان والجحود والنكران.. بحجة عامل السن وإعطاء الشباب فرصة اثبات الذات.. وأن «المحال للمعاش استنفذ وقته.. وفرصته» حتى ولو كان قادراً علي المزيد من العطاء.. والإبداع.. إن كثيراً من المعاشيين لا يستحقون البعد.. والهبوط الاضطراري في منافي الغربة الروحية التي تحيل أيامهم إلى سواد.. المدارس محتاجة للخبرات التربوية والتعليمية.. والمؤسسات الحكومية.. والخاصة.. قامت على أكتاف هؤلاء.. المبعدين قسراً.. ففي الجراب مزيد من العطاء.. وفي النفس حسرة.. وعند الانسان الكثير من الجحود فمجرد الخروج من دائرة الضوء.. ينسي الناس كل ما قدمته وفعلته.. وبذلته.. ويلتفون حول.. الوافد الجديد.. يدقون طبول.. الشكر والأطناب.. ولا بأس من صب بعض اللعنات على الزمن الذي مضى.. ومضى أهله إلى غابات النسيان..!غريب هو الإنسان.. كائن لحظي.. مليء بنكران الجميل.. لا يهمه إلا من يقدم له المصلحة الآنية.. يحيل كثير من الرجال زوجاتهم إلى المعاش العاطفي.. بعد أن تتقدم بهن السن ويفقدن ألق الشباب.. يظن أنها لا تحتاج سوى للبيت والأبناء.. يسلبها أراضيها.. ومملكتها.. وقد يأتي بأخرى أكثر شباباً لتحل محلها.. في قلبه «الهرم».. لتجدد شبابه الآفل.. المضمحل.. ينسى.. أيامها وشقاءها وصبرها.. ينسى حين كانت ملكة متوجة.. وها هي الآن في المعاش بلا تاج أو صولجان..ونوع آخر.. يبذل لأبنائه الغالي.. ولا بأس أن تكتفي «المعاشية» بغرفة تستعيد فيها الذكريات وتبكي.. تغير الأيام وتبدل الأوضاع و تعيش الأوجاع.. وللعملة وجه آخر.. حين تتنكر بعض النساء لأزواجهن.. فيكتب عليه المعاش الإجباري.. لكبر سنه أو قلة ماله أو ضعف صحته.. ü زاوية أخيرة المعاش العاطفي أزمة حقيقية يعيشها كثير من الناس في زمنٍ هم أحوج ما يكونوا فيه للتقدير والعرفان ورد الجميل..!!