أكثر من عام مضى على توقيع وثيقة الدوحة لسلام دارفور بين الحكومة وحركة التحرير والعدالة بقيادة الدكتور السيسي، وتتميز تلك الوثيقة بالشمول والاستجابة والإحاطة لكل موضوعات التفاوض والتي تمثل مطالب أهل دارفور والحركات المسلحة والتي حزت علي مباركة الحكومة وحزبها الحاكم ثمنا للسلام وجاءت الوثيقة مدثرة بمباركة وتأييد المجتمع الدولي والإقليمي ودول الجوار، ومن أهم ما تميزت به وثيقة الدوحة أنها ظلت مفتوحة للحركات الراغبة في الانضمام والتوقيع عليها عبر بروتكولات الشراكة مع الدولة استناداً على تلك الإيجابيات التي تميزت بها فقد وجدت تأييداً كبيراً من مختلف قطات المجتمع الدارفوري والذين تم تعريفهم بأصحاب المصلحة. كما أنها اُستقبلت من أهل السودان بترحاب واسع وأمل كبير في تحقيق الأمن والسلام وحقن الدماء بين أبناء الوطن، ورغم التفلت الزمني البائن في تطبيق الوثيقة وفق الجدول الزمني وعدم م استباب الأمن في المنطقة، إلا أن التواثق والشراكة البرتكولية بين المؤتمر الوطني الحزب الحاكم وبين حركة التحرير والعدالة الموقعة على الوثيقة حررت الشراكة شهادة ثقة واطمئنان بين الطرفين، هذه الثقة التي جعلت الحركة تستوعب الظروف الاقتصادية والسياسية والأمنية التي يمر بها السودان بعد انفصال الجنوب والتوترات التي صاحبت الانفصال. إن الأزمة الناشبة بين طرفي الوثيقة نهاية الأسبوع الماضي تؤشر إلى اتجاه الدوحة إلى منزلق فقدان الثقة.. الثقة التي جعلت الاتفاقية صامدة خلال العام الماضي بآمال الأطراف في أنها تحقق الآمال المنعقدة عليها، فقد أعلنت الأطراف الحكومية التي تتمثل في قيادات القوات المسلحة السودانية والأجهزة الأمنية المعنية ووالي ولاية شمال دارفور أنها أحبطت مؤامرة للهجوم على مدينة الفاشر وأنها اشتبكت مع قوات تتبع للجبهة الثورية وكبدتها خسائر في الأرواح. وبانتصارات القوات على الأعداء سيرت مدينة الفاشر مسيرات النصر والتأييد ونقلت القنوات الفضائية تأكيدات الوالي عثمان كبر النوايا العدوانية للمجموعة المسلحة، ومن جانب حركة التحرير والعدالة قامت بعقد مؤتمر صحفي بالخرطوم تحدث فيه الدكتور السيسي رئيس الحركة والأستاذ أبوقردة الأمين العام للحركة ووزير الصحة الاتحادي عن اعتداء مدبر ضد قوات الحركة في ولاية شمال دارفور من قبل الأجهزة الحكومية الرسمية، وجاءت حيثيات المؤتمر الصحفي أن المجموعة التي تمت مباغتتها وقتل أفرادها تتكون من ثلاثة عربات ذات الدفع الرباعي وتتبع لقوات حركة التحرير وهي في طواف إداري بعلم الأجهزة والسلطات واستجابت لتوجيهات حرس بوابة كتم بمدخل الفاشر ب«التقريش» إلى جانبها وعدم الدخول للمدينة ومكثت العربة المحملة بالراجمات عدة أيام بجانب الحرس من القوات المسلحة وفي الساعات الأولى من الصباح قامت قوة من داخل المدينة بمهاجمة المجموعة المرتكزة وقتل أفرادها والاستيلاء على سيارتين على أنهما غنائم، وعبرت قيادات التحرير والعدالة عن بالغ استيائها وأن هذا السلوك يهدد اتفاقية الدوحة ويحقق أهداف العناصر التي تسعى لإفشالها. وقد طالبت قيادات التحرير والعدالة اليونميد بالتحقيق العاجل في الحادث.. إن أحداث البوابة وهي الأولى بين الشريكين تؤشر إلى مآلات سالبة في عملية سلام الدوحة، وتمثّل ذات البدايات التي صاحبت اتفاقية أبوجا بقيادة السيد مني آركو مناوي في أحداث مدينة المهندسين بأم درمان التي أورثت فقدان الثقة وصنعت التربص بين الطرفين حتى خرج رئيس الحركة وفصيله لمربع الحرب مرة أخرى مشكلاً إضافة لمعاناة السودان إن التصريحات المعلنة من الطرفين ،شريكي الاتفاقية، بتمسكهما بالسلام ونفاذ الاتفاقية والسعي لإقناع الحركات الرافضة للدوحة للالتحاق بها.. هذه التصريحات والنوايا تصبح دون جدوى إن لم يسعَ الطرفان خاصة الطرف الحكومي عن الابتعاد عن التصرفات الاستفزازية لكل منهما وأن تؤخذ نتائج التحقيق بقوة في اتجاة مستقبل الثقة بين الطرفين من خلال إحكام التنسيق بين الأجهزة التنفيذية والأمنية في دارفور على مستويات الحكم الإقليمي والولائي، فليس من الحكمة والانضباط أن تتقاطع التصريحات والاتهامات في القضايا الأمنية الحساسة ما بين رئيس السلطة الإقليمية لدارفور وما بين نائب رئيس السلطة والي ولاية شمال دارفور وهما الموقعان على برتكول الشراكة بينهما. إن مسؤولية كل الأطراف المعنية بالسلام في دارفور أن تعمل وبتجرد كامل، وبدون الممحكات السياسية الحزبية أو الأطماع السلطوية، تعمل على الحفاظ على مكتسبات وثيقة الدوحة التي تمثل تعبيد الطريق للسلام الكامل وتحقيق حلم أهل دارفور والسودان في الأمن والاستقرار والتنمية ولله الحمد.