لم أقرأ من قبل لعلاء الأسواني، ورغم ذيوع صيت روايته عمارة يعقوبيان إلا أن الظروف لم تسمح لي بمطالعتها كواحدة من الروايات التي حظيت باهتمام شديد من قبل النقاد وكتاب الأعمدة والقراء، ولأن القارئ هو الضلع الأساسي في عملية الكتابة، ولأن الرواية أعيدت طباعتها لعشر مرات فهذا يعني ويؤكد أن الأسواني نجح في إسناد أدبه بمحيط جماهيري مقدر وضعه بشكل مريح في سلم الصعود نحو الشهرة والضوء. قرأت الرواية الأسبوع الماضي، ولا أنكر أنها شدتني لدرجة أنني كنت في غاية الحاجة لجرعة ماء ولم استطع تجرع الماء رغم قرب المسافة بين موقع الماء ومكان مطالعة العمل. فكرة الرواية تدور حول عمارة بوسط القاهرة اتخذها المؤلف كأنموذج للمجتمع المصري في الأربعينات و حتى نهاية الثمانينات، إلا أن كل شخص من شخوص الرواية يمثل تياراً فكرياً وسياسياً ومزاجياً، ورغم سطحية لغة الرواية وافتقارها عنصر الجمال اللغوي والتكثيف، إلا أن التكتيك الذي اتبعه المؤلف غطى على هذا الضعف وأضفى حيوية على الرواية تكفل بهذا التنقل السهل من مشهد إلى مشهد ومن فصل إلى فصل، وهذا في حد ذاته أفق جديد في فن القصص. بدأ لي واضحاً أن الأسواني يشكل امتداداً لمدرسة البرازيلي بأولو كويلو، الذي سلط ضوءاً على نقطة، وتبدأ النقطة في اتساع حتى تتخذ مدى واسعاً ومنفتحاً على كل الاحتمالات، لكن فكرته الجوهرية تظل واحدة ولا تتعدى حداً باطنياً أو تتخذ عمقاً فلسفياً أو يكون في قدرتها الإلمام بغير ما هو مرصود ومقدر لها. لقد شدتني الرواية لساعات طويلة، لكنني بعد فراغي منها لم تعجبني ولم تترك في نفسي أثراً مثلما فعلته الكثير من الروايات، فشبهتها ب(حلاوة قطن) تلك الحلوى التي كنا نأكلها حين كنا صغاراً، لكنها تذوب في أفواهنا حال تناولها.. ولكن السؤال ووفقاً لعدد المرات التي أعيدت فيها طباعة الرواية، التي تم تحويلها إلى فيلم، هل هذا هو مزاج القارئ، أم أن الأسواني استطاع قراءة المزاج العام وطرح عمله تأسيساً على تلك القراءة؟!