كلمة (مكميك) هى التحريف العامي لإسم (مكمايكل)، هذا الاداري البريطاني الداهية والاكاديمي النشط الصبور في مجال تاريخ واثنولوجيا السودان، والذي تعد كتاباته مراجع علمية للباحثين والدارسين والاكاديميين في بلادنا، وقد كان في بدايات خدمته الادارية في السودان يعمل في مديرية كردفان التى تقطن في شمالها قبيلة الكواهلة العربية الصميمة. وفي عهد مكمايكل كان عمدة الكواهلة هو عبد الله ود جاد الله، وحدثت آنذاك مشكلة طرفها الكواهلة وتتعلق بمصالح القبيلة، وعندما ذهب الاخير الى مكمايكل لبسط شكوى قبيلته ابدى تجاهله وانشغل عنه بالكتابة فما كان من ود جاد الله الا وان ضربه في يده مطيحاً بقلمه بعيداً، فما كان من مكمايكل الا ان اصدر قراراً بتجريده من منصبه في الادارة القبلية وحكم عليه بالسجن. ولان الاداري البريطاني في السودان كان نصف إله فقد كانت فعلة ود جاد الله تعتبر من عظائم الأمور، واعجب به السودانيون واطلقوا عليه لقب (كسار قلم مكميك)، واعجب به ايضاً الامام عبد الرحمن المهدي اعجاباً جعله يصهر اليه من جانبه هو شخصياً ومن جانب نجله الصديق، ومن ذرية هذه المصاهرة المباركة الكثير من الاسماء اللامعة في اسرة المهدي، ومن بينهم الامام الصادق المهدي. قجة السوداني وعمر المختار (قجة) او على الأصح (كشة) هو اكثر الشخصيات السودانية التى يلفها الغموض، ولم يجد باحثاً نشطاً مهموماً يجلي هذا الغموض، وكل ما تتفضل به المصادر الشفاهية الليبية هى ان اسمه (قجة السوداني)، وهو تحريف لاسمه السوداني (كشة)، وقد انضم الى صفوف المجاهد الليبي عمر المختار بدافع العروبة والدين، ووصل في جهاده الى درجة قائد في منطقة برقة، واذاق الايطاليين الأمرين حيث يظهر ذلك في الوثائق الايطالية التى تتحدث عنه باسم (كشة الزنجي)، وبعد ان شارك اخوته في الجهاد ضد المستعمر الايطالي عاد الى السودان حيث لقى ربه راضياً مرضياً. وهكذا نختتم حديثنا هذا منوهين الى امرين نرى انهما في غاية الاهمية، وهما اولاً ان ما ذكرنا من نماذج هو قطرة في محيط المواقف والاسماء الغامضة رغم شهرتها، وثانياً ان الدعوة لاعادة كتابة تاريخ السودان هى من الضرورة بمكان عظيم، وينبغي ان نحولها من نظرية الى تطبيق.