نجحت الزميلة الصحفية أحلام الطيب الشهيرة ب(برونك) في تحريك البركة «الساكنة» من حولي هذه الأيام السكون ربما يعود للبرد القارص «و حاجات تانية حامياني» و ..و ..! لقد انهالت التلفونات والأسئلة من حولي تسألني عن ماذا أبحث؟.. صديقي الأستاذ الصحفي رضا باعو قلت له ونحن نضحك «إنت عارف أنا أبحث عن اللا شيء»!! دخلت عليّ «برونك» ووجدتني وسط كوم من الأوراق المبعثرة على أرضية المكتب وقامت بتصويري وانسلت بهدوء لأفاجأ باللقطة في أخيرة (آخر لحظة) في زاوية «ديباجة» ومعها السؤال العريض: عمّ يبحث مدير التحرير؟!. الصورة وتوظيفها واحدة من علامات (آخر لحظة) «المسجلة» وتحتشد ذاكرة الصحيفة بكثير من هذه اللقطات الطريفة.. وذات يوم وجدت أحلام برونك نفسها تحت رحمة عدسات كاميرا الأستاذ مصطفى أبو العزائم وهي منهمكة على الأرض وفي «الممشى» المؤدي من السكرتارية إلى صالة التحرير ومكتب المحرر العام وجاءت اللقطة طريفة ومعبرة وتحت عنوان يقول «برونك تكتب الأخبار على الأرض»!! دائماً أقول لزملائي في أول السلم الصحفي إن (الصورة) هي الوجه الآخر لعملة (العملة الصحفية) والتي تتكون من (وجهين).. (كاميرا) و(قلم) و(صاحب وجهين) في هذه الحالة ليس بكذاب!! والصورة في هذه الحالة لن تكون ذات فائدة كبيرة إن لم نوظف أعظم كاميرا منحها الله سبحانه وتعالى لعباده «العين» أو الكاميرا البشرية .. يجب على الصحفي استخدامها بصورة «أكثر من عادية» عليه توظيف «الخيال» و«الحاسة السادسة« و«التأمل» للحصول على «اللحظة الإبداعية» التي قلما تتوفر لأي شخص من «طرف»!! توجد العديد من الصور النادرة والمميزة على مر التاريخ، وفي كل عام يحتفل العالم بأجمل صور العام، في الستينيات كانت صورة تشي جيفارا رمز الثورة الكوبية أعظم الصور. لا زالت الذاكرة العربية والإسلامية تحتفظ بآلاف الصور المحزنة والمأساوية للقتل والتنكيل الذي تقوم به إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني.. وهل تنسى ذاكرتنا صورة الطفل «محمد الدرة» وهو يقتل بنيران جنود إسرائيل رغم أنه اختبأ خلف ظهر والده!!.. لن ننسى صورة «بوكيه» الورد الذي وضعه زملاؤه التلاميذ في كرسيه الخالي داخل فصله في اليوم التالي!! في التسعينيات قامت أمريكا بالانسحاب من الصومال بعد أن أظهرت الصور أطفالاً صوماليين يسحبون جثة طيار أمريكي في شوارع مقديشو. في العام 2004 أظهرت الصور أباً عراقياً يحتضن طفله أثناء انتظار نقله للسجن من قبل الجنود الأمريكيين في النجف 2004 واعتبرت من الصور المؤثرة وقتها.. أجمل صور 2011 لثوار ليبيين يستلقون على سرير القذافي. أسوأ صور 2012 قيام النظام في سوريا بتدمير المدن السورية. أعود لموضوع اللقطة والسؤال الذي حاصرني عمّ كنت أبحث بين الأوراق المبعثرة.. لقد كنت أبحث عن حل لحال السودان الذي لا يسر صديقاً ولا يعجب عدواً.. حالي كحال الملايين من أبناء بلدي اللذين يبحثون عن مخرج لهذا البلد حتى. تبقى لنا فتح «خشم البقرة؟!» «ألسنا أصحاب رايحة؟!».