وليس هناك نشيداً يهزني هزا.. ويرجني رجاً.. ويحلق بي حيث لا أمنيات تخيب ولا كائنات تمر.. مثل ذاك الذي صدح ويصدح به قيثارة الوطن البديع.. ورئة الشعب المجيد.. وردي.. يا ألطاف الله عندما يهدر وردي وصوته يجلجل في الفضاء.. كرري تحدث عن رجال كالأسود الضاريه.. هذا فرح خرافي.. وعيد يعود ويعم الفرح أعياد عند كل «واحد يناير» من كل عام.. في هذا اليوم ابداً.. تنشق عيوني على شمس غير الشمس.. على سماء غير السماء.. على فضاء غير الفضاء.. تهب عليّ هذه النسمات العطرية في كل ذكرى للاستقلال.. وكان لابد ليّ من تحية.. ولابد لي من مباركة.. ولابد لي من احتفاء.. ولابد لي من احتفال.. أنا لا أملك ما أردده غير نشيد وردي اليوم نرفع راية استقلالنا.. رغم اني اعترض في ضراوة.. وصرامة.. وعنف على مقطع فيه.. يفتقد إلى صدق.. بل هو تزوير فاضح للتاريخ.. و «كسر رقبة» أحداث لن تمسحها من سفر التاريخ حتى كل أمواج المحيط.. ولأن الرجوع إلى الحق فضيلة وحتى لا نوغل في العناد والمغالطة.. وحتى لا نكذب على الدنيا.. وحتى لا نرفد عقول أبناءنا بأكذوبة بالغة دعونا نتوافق على حذف ذاك الجزء الزائف من القصيدة.. حتى ننسجم ونتوافق مع ذواتنا.. بيت الشعر الزائف والكاذب.. أو جزء منه يقول.. كرري تحدث عن رجال كالأسود الضاريه.. وصحيح أن كرري حدثتنا عن رجال كالأسود الضارية.. ويكفي كثيراً أن نورد شهادة أحد الأعداء.. والفضل ما شهدته به الأعداء.. الشهادة كانت من تشرشل ذاك البريطاني الذي كان جزءاً أصيلاً من الجيوش الغازية.. كتب الرجل في كتابه «حرب النهر».. وهو يصف المقاتلين السودانيين الذين كانوا يدافعون عن الوطن كتب عنهم قائلاً.. لم نهزمهم قتالاً فقد حصدتهم أسلحتنا الهائلة الفتاكة.. أنهم أشجع رجال مشوا على ظهر الأرض. ونواصل القراءة في النشيد.. لنقرأ خاضوا اللهيب وشتتوا كتل الغزاة الباغية.. نعم فقد خاض هؤلاء الفرسان اللهيب.. بل اشتعلت صدورهم العارية من هراء كثافة النيران الهائلة.. المنطلقة من البوارج والدانات ومدافع البوارج.. ولكنهم للأسف ولاختلال معادلة التسليح لم يشتتوا كتل الغزاة الباقية.. ونذهب إلى.. والنهر يطفح بالضحايا بالدماء الغانية.. وهذا أيضاً صحيح.. فقد تكومت أجساد هؤلاء المقاتلين.. ونهضت حوائطاً وسواتر.. ملأت الوادي حتى فاض.. وتناثرت أجساداً وأشلاءً وتدحرجت إلى النهر الذي تحول من الزرقة إلى الاحمرار ودم الشرفاء يلون أمواجاً ومياه مهراً لوطن قاتلوا دفاعاً عنه حتى الفناء ونذهب إلى البيت أو صدر البيت محور الحديث وهو.. ما لان فرسان لنا.. ونقول صدقاً وحقاً ويقيناً إنه ما لان فرسان لنا وكيف يلين من خرج صلباً ككرة الفولاذ وهو يحمل قلباً حديدياً بين ضلوعه.. مردداً في يقين.. إما النصر أو الشهادة.. والنصر والشهادة يستويان بل هما أمنيتان أحلاهما.. أحلى من الآخرى.. والآن.. إليكم تزوير التاريخ.. الذي دفعتنا إليه هوشة حب الوطن ذاك الشاسع الرهيب.. وهو.. بل فر جمع الطاغية.. وجمع الطاغية يا أحبة هو طوابير الغزاة الاستعماريين بقيادة السردار كتشنر.. لم يفر جمع الطاغية بل تقدم مدنساً تراب الوطن الغالي حتى أم درمان.. تلك التي استباحها جمع الطاغية لثلاث ليالي.. وتوهط ذاك الاستعمار الغاشم لخمسين سنة وتزيد.. ونعم اليوم نرفع راية استقلالنا.. ويسطر التاريخ مولد شعبنا.. وكل عام والوطن بخير.. وشعبه بخير..