لم يكن قرار مجلس إدارة الأتحاد السوداني لكرة القدم السابق بشأن الإتفاق مع الفضائية السودانية لنقل مباريات الدوري الممتاز، قرارا موفقا، بل هو قرار لم يخضع لقواعد التنبوء المطلوبة في مثل هذه التعاقدات! وكما بدا لنا وقتها ، فقد بنى مجلس الدكتور شداد السابق، قرار التعاقد مع الفضائية السودانية على خلفية الفشل في الوصول إلى إتفاق نهائي مع فضائية الجزيرة التي آل لها نقل الكثير من الفعاليات الرياضية بعد أنهيار شركة راديو وتلفزيون العرب! وقد ظن مجلس الدكتور شداد السابق أن الفضائية السودانية يمكن ان تلبي حاجتهم المادية بعد سماع الكثير من التطمينات من قبل المسؤولين عن شأن الفضائية، وقد خاب ظنهم! أولى علامات الفشل، وسوء إدارة ملف تسويق الدوري الممتاز ظهر جليا على مدرجات ملاعب الممتاز، حيث سجلت الدورة الأولى، تراجعا كبيرا في نسب الحضور، لأن الفضائية السودانية متاحة للجميع وهو ما أغرى القاعدة الرياضية للأنتماء إلى خيار المشاهدة التلفزيونية بدلا عن تكبد مشاق الحضور الحي من على مدرجات الملاعب. وإن كان المقابل المادي المتفق عليه، يمكن أن يغطي العجز المالي الناجم عن عزوف القاعدة الرياضية، فإنه لا يمكن أن يكون بديلا للحضور الجماهيري الذي هو نصف متعة كرة القدم الحلو! في السابق، وعندما كان الدوري يبث عبر فضائية النيل الأزرق، والتي كانت تتبع لباقة قنوات راديو وتلفزيون العرب، ومن ثم النقل عبر قنوات الباقة الأخرى، لم يكن تأثير ذلك بالغا على الحضور الجماهيري، لأن الغالبية كانت حسب ظني بعيدة عن أجواء باقة راديو وتلفزيون العرب! وما يزيد الطين بلة، هو أن الفضائية السودانية ورغم كل تلك التحفظات، وثقة مجلس الدكتور شداد فيها، لم توف بالمطلوب حتى من الناحية المادية وفقا لما ظهر مؤخرا! وزاد الأمر سوء إنصراف الفضائية عن نقل مباراة المريخ ونيل الحصاحيصا أمس الأول، وهو ما يعني ثباتهم على موقف واضح، وهو عدم التضحية ببرامج الفضائية لتنفيذ عقدهم المكتوب مع الأتحاد العام بنقل كل مباريات الدوري الممتاز! وما يؤسف له حقيقة ، فقد صدق الجميع حديث الأخ مدير التلفزيون عند توقيع العقد مع مجلس الدكتور شداد، حيث طمأن الجميع على نقل المباريات دونما أي تردد، والتدرج في تطوير العقد إلى حد إنشاء فضائية متخصصة لنقل مباريات الدوري الممتاز، وكل الفعاليات الرياضية! ولكن كشفت مباراة المريخ النيل الحصاحيصا، أن هناك ثوابت لا يمكن أن تغيرها أمنيات السيد مدير الفضائية، وأن حديثه كان إنفعال لحظات ليس إلا وأن الثابت في التلفزيون السوداني لا يقبل التغيير أبدا! أما عن الجولة ذاتها، فقد حافظ المريخ على صدارته ، وأمن ذلك بستة أهداف بشباك نيل الحصاحيصا الذي حاول لاعبوه التعبير عن أنفسهم بشكل لائق في الحصة الأولى، ونجحوا إلى حد بعيد في ذلك برغم النقص العدد بعد طرد المهاجم إسامة التعايشة، إلا أنهم قبلوا الهزيمة الماحقة في النصف الثاني من الجولة! الحصة الأولى من المباراة لم تصل إلى مستوى الطموح الذي دفع بجماهير المريخ إلى العودة مجددا إلى مدرجات القلعة الحمراء، وانتهى بنتيجة تعبر عنه تماما وهي التعادل بين الفريقين! أما الحصة الثانية ، فقد واصل فيها لاعبو المريخ هوايتهم بتعديل الصورة المقلوبة مستغلين فترة الراحة لسماع توجيهات جديدة من مدربهم مايكل كروجر ، الذي يفلح في ذلك كثيرا! إنتهت الجولة بإنتصار عريض ، محصلته النهائية مواصلة الصدارة وأنفتاح الشهية ..وتضجر كبير من عدم بث المباراة ، وأنهيار الثقة بين التلفزيون والمشاهدين!!