تحتفل بلادنا اليوم بذكرى استقلال السودان وهي مناسبة وطنية عظيمة من حقنا أن نحتفل بها، ونفتخر بالزعماء الوطنيين الذين رفعوا هذه الراية عالية وخفاقة قبل «57» عاماً إعلاناً وابتهاجاً بميلاد السودان الدولة الكبيرة والعظيمة ذات السيادة والمجد و «العز» الضارب بجذوره في أعماق هذه الأرض الطيبة. ü قبل هذا اليوم الفريد قاد أجدادنا مراحل من الكفاح والنضال الشاق ضد كافة أنواع الظلم والاستعمار بمختلف الأشكال.. ابتداءً من ثورة ود حبوبة و الكفاح المسلح الذي قاده أبطال ثورة 1924م بقيادة البطل علي عبد اللطيف انتهاءً بنضال «الكلمة والتعليم» التي انتظمت مؤتمرات الخريجين والتي تطورت لجمعيات وأحزاب سودانية تولت عبء «إنجاز» المرحلة الأخيرة من ملحمة التحرير الوطني. ü الآن يفصلنا عن ذاك اليوم والذي نحتفل به اليوم أكثر من نصف قرن وتفصلنا عنه الكثير من المحطات والمواقف «المؤسفة» التي جعلت بلادنا لا تتذوق حتى اليوم طعم الاستقلال الحقيقي القائم على توفر «الإرادة الحرة» و«السيادة الكاملة» التي تجعل السودان للسودانيين أو أن يتمكن بنوه من إدارة شؤون حياتهم وبلادهم بلا وصايا أو «استغلال»!! ü لقد جرى ماء كثير تحت الجسر وتباعدت المسافة بين «أحلام» الأجداد وواقع «الأحفاد» المؤلم المزري.. فمن كان يصدق أن فرحة ذاك الرعيل من جيل الاستقلال في رؤيتهم لسودان جديد مزدهر قد تلاشت من بعدهم.. وهل كان يصدق أبناء السودان الذين احتشدوا في ميادين الخرطوم وساحاتها بجلاليبهم وعمائمهم البيضاء أن تتبدد تلك الآمال ويتبدد ذاك الحلم الكبير؟! فإذا بالسنوات تدور والسودان الآن على أعتاب مرحلة كالحة السواد وشديدة الغتامة عظيمة البؤس وثلثه قد راح في حال سبيله ونال استقلاله الداخلي من أرض المليون ميل مربع التي قام «الأوائل» بتسليمها كاملة شديدة البياض كصحن الصيني من غير شق أو طق ومكتملة الأطراف!! ü الآن نحن في حاجة «لنوع جديد» من الكفاح والنضال نعيد فيها السودان لسيرته الأولى «وطن حدادي مدادي» وطن خالي من الحروب، ومن الكراهية والظلم والاستبداد.. وطن السلام والمحبة والوئام وطن الجميع.. وطن بلا قيود ولا أغلال. وطن يسعنا جميعاً إلا من عزل نفسه وأبى!!