ديمبلي ومبابي على رأس تشكيل باريس أمام دورتموند    عضو مجلس إدارة نادي المريخ السابق محمد الحافظ :هذا الوقت المناسب للتعاقد مع المدرب الأجنبي    لماذا دائماً نصعد الطائرة من الجهة اليسرى؟    ترامب يواجه عقوبة السجن المحتملة بسبب ارتكابه انتهاكات.. والقاضي يحذره    محمد الطيب كبور يكتب: لا للحرب كيف يعني ؟!    القوات المسلحة تنفي علاقة منسوبيها بفيديو التمثيل بجثمان أحد القتلى    مصر تدين العملية العسكرية في رفح وتعتبرها تهديدا خطيرا    إيلون ماسك: لا نبغي تعليم الذكاء الاصطناعي الكذب    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    دبابيس ودالشريف    نحن قبيل شن قلنا ماقلنا الطير بياكلنا!!؟؟    شاهد بالفيديو.. الفنانة نانسي عجاج تشعل حفل غنائي حاشد بالإمارات حضره جمهور غفير من السودانيين    شاهد بالفيديو.. سوداني يفاجئ زوجته في يوم عيد ميلادها بهدية "رومانسية" داخل محل سوداني بالقاهرة وساخرون: (تاني ما نسمع زول يقول أب جيقة ما رومانسي)    شاهد بالصور.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبهر متابعيها بإطلالة ساحرة و"اللوايشة" يتغزلون: (ملكة جمال الكوكب)    شاهد بالصورة والفيديو.. تفاعلت مع أغنيات أميرة الطرب.. حسناء سودانية تخطف الأضواء خلال حفل الفنانة نانسي عجاج بالإمارات والجمهور يتغزل: (انتي نازحة من السودان ولا جاية من الجنة)    البرهان يشارك في القمة العربية العادية التي تستضيفها البحرين    رسميا.. حماس توافق على مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار    الخارجية السودانية ترفض ما ورد في الوسائط الاجتماعية من إساءات بالغة للقيادة السعودية    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    الدعم السريع يقتل 4 مواطنين في حوادث متفرقة بالحصاحيصا    قرار من "فيفا" يُشعل نهائي الأهلي والترجي| مفاجأة تحدث لأول مرة.. تفاصيل    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    كاميرا على رأس حكم إنكليزي بالبريميرليغ    لحظة فارقة    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    كشفها مسؤول..حكومة السودان مستعدة لتوقيع الوثيقة    يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة.. هل يقتل أنشيلوتي بايرن بسلاحه المعتاد؟    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شتان بين وحدة وانفصال .. بقلم د. زكي مكي إسماعيل-جامعة النيلين
نشر في سودانيل يوم 21 - 01 - 2011


"عيد بأية حال عدت يا عيد ..
بما مضى أم لأمر فيك تجديد ..
أما الأحبة فالبيداء دونهموا..
وليت دونك بيد دونها بيد .."
رحم الله أبي الطيب المتنبئ ذلك الكوفي البليغ ..
ويجئ العيد يا وطني ..
وأنت في رقة وضعف وحلاوة كيكة عيد الميلاد ..
ويمسك بالمشرط سلفاكير باليمين والبشير بالشمال ..
لتقسيم ربوعك وترسيم حدودك الجديدة ..
فهل تقوى على تحمل مشرطهم ؟..
وأنت في رقة الكيك وحلاوة طعمه وضعف خلاياه !!
وبرغم هذا الضعف الذي وصفناك به يا وطني في مجابهة التقسيم ..
أراك قوياً متيناً .. أكثر بكثير مما يظنه أعداؤك..
وطن المهدي والخليفة عبد الله التعايشي..
الذي واجه بارود غردون ورفاقه بسيوف الخشب ...
ببسالة ورجولة شهد بها أعداؤنا أنفسهم ..
قوي يا وطني ..
قوة من حملوا رأس غردون ..
وقوة ود حبوبة والنعمان ود قمر ..
وعلي عبد اللطيف وعبد الفضيل الماظ ..
وحسن بشير نصر .. فارس القوات المسلحة ..
وآبداً ما هنت يا سوداننا يوماً علينا ..
عشقناك وأحببناك يا وطني ...
وكل سهولك الخضراء .. من نمولي إلي حلفا ..
عشقنا زلالك السلسال ... والصحراء والكثبان ..
والوديان .. والطرفا ..
وأحسب يا وطني أنك في سماحة وصبر إسماعيل الذبيح ..
حينما أبلغه أبوه إبراهيم عليه السلام :
" إني أرى في المنام أني أذبحك فأنظر ماذا تري " .
صدق الله العظيم .
وأراك يا وطني كإسماعيل ..
باراً بأهلك وبنيك .. وأنت تواجه هذا الامتحان الصعب ..
وجوابك البليغ .. "
"أفعل ما تؤمر ستجدني يا أبتي إن شاء الله من الصابرين " ..
صدق الله العظيم .
وليت استفتاؤك ..
يجئ بكبش ثمين يشق عنان السماء
معلناً وحدتك وسلامة كيكتك من شر التقسيم ..
وسلمت يا وطني العزيز من الأمريكان والانجليز ..
ومن ظلم ذوى القربى ..
خمسون عاماً قد مضت في ظل أرضك يا وطن ..
وتمضي ساعات عامنا الجديد 2011 بطيئة .. بطيئة متثاقلة ..
وهي تحمل نبأ تقسيمك يا وطن ..
خريطة نقشت في القلوب ..
بكل تعرجاتها الصغيرة..
واتساعها في الشمال وضمورها في اتجاه الجنوب ..
محفورة في القلب وراسخة في العقل ..
حفظناها منذ نعومة أظافرنا ..
وحتى اشتعال الرأس شيباً ..
وزرنا أصدقاءنا في كل ربوعك ..
ونحن نلتقي بصديق عبد الرحيم بالقولد ..
ونأكل معه الكابيدة .. غذاءه وغذاءنا الرئيسي ..
ومنه إلي ريرة والجفيل ..
وإلي محمد ود فضل في بابنوسة ..
وعبد الحميد ابراهيم بعطبرة وبورتسودان ..
وأحمد محمد صالح بود سلفاب ..
ثم نرتحل إلى منقو زمبيري بالجنوب ..
ونأكل معه البفرة و الباباي ..
ونردد معه شيباً وأطفالاً وشباباً ..
" أنت سوداني وسوداني أنا "
" منقو قل لا عاش من يفصلنا "..
"قل معي لا عاش من يفصلنا "
رحم الله قائلها فقد كانت أحلى أناشيدك يا وطن ..
ورددنا أيضاً " أنا سوداني أنا .. أنا سوداني أنا "
"وأيها الناسُ نحن من نفر عمروا الأرض حيثما قطنوا "..
" يُذكر المجد كلما ذُكروا .
وهو يعتز حين يقترن ".. ورددنا ايضاً ..
وعزةٍ في هواك نحن الجبال ..
واليوم نرفع راية استقلالنا ..
ويسطر التاريخ مولد شعبنا ..
وظلت صورة الزعيم الأزهري (رحمه الله ) وهو يرفع العلم..
وبجانبه المحجوب محمد احمد صورة حبيبةً إلى النفس ..
عالقة بالذهن ..على مدى الخمسين عاماً الماضية..
هي عمرنا المديد بأذن الله ..
يبثها التلفاز مطلع كل عام ..
فتزداد رسوخاً وتهتز لها القلوب ...
ومثلت تلك الكوكبة ..
من رواد الاستقلال ..
جيلاً من العمالقة ..
أحببناهم حبنا لسفاري الدمورية ..
الذي كان يرتديه الازهري ..
ذلك المنتج الوطني البارد صيفاً ..
والدافئ شتاءاً ..
والذي أصبح فيما بعد زي ..مساجينك يا وطني .. !
وفي الفؤاد ترعاه العناية .. بين ضلوعي الوطن العزيز . .
وكانت الشرارة الأولى لثورة أكتوبر ..
تنطلق من محاضرة ..
عن "جنوب السودان وأحداثه في أكتوبر 1964م ..
تلك الأحداث التي كان بطلها الشعب السوداني العظيم ..
وتذكرنا بطلابك العظام وشعبك الشجاع ..
وأصبح الصبح ولا السجن ولا السجان باقٍ ..
والثورة انطلقت شعارات ترددها الجموع ..
ومحمد الامين ووردي وهاشم صديق ..
وعلي إبراهيم كروان الجزيرة وهو يردد بصوته الجهور :
" يا ثورة الأحرار حطم ليث غابتك الإزار" ..
ويا ثورة سلكت دمي صارت نشيداً في فمي" ..
"وجانا هتاف من قلب الشارع قسماً قسماً .. لن ننهار "..
"والشارع ثار وغضب الأمة اتفجر نار و الشارع ثار"..
وتمضي أيام فرحك يا أكتوبر..
وكان اكتوبر في امتنا .. منذ الازل..
كان اسياف العشر .. ومع المكي النمر ..
ولك العتبي حتى ترضي اخي ..
محمد المكي ابراهيم .. وامتي يا امة الامجاد ..
لتأتي بديمقراطية جديدة لم نحسن استغلالها ..
لنستقبل بعدها مليشيات الجيش مرة أخرى ..
معلنة عهد جديد ..
ويا مايو حبيب زي أمي وأبوي وزي أختي وأخوي ..
ودابوا تمرنا جبّد وشال ... بعد عقر السنين الطال ..
ويا بوعاج اخوي يا دراج المحن .
وتضيق حلقات الحياة والكبت والقهر ..
وجبروت السلطة في العهد المايوي ..
ويفجر شعبك العظيم يا وطني ..
ثورته الثانية في ابريل بالعام 1985م كثورة شعبية أخرى ..
يجتث بها جذور ديكاتورية العسكر مرة ثانية ..
وفي أقل من ربع قرن ...
وظل الحدث مسار اعجاب بكل دول العالم ..
مستجيبة لإرادة الشعب الذي أراد الحياة . .
إذا الشعب يوما أراد الحياة .. فلابد ان يستجيب القدر "..
ولابد لليل ان ينجلي .. ولا بد للقيد أن ينكسر "..
ومن لا يريد صعود الجبال ... يعش أبد الدهر بين الحفر .. "
والتحية للشابى ابى القاسم ..ولشعبه العظيم
وهم يطوّعون القدر ..
ورحم الله بوعزيزى ذلك الثائر العظيم ..
ومهر الدم الغالى .. مهرك يا حرية ..
ومن لا يريد صعود الجبال ... يعش أبد الدهر بين الحفر .. "
"وشعبك يا بلادي اقوى واكبر مما كان العدو يتصور ...
ومما كان العقل يتصور..
"وأنت سوداني وسوداني أنا .. ضمنا الوادي فمن يفصلنا ؟
ونفديك بالروح والدم يا وطني .. وسلمت من ألم الجروح..
وبنبنيهوا ونخط الطوبة فوق الطوبة تتحكر ..
بنبنيهوا ونشق الترعة بعد الترعة ..
فوق واطاتنا تجري بحر ..
بنبنيهوا والما تلحقوا القنوات ..
يرشوا المولى من سمواته خير ومطر ..
بنبنيهوا ونقيف من دامر المجذوب ..
ونمد الضرعة لي حنتوب ..
ونعمروا لي خلا المزروب..
ونعيد لي مايكل المسلوب وبقرو الراح ويعود يبسم متل ما كان ..
يسلم ايدو بالمقلوب ..
وكانت هذه الأبيات من كلماتي ..
وهي الفائزة بالجائزة الأولى..
بمهرجان الثقافة الأول بعطبرة العام 1993م ..
فما عاد مايكل اليوم يطمع ..
في أن نعيد إليه .. "بقره الراح "..
" قل معي لا عاش من يفصلنا "..
وها نحن قادمون علي الانفصال ..
لتصبح أغانينا تلك .. هشيماً تزروه الرياح ..
وما عادت تصلح هذه الأهازيج اليوم ..
وفي نيفاشا يلتقي المؤتمرون ..
وصحبهم من أهلك يا وطن ..
يرافقهم شيخنا البرعي ..
ويلاحقهم بدعواته كلّ صوفية السودان ..
وجاءت فرقنا الشعبية .. ترقص وتغنى بكل فنونها ..
ولم تكن تدرى .. ولم نكن ندري نحن ايضا ..
انها رقصة المذبوح من وجع الزمان ..
وكانت فرحتنا تلك لايام معدودات ..
لينتهي موسم الفرح وتبدأ مواسم الوجع ..
وتحولت الآن وبقدرة قادر أهازيج ..
"منقو قل لا عاش من يفصلنا .."
إلى عبارات عفا عنها الدهر..
وأصبح لا طعم لها ولا رائحة ..
ويُقسم السودان بعدها إلي قسمين ..
ويركب كلّ دعاة الوحدة الطرورة ..
وتذوب عندها أحلام الوحدة ..
الوحدة حُلم جون قرنق ..
الذي أسكنه جبال الأماتونج ..
وهو يحلم بأن يصبح حاكماً للسودان كله ..
السودان الجديد ..سودان التعايش والمحبة ..
وكنا معه فرحين بذلك ..
وطن حدادي مدادي ..
وضحكنا معه ومع قفشاته ..
وهو يتوسط الجموع ..
في احتفالية الساحة الخضراء ..
خضرة وديان الجنوب ..
حُلم ذهب مع الريح ..
وتبدد وتجهم الواقع بموتك يا قرنق ..
وقد كنت رجلاً ..
وحدوياً حتى النخاع ..
لكنها السياسة ..
تتقلب كالحرباء بتغير الظرف ..
فمات قرنق وماتت أحلامه ..
وتجئ ذكرى الاستقلال ..
وتطوف بالراس مشاهد ساحات الفداء ..
وعرس الشهيد والميل اربعين..
ولمن أعزف أغنيتي ؟..
وفداً لك العمر.. رائعة شاعرنا الفيتوري ..
"وسوداني الجوه وجداني بريدو "..
"وسوداني بلدنا وكلنا اخوان "
"ويا سودان هنيئاً بالفتح المبين"
من كوثر نبينا نقرف باليمين ..
وفي الجنات نتلمي وكل الخالدين . .
ورحم الله صغيرتي ارهاف ورفاقها الصغار ..
وهي التي ظلت تردد أبياتها هذه ..
وهي ترقص مذبوحة من شدة الألم بالمستشفى ..
وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة ..
وشتان ما بين مولدها ..
بمستشفى الخُبر التعليمي بالسعودية..
حيث العناية المركزة هناك ..
والإهمال المركز بمستشفيات بلادي ..
وعرس الشهيد بين الحقيقة والخيال ..
وشيلة السكر والزيت لأهل العريس ..
للعريس الغائب فداً لوحدة ترابك يا وطن ..
وشريط ذكريات ساحات الفداء ..
ورموزه الشهيد علي عبد الفتاح ومحمود شريف وحاج نور..
واروك طون والزبير وعبد السلام سليمان سعد ..
استاذي الجليل عطر الله ذكره ذلك الزاهد الورع ...
"وهاك من دار جعل .. وقول لي جون جبنتك جاهزة .. "
وسحور همشكوريب ..
وتحرير الكرمك ورمبيك .. وهذا التاريخ العريض..
يعصف بالخيال ..
وفجاة اصحو من غفوتي ..
وتصعب عندها المقارنة ..
بين من يري ان الكأس فارغ الي نصفه ..
ومن يري انه ملئ الي نصفه ..
وتتوه احلامنا واحلامك ياوطن ..
بين الجنجويد والجلابة والجانقي والمندكرو
"ويا مسافر جوبا..
وداير روحك تفرحا .. وتنسي همومك روّحا"
وجبل الرجاف زيو ما بنشاف .. "
وينصر دينك ياالنور الجيلاني ..
وأوعي تنسي هي سحر الجنوب في يي ...
وكادقلي الجميلة .. تضحك لو تزورا ..
وتصدح لك طيورا.. وتفتح لك زهورا
وما بين زهرة باشة .. وامطار ديمه راشة ..
وبي رقة ولطافه تحتضنك فراشة..
فكانت تلك اجمل كلماتي في ربوعك يا وطن ..
وليس من رأي كمن سمع ..
وفي سوني بي غرب الجبل .. تشعر كأنك جوة جنة ..
جنة تحفها سبحة منظومة من الخضرة ..
كسبحة الرائع خليل إسماعيل رحمه الله ..
جبل مرة ..
جبل خليل ابراهيم ومناوي وعبد الواحد ايضا ..
وجبل الفن والفنانين وابو العركي البخيت ..
"وقوليهم شفنا جبل مرة ... وعشنا اللحظات حب ومسرة .."
ويا نيرتتي ما أجمل اللحظات فيك يا نيرتتي ..
والعمر لحظة أن اردت حسابه .. هو ساعة امضيتها في نيرتتي ..
وكانت تلك الأبيات نفحة من أشعارى .. التي كتبتها في جبل مرة ..
وذكري اهازيج وجلالات قيقم وشنان ..
ونبتة حبيبتي وسفر الجفا ..
والمهدي في ضواحي الخرطوم ..
وتمضي سنواتك يا وطن .. مليئة بالحرب والسلام ..
والصمت والكلام ..
وتتقلب أيامك بين حرية الاحزاب .. وديكتاتورية العسكر ..
وبين الاحزاب المتعددة .. والحزب الواحد ..
وبين الديمقراطية والشمولية ..
ديمقراطية يعايشها الصادق المهدي ..
بعقلية كأن شعبه ..يتمتع بثقافة الغرب ..
وبمفهوم ومنطوق..
" إن قضايا الديمقراطية لا تعالج إلا بمزيد من الديمقراطية "
ديمقراطية لم يفهمها شعبك اخي الصادق الامين ..
فخرجت متخفياً بخطة "يهتدون" ..
وتأتي بعدها شمولية .. تري وتنظر بمنظور آخر
فلا نفعت هذه و لا نجحت تلك ..
وتتأرجح حالتك .. وصحتك واقتصادك يا وطني العزيز ..
بين ... رجل افريقيا المريض .." وسلة غذاء العالم "..
"وسلت روح العالم "..
والتوجه الحضاري ..
وبين زخم التصنيع والنهضة الزراعية ..
"النهضة الزراعية" وما زالت الخرطوم ..
تصدر البيض والطماطم والجرجير..
من مزارعها إلي كل ربوع السودان ..
الى الشرق..والغرب والجنوب..
وإلي الشمال ... مع الزبادي ولبن السعودية المعلب !!
السعودية التى قال عنها ابوداوود :
"كبارى بلا بحر ولبن بلا بقر"
تصدر لنا .. الزبادي و الحليب ..!!
ليأكل ويشرب منه أهل الشمال بعد أن هجروا الزراعة ..
ورحم الله الزعيم محي الدين مكي ..والمعطون بحبك يا وطن
والذي كان يحلم بتوطين القمح في الشمال ..
وبين زراعة القمح وخبز الافران ..
الذي تسابق أسعاره عقارب الساعة ..
وعجبت لمن وقف متحدثاً ومعقباً ..
في احدي ورش العمل وهو ينادي:
"يجب ان نفكر بجدية في تفعيل السياحة بمنطقة الدبة ..
لأن الزراعة اصبحت طاردة لأهل منحني النيل " ..
هكذا قال وقد صدق ..
لك الله يا وطنى ..
إن كانت الزراعة أصبحت طاردة لأهل منحني النيل ..
وورش العمل "العلمية"
توجههم بالاتجاه نحو السياحة .. اسوة بمصر ..
مصر التي إنتاجية الفدان فيها تقارب إنتاجيته بأمريكا وتزيد ..
مصر التي يأكل كل مواطنيها الخضر والفاكهة كل يوم ..
ويشرب أطفالها اللبن الحليب صباح ومساء ..
لك الله يا وطني وأنت تشغل باخبارك وكالات الانباء ..
وقنوات العالم الفضائية ..
وشاشاتها تمتلئ بصور شتى..
تارة بتحرير المدن.. وتارة بتهديدات اوكامبوا ..
وتارة أخري بتصريحات وطموحات عبد الواحد وخليل ..
وما زلنا نردد يا وطني ..
".. يا وئام يا محبة ... ويا سلام يا محبة .."
" وبرافو عليك " وصوتك الدافئ أيها الرائع كمال كيلة ..
فكم غنيت للوطن .. والتحية عبرك ..
للرائع والراحل إسماعيل حسن ..
اروع من غني لك يا وطني ... وأعزّ أهلك .
" ديل أهلي" البقيف في الدارة .. وسط الدارة ..
وإتنبر وأقول للدنيا .. كل الدينا .. ديل أهلي ..
وديل قبيلتي لما أدور أفصل للبدور فصلي ..
وتصوّر كيف يكون الحال .. إذا ما كنت سوداني ..
وأهل الحارة ما أهلي .. تصوّر .. !! "
"والله كولن كولن " .. " وصابحني دايما مبتسم .."
ودبايوا يا وطني .. "ومالا .. ومال مقوا "..
"وقطر جابوا من واو .. وأنا مبسوطي "
ومن سيغنى لنا بعدكم هذه الاهازيج.. ؟!
يا ملوال ودينق وتعريفة .. وتور كبير ..
اهازيج نفيركم وأنتم تصبون "الخراصانات ..
لاسقف العمارات واعمدتها بالخرطوم ..
والتي شيدتها قوة سواعدكم الفتية ..
وهل من بعدكم ..
سوف نستخرج تاشيرات الدخول و(الفيّز) لإستقدام العمالة ؟!
لكم ولغيركم لبناء الوطن وسدوده وعماراته ؟؟
وغدار.. دموعك ما بتفيد .. .في زول حواسّه اتحجرت ..
جرّب معاك كل السبل ..وايديه ليك ما قصرت ..
ورحم الله المبدع مصطفي سيد احمد ..
وعم عبد الرحيم ..
وهو يحمل كل هموم الدنيا علي رأسه ..
ويحث حماره علي المسير ...
حتى داهمه القطار ...
والتحية لمحمد الحسن حميد ..
"ونورة شافت في مناما.. طيرا تأكل في جناها .. "
"وحيطة تتمطي وتفلع.. في قفي الزول البناها .. !!"
ويالروعة وابداع مبدعيك يا وطني ..
والسؤال الذي لا أحتمل إجابته ..
هل يا تري سيقوى المشرط مقسماً لكيكة السودان .. ؟؟
في العقد الأول من شهر يناير 2011م ..
وهل سيحتمل جسدك يا أيها السودان الرقيق رقة جماع وانت السماء ..
حدة ذلك المشرط .. ؟؟ هل تحتمله!؟ وهل يتجرأ المشرط علي ذلك؟؟
ونحن معشر الشعراء لا نقوى علي تشريح زهرة ..
بمعامل الجامعات اخي مختار دفع الله ..
فكيف نحتمل أن نراك ُتمزق وتُقسم يا وطني الحبيب .. ؟؟!
واصوات تعلو صادقة .. " الجفلن خلهن اقرع الواقفات " ..
"وابني عشك يا قماري .. قشة قشة " ...
"وعلمينا كيف علي الحب دارنا تنشئ "...
وكم يعز علي الجسد المعلول والمشلول فراق عضو منه .. ؟؟
اجل مهما كان دوره سالباً .. لن يرضى فراقه..
هكذا احساسنا بذهابك .. يا جنوب يا عزيز .. يا غالي ..
وبرغم جسامة وعظمة الحدث ... وجلال الموقف ..
يقيني يا سودان في حب الجميع لك ..
ولا نشك في أن العين ستدمع ..
والقلب سيحزن وإنا لتقسيمك يا سودان لمحزونون ...
وكم يعز علينا ترابك ..
ونحن لا نفرق بين ذراته اينما كانت يا وطنى ..
ان كانت في جوبا أو في حلفا او نيالا .. أو فاشر زكريا ..
كلهم اهلي .. وأنت بلادهم وبلادي ..
وبعد ذهاب الجنوب ..
أين ستكون حدودك الجنوبية يا وطني .. ؟؟
هل هي كوستي ؟؟..أم النيل الازرق أم ابيي ؟؟
ابيي التي صارت كمسمار جحا ..!! ..وحلايب اخري ..
أبيي بأهلها الرحل شمالاً وجنوباً ...
أشجع الفرسان العرب..
ولا احد يدرى كيف سيكون التعايش ..
بين الاخوين الجارين غداً.. ؟؟
وبين فلسفة التكامل وجغرافية الحدود ..
وبين خريف الشمال وموسم الهجرة الي الجنوب ..
وبين حرارة الصيف وزمهرير الشتاء ..
وبين التداخل والانفصال ..؟؟
وهاهو العام الجديد يطل برأسه الاغبر ..
وتتلاطم فيه قبل الانفصال .. امواج الغلاء ..
وتتداخل بالجانب الاخر اطراف المعادلة الصعبة ..
وتتشابك خيوطها ..
ويصبح الوطن الجاذب طارداً ..
ولا ندري حينها هل هو مربعه الاول ام الاخير ؟ !..
ويطل يناير والرأس مشحون ..
بهموم العيش وكفاحه المرير ..
خمسون عاما وأنا احمل الطبشيرة ..
اعلم الأجيال . . خرجت الألوف ..
من حملة البكلاريوس ..
الي حملة الماجستير والدكتوراه ..
وها انذا .. اعجز اليوم يا وطني ..
عن مواجهة نفقات العيش فيك ..
وتعليم أبنائي .. وقُوتهم وعلاجهم .. !!
خمسون عاما وأنا امتهن اشرف المهن ..
واعجز ايضا ...
وانأ أعطيت ما استبقيت شيئا ..
ولكن الي من تشتكي عنت الليالي ..
الي العباس ام عبد الحميدا ؟!
لك الله يا وطني ..
ولكل المستضعفين فيك ..
وهم يحترقون صباح مساء بلهيب أسواقك ..
وهم المهمشون في دروب الحياة ..
وهم فرسان الحياة ..التى حولت بعضهم الى شماسة
وطني لو شغلت في الخلد عنه ..
نازعتني إليه في الخلد نفسي .. ورحم الله أمير الشعراء ..
لك الله يا وطني ..
وأنا اعشق رباكا ..وانا اعشق سهولك ..
وأنا حامى حماكا..
كيف ارحل.. كيف امضى ..؟!
وأنا ادمن ثراك..كيف بالله سامضى ..؟!
كيف يرحل مبدعوكا..؟!
فأعنّي .. لست أدري ؟!

***
يناير 2011م
د .زكي مكي إسماعيل
جامعة النيلين
Professor Dr. Issam A.W. Mohamed, +249122548254. Khartoum, Sudan


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.